علي عبد الأمير

حين يتكرر تنفيذ عمليات القتل العلنية التي ينفذها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" بوصفها عقوبات طبيعية تفرضها "الشريعة الاسلامية"، ودائما في الميادين العامة للمدن التي يفرض سيطرته عليها في العراق وسوريا، فإنها تصبح "مشهدا روتينيا بالنسبة لأهالي تلك المدن بما في ذلك الأطفال، وهو ما ينذر بعواقب مأساوية".

هذه ما تلفت إليه، قصة صحافية نشرها موقع " vocative "، ترسم صورة لحدث "إعدام رجل اتهم باهانة الإسلام" في مدينة حلب السورية، لتتكوم جثة القتيل بالقرب من طفل بالكاد يبلغ الثالثة من العمر.

لم يكن المشهد بعيداً عما حملته مئات الصور للعقوبات العامة والإعدامات التي نفذت من قبل مسلحي التنظيم الإرهابي. وفيها يكون الأطفال بين المتفرجين، بما يعزز قيم العنف بينهم ويجعلها قيماً طبيعية، وصولاً إلى تأثيرها في تكوينهم العقلي والنفسي مما يسهل اندماجهم في التنظيم وعملياته، وبالتالي توفير أعداد لا تنتهي من المقاتلين الموالين له.

محاولة لخلق جيل من القتلة

إن وجود عشرات الصبية الصغار بين حشد كبير تجمع في حي بمدينة الموصل العراقية لمشاهدة  مسلحي "داعش" وهم يرجمون رجل متهم بالزنى حتى الموت،  كما أن وجود فتية ومراهقين بين حشد مماثل كان يتابع إعدام رجل في مدينة الحسكة السورية اتهم بالإساءة إلى السلام، يجعل من هؤلاء الشهود جسراً طبيعياً إلى مستقبل يمكن أن يكون دموياً إن لم يسيطر عليه، حتى وإن كانت الفرصة قائمة لإنهاء وجود التنظيم في تلك المناطق على المدى المنظور.

وفي حين يقول محللون إنه ليس واضحا دائما كيف يجبر الأطفال على حضور عمليات الإعدام، يقول شهود إن تنظيم "داعش" أغرى الأطفال بحضور تلك العمليات بتوزيع بعض الحلوى أو اللعب. إلا أن الأخطر، وهو المعلن والمؤكد، هو في تجنيد الصبية والأطفال لتنفيذ عمليات الإعدام بأنفسهم.

ألغام عربية واسلامية

وإذا كانت الظاهرة استدعت دق جرس الخطر من قبل باحثين وعلماء نفس ومختصين بالإرهاب في غير عاصمة غربية، إلا أن من هم الأكثر تأثراً بالأزمة ونتائجها الراهنة والمستقبلية، أي الحكومات والمجتمعات والمؤسسات العربية والاسلامية، لم يقدموا أي قراءة جدية لما يعنيه مستقبل عنيف بل دموي، يمثله هؤلاء الذين اعتادوا منظر الرؤوس الآدمية وهي تتدحرج بين أقدامهم، وهو يجعلهم أكثر تقبلا لارتكاب أعمال العنف في وقت لاحق إن لم يتم تطهير عقولهم من هذه الأفكار.

 *الصورة: مشاهد الدمار والقتل أصبحت مألوفة للأطفال في المدن التي يسيطر عليها تنظيم "داعش"/وكالة الصحافة الفرنسية

مواضيع ذات صلة: