بقلم علي عبد الأمير:
تواصل استهداف الشيعة في السعودية، مثلما واصلت تلك الاقلية إحياء مراسم عزاء الإمام الحسين (الأيام العشرة الأولى من محرم)، في رد على اعتداءات تبناها تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" وتسبب أكبرها يوم الجمعة، 16 تشرين الأول/أكتوبر، بمقتل خمسة أشخاص قرب حسينية في محافظة القطيف شرق البلاد.
وكان شخص يحمل سلاحا من نوع رشاش بالقرب من "حسينية الحيدرية" بمدينة سيهات في محافظة القطيف، ما لبث أن شرع بإطلاق النار عشوائيا على المارة في محيط المكان الذي تجمع فيه العشرات ممن كانوا يحيون مقتل الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، مما أوقع خمسة مواطنين قتلى بينهم امرأة وإصابة تسعة آخرين، لتقوم دورية أمنية في الموقع بإطلاق النار على الرجل وقتله، بحسب بيان للسلطات السعودية التي كشفت أن المسلح شاب في العشرين من العمر.
وقال جعفر العباد، أحد أفراد عائلة بثينة (22 عاما) والتي قتلت في الحادث، لوكالة الأنباء الفرنسية إن "العائلة فخورة باستشهاد ابنتها فداء لدينها". وأضاف أنها كانت "على وشك أن تصبح طبيبة، لكنها ماتت شهيدة، وهذا أفضل".
وقال حسين النمر، أحد سكان سيهات، لوكالة "فرانس برس" إن حادثين مماثلين وقعا في منطقة سيهات مساء الجمعة من دون أن يؤديا إلى سقوط ضحايا. موضحا أن "رجال أمن من المتطوعين الشيعة يراقبون الأشخاص الذين يدخلون الحسينيات منذ بدء عاشوراء".
وتبنى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الهجوم في بيان أصدره على إحدى صفحاته في موقع "تويتر".
ومنذ ايار/مايو الماضي، تم تعزيز الاجراءات الأمنية حول المساجد الشيعية، بعدما استهدف هجومان انتحاريان نفذهما تنظيم داعش اثنين منها، ما أسفر عن سقوط 25 قتيلا. وخلال احتفالات عاشوراء العام الماضي، قتل مسلح بالرصاص سبعة من المصلين الشيعة بينهم أطفال في قرية الدالوة في محافظة الإحساء في شرق السعودية.
نحو تجريم التمييز الطائفي
وفيما ينشط مدونون وكتاب من المنطقة الشرقية في السعودية التي تسكنها غالبية شيعية في انتقاد السلطات الحكومية ويتهمونها بالتمييز الطائفي على طريقة ويطالبون بـ "قانون يجرم التمييز الطائفي"، فإن باحثين سعوديين وعرب وأجانب يحذرون من أن ضرب الشيعة في السعودية هي ورقة "داعش" الرابحة، عبر استخدام الصراع الطائفي لتقديم نفسه كصاحب حظوة كبيرة بين الاغلبية السنية، ومدافع عن "أصولها وثوابتها الدينية والشرعية" وسط اجواء من التشدد الفكري والتطرف الديني.
وهذا ما حذر منه الباحث السعودي في الشؤون الشرعية والتأريخ، الشيخ حسن فرحان المالكي، في لقاء سابق مع موقع (إرفع صوتك). وقال المالكي "تمدد تنظيم الدولة الإسلامية داعش خليجيا، وارد في ظل غياب أي مراجعة نقدية حقيقية للأفكار الأساسية التي يستمد منها التنظيم الإرهابي مبرراته الدينية والشرعية، ألا وهي الوهابية الممثلة للسلفية الاولى".
وبشأن العمليات التي نفذها تنظيم داعش في ضرب "الغرف الداخلية" لمجتمعات دول الخليج، أي المراكز الاجتماعية والدينية للشيعة في السعودية والكويت، في محاولة لنقل الصراع الطائفي إلى تلك الدول وصولا إلى اضعافها من أجل سرعة إسقاطها وبسط التنظيم الإرهابي نفوذه عليها، يقول الشيخ المالكي:
*الصورة: رجال أمن سعوديون يقومون بتفتيش المشاركين في إحياء ذكرى مقتل الإمام الحسين قبل دخولهم إلى إحدى الحسينيات في القطيف/وكالة الصحافة الفرنسية