بغداد – بقلم ملاك أحمد:
عندما لجأت الحكومة إلى حجب مواقع التواصل الاجتماعي في جميع المحافظات العراقية لأول مرة في حزيران/يونيو من العام 2014 ، ولعدة مرات بعد ذلك، بدت الأمور غير واضحة. فتارة يُصرّح أنّ الحجب يأتي لدواع أمنية وطنية، وأخرى للحدّ من الجرائم الالكترونية.
لاقى الحجب قبولاً لدى البعض، خاصّة بين المسؤولين وغيرهم من غير المتابعين لمواقع التواصل الاجتماعي أو غير المهتمين بها. لكن في نفس الوقت، وُجهت اعتراضات شديدة من العارفين بما يجري خلف الكواليس، ومن هؤلاء الشباب والمدونين والناشطين والإعلاميين.
قام هؤلاء الشباب بحملات كبيرة لكسر حجب مواقع التواصل الاجتماعي عبر برامج الكترونية رُوّج لها بسرعة مذهلة بين مستخدمي هذه المواقع، وأخرى عبر تحذيرات شديدة اللهجة ضد الذين يشجعون على تضييق الحريات وتكميم الافواه وإقصاء الرأي الأخر.
خطوة غير عملية
يقول المدون حمزة سلام لموقع (إرفع صوتك) إنّ "حجب مواقع التواصل الاجتماعي من الحكومة العراقية بحجة الدواعي الأمنية كان خطوة غير عملية، لأنّ هذه المواقع شكّلت ساحة لنا نتصدى عبرها لحملات تنظيم الدولة الاسلامية داعش ومحاربته من خلال نشر المعلومات أو الأخبار أو الصور التي تهدد وجوده وامتداده".
ويشير سلام إلى أنّ "الذين يستخدمون هذه المواقع من الشباب تبنوا قضية كسر حجب مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال استخدام برامج رفع الحجب عن صفحاتهم في الـفيسبوك، كونها صوتهم الأكثر تأثيراَ وتعبيراً تجاه الاوضاع الحالية".
خشية من الثورات
أما الناشط في مواقع التواصل الاجتماعي علي خير الله، فيعتقد أنّ الحجب بعد المرة الأولى الذي كان بدوافع أمنية "هدف في مرات عديدة تلت إلى تضييق الخناق على كلّ من ينشر انتقاد أو رأي في صفحته الخاصة بهذه المواقع ضد السياسات الخاطئة التي تتبعها شخصيات حاكمة في الدولة".
ويتابع في حديث لموقع (إرفع صوتك) "غالبية المهتمين بمواقع التواصل الاجتماعي هم من شريحة الشباب المهتمين بنشر آرائهم وأفكارهم خاصة بعد ثورات الربيع العربي. لذا نجد أنّ محاولات عديدة لحجبها من الحكومة أتت خشية من تصدير هذه الثورات واستنساخ تجربتها من جديد في العراق".
حل للوزارات؟
فيما يرى الناشط حسين عبد الكاظم أنّ حجب مواقع التواصل الاجتماعي في العراق "صار بمثابة الحل الأمثل لبعض الوزارات أو الجهات الحكومية في حال عدم قدرتها عن حل مشكلة تواجهها". ويقول "تجد الحكومة نفسها عاجزة، فتحجب مواقع التواصل الاجتماعي".
ويقول عبد الكاظم لموقع (إرفع صوتك) إنّ "قرارات الحجب لن تمنع الشباب من المطالبة بالحقوق، ولن تقف بطريقهم في تدشين الحملات والتظاهر من أجل تغيير الأوضاع السيئة التي يعاني منها الفرد العراقي".
انتكاسة لحرية التعبير
من جانبه، ينتقد رئيس الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين الناشط ابراهيم السراجي، في حديث إلى موقع (إرفع صوتك)، حجب مواقع التواصل الاجتماعي، موضحاً أنّه "من ضمن القرارات الفردية التي لا تستند على شرعية دستورية أو قانونية".
ويشير السراجي إلى أنّ "حجب مواقع التواصل الاجتماعي يشكل انتكاسة لحرية التعبير واستخدام وسائل الاتصال والانترنت".
ويضيف "قانون استخدام الانترنت الذي يطالب البعض بسنّه أو إقراره اليوم، ربما سيساعد الجهات الحكومية أكثر في تقنين استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن تضييق حريات التعبير لمدونين وناشطين في هذا الشأن“.
*الصورة: إمرأة تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659