المغرب – بقلم زينون عبد العالي:

كانت وسائل التواصل الاجتماعي أرضية انطلاق لاحتجاجات أصحاب "الوزرة البيضاء"، من طلاب الطب والأطباء الداخليين والمقيمين في المغرب، بعد تقديم وزير الصحة في أبريل/نيسان الماضي مسودة قانون الخدمة الصحية الوطنية الإجباريةالذي اعتبره المعترضون "مجحفا" بحقهم.

التنسيق افتراضياً

مباشرةً بعد إعلان وزير الصحة عن عدم رغبته في الغاء المشروع، انتظم الطلبة الأطباء في تنسيقيات تشكلّت في كليات الطب السبع بالمغرب، كمرحلة أولى، لتنتقل إلى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أنشأت صفحات ومجموعات على موقع "فيسبوك"، تمّ من خلالها عرض مطالب المحتجين وتعريف عامة المغاربة والعالم على قضيّتهم، بالإضافة إلى التنسيق فيما بينهم حول مخططات عملهم.

واحتدم الجدل بين المحتجين والوزارة من جهة، وبينهم وبين عدد كبير من المغاربة الذين اتهموا المحتجين بالتهرّب من أداء مهمتهم في العمل في المناطق النائية في المغرب، وهو ما ردّ عليه "أطباء المستقبل" بأنّهم وطنيون ويخدمون المواطن المغربي في أي مكان، لكن في إطار ضمان حقوقهم وليس الإجبار.

"فيسبوك".. حلبة صراع

سياسية شدّ الحبال التي انتهجها طرفا الصراع في القضية، كانت وسائل التواصل الاجتماعي مسرحاً لها، إذ لجأ المحتجون إلى موقع "فيسبوك" لتسجيل مواقفهم من المسودة. وردّ عليهم وزير الصحة بدوره عبر هذه الوسائل وعبر الصحافة، ليدخل الاثنين في صراع إثبات الأفكار واستقطاب المؤيدين لها. وهو ما حوّل صفحات "فيسبوك" إلى حلبة صراع بين الطرفين.

وفي هذا الصدد تقول كوثر بوستاتي، 25 عاماً، وهي طالبة في كلية الطب والصيدلة بمراكش، لموقع (إرفع صوتك) "وسائل التواصل الاجتماعي كانت بمثابة الحاضنة الأوحد لثورة السمّاعة الطبية.. إذ من خلالها تمّ نشر الأفكار والمقترحات وخطط العمل".

وتضيف كوثر "لقد حرّرت هذه المواقع الأطباء من قيود الرقابة وأحدثت ثورة ضدّ الإقصاء، وبرز دورها بشكل كبير وأصبحت خيطاً رابطاً بين القمة والقاعدة، ومن خلالها تسهّل التنسيق والإحاطة بكل المستجدات".

الفيسبوك عرّف بقضيتنا

من جهة أخرى، يقول حاتم لبرش، 26 عاماً، وهو طالب بكلية الطب والصيدلة في الرباط، إنّ "وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في إيصال قضيتنا إلى الرأي العام والسياسيين والتنسيق بين الطلبة وممثليهم".

وهو الرأي الذي تشاطره فيه زميلته في الكلية صفاء عاقيل، 27 عاماً، التي أكّدت أن وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة "فيسبوك" لعب دوراً مهما في نجاح ثورتهم، "لأنّها ساهمت في التعريف بقضيتهم ونشرها في الأوساط التي لم تكن على علم بها".

أما فيصل سرو، 27 عاماً، الطالب بكلية الطب والصيدلة بالرباط، والذي سبق وأن اعتقلته قوات الأمن المغربي عقب مشاركته في مظاهرة بكلية الرباط، فيقول إنّ موقع "فيسبوك" كان بمثابة النافذة التي يتم تداول جميع المعلومات المتعلقة بمعلوماتهم، وساهم في تأطير الطلبة والإعداد لخطط عملهم".

الطلبة الأطباء استغلوها بذكاء

وتعليقاً على دور وسائل التواصل الاجتماعي في إنجاح الحركات الاحتجاجية  في المغرب، من خلال تسخيرها كوسيلة للضغط على الحكومة، يقول ميلود بلقاضي، أستاذ التواصل السياسي بجامعة محمد الخامس بالرباط، في تصريح لموقع (إرفع صوتك)  إنّ "وسائل الاحتجاج بالمغرب عرفت تطورا مهمّاً، خاصّة مع الانتشار السريع لوسائل التواصل الاجتماعي. والملاحظ أن شباب الوطن العربي والمغربي على الخصوص أصبح يعتمد هذه الآلية التواصلية في كل الاحتجاجات والمطالب التي يرفع شعاراتها. وبخصوص قضية طلبة الطب، فقد استغلوا هذه الوسائل بكيفية ذكية، لنشر المعلومة وتنظيم الوقفات، وتمرير الرسائل التي اتفق جولها في التجمعات".

لا رقابة على وسائل التواصل الاجتماعي

ويضيف بلقاضي "معلوم أنّ وسائل التواصل الاجتماعي لا يمكن أن تُراقَب من قبل أي جهاز، ومن هنا يمكن القول إن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تؤثر في الرأي العام، وصناعة القرار السياسي، كما أصبحت وسيلة جماهيرية يجب الأخذ بعين الاعتبار تداعياتها في كل احتجاج أو مظاهرات".

وصنّف تقرير حديث لمؤسسة (فريدم هاوس) حول  "المؤشر العالمي لحرية الإنترنت" لسنتي 2014 و 2015 المغرب في خانة الدول "الحرة جزئياً"، حيث لم يسجل التقرير أي مضايقات قامت بها الدولة المغربية في حق الناشطين في عالم الشبكة العنكبوتية.

*الصورة: كانت وسائل التواصل الاجتماعي أرضية انطلاق لاحتجاجات أصحاب "الوزرة البيضاء"/Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة: