بقلم علي عبد الأمير:

يحمل الكاتب والمحلل الاستراتيجي الأميركي دافيد اغناشيوس، مجهره المعلوماتي والسياسي ليفحص ما بدا "لغزا" في أحيان و"نظرية مؤامرة"، إنه السؤال القديم: كيف أصبح تنظيم "الدولة الاسلامية" أو "داعش" قوة فاعلة في الشرق الاوسط؟

وبعد أن عرضنا لبحث اغناشيوس في الجذور العراقية لـ"داعش"، نعرض اليوم للدروس التي يمكن استخلاصها من صعود التنظيم  في العراق والحملة عليه، ومن تلك الدروس:

*كانت العمليات البرية والجوية لمكافحة "داعش"  ناجحة عندما تم إطلاقها من المناطق ذات الموارد البشرية الغنية والتخطيط القوي والمقاتلين المدربين تدريبا جيدا فضلا عن الإيمان بالمواجهة ومصيريتها.

* كان إقليم كردستان العراق مثالا واضحا على أهمية وجود "منطقة آمنة وموارد بشرية مدربة جيدا على المواجهة"، ومنه انطلق مقاتلو البيشمركة التابعون للحزب الديموقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني لمواجهة "داعش" واستعادوا منه سد الموصل الحيوي، والذي كان حتى خريف عام 2014 في أيدي التنظيم.

* انتشرت ميليشيا "الاتحاد الوطني الكردستاني"(حزب طالباني)، في مناطق كركوك الشمالية، على الرغم من أن هناك قلقا متزايدا بين الأكراد... والأميركيين، أنهم يأخذون الأوامر من إيران و"فيلق القدس" التابع لها. وبالمثل، فقد كانت الميليشيات الشيعية، تحت إشراف إيراني أيضا، وأبلت بلاء جيدا في الدفاع عن بغداد.

*تبقى مشكلة خلق قوة سنية يمكن لها أن تساعد الجيش العراقي في طرد "داعش" من الموصل والفلوجة والرمادي ومن ثم استعادة الأرض منه. سيكون لهذه القوة أن تعمل انطلاقا من قاعدة آمنة لا مجرد قاعدة لوجستية، ولكن على قاعدة من الثقة، والذي يشعر معها السنة أنهم يقاتلون من أجل جزء من عراق سيكون لهم حق فيه. سفير العراق لدى واشنطن، لقمان عبد الرحيم الفيلي، قال لي أنه يفضل "تغييرات دستورية من شأنها خلق نوع من الفدرالية العراقية تعطي السنة حق المشاركة في إدارة اللعبة، عبر جعل العمل في العراق، لا مركزيا".

ربما "داعش 2"  و"داعش 3"؟

*غياب هذا العنصر السياسي الضروري (تمكين السنة)، فإنه من الصعب أن نتصور كيف يمكن للاستراتيجية الأميركية الحالية ضد "داعش" أن تعمل بنجاح. القوة العسكرية الأميركية قد تدفن "ورثة الزرقاوي" تحت الأرض، ولكن من دون تمكين السنة، فإن المتمردين سيعودن على شكل "داعش 2"  و"داعش 3".

*من الواضح الآن أن "حل 80 في المئة من العراقيين" (الشيعة والكرد)، هو الطريق المختصر لتقطيع عنيف لأوصال العراق. وإذا كان هناك بعض التوازن السياسي الجديد الذي يسمح السنة لحكم أراضيهم، فإننا يمكن أن نغلق الطريق أمام تحقيق ما حذر منه نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق، جون ماكلوغلين، في قصة نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" ويقول فيها إن " تنظيم "داعش" يمكن أن ينتصر فالشر لا يهزم دائما".

*الصورة: سد الموصل: كان  حتى خريف عام 2014 في أيدي تنظيم داعش/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة: