أربيل – بقلم متين أمين:
ربما يكون أسوأ ما في الطائفية كونها تجرّد الكثير من الأشخاص لوعيهم بالجوانب الإنسانية التي يتقاسمونها، لتنسيهم أنّهم والآخر "متشابهون". هذا الوعي ليس منتشراً بين الجميع، وهذا ما ظهر من خلال إجابات بعض الأشخاص على السؤال الذي طرحه موقع (إرفع صوتك): "هل أنت طائفي؟".
لا أثق بالسنّة
يؤكّد المواطن صاحب جاسم، شيعي من بغداد، أنّه "طائفي". ويقول "ليس من العيب أن أكون طائفياً، فما تعرّضنا له نحن الشيعة من ظلم على يد نظام صدّام دفعنا إلى أن نكون طائفيين".
ويرى صاحب في حديثه لموقع (إرفع صوتك) "الحلّ الوحيد اليوم ليعيش العراقيون جميعهم بسلام هو أن تدير كل طائفة مناطقها بنفسها. فأنا كشيعي لا أثق بالسنّة ولا أثق أنّ حكومة سنيّة يمكنها أن تحافظ على حياة عائلتي وكرامتي".
ويؤكد صاحب "بكل صراحة، لا يمكنني العيش في مناطق ذات غالبية سنيّة، لأنّي كنت في منطقة سنيّة في بغداد وتمّ تهجيرنا من قبل السنة. ما الضامن أنّ ما حدث سابقاً لن يتكرّر غداً؟".
ليذهب كلّ منا في سبيل حاله
المواطن بكر الحمداني، سنيّ من الموصل، يريد، كصاحب، أن يعيش متقوقعاً على طائفته. يقول لموقع (إرفع صوتك) "أنا طائفي ولا أرغب بالعيش مع الشيعة في بلد واحد".
ويضيف "الإقليم الكونفدرالي العربي السنّي في العراق هو الحل اليوم لحقن الدماء بين الطائفتين. كلّ منا سيذهب بحال سبيله ولا داعي لاستمرارنا في بيت واحد نحن أعداء فيه. لنقسّم هذا البيت إلى ثلاث أقاليم كونفدرالية ليعيش أبناؤنا بسلام".
لست طائفياً، لكن..
أما وليد حسين، سنيّ من محافظة الأنبار، فيقول لموقع (إرفع صوتك) "بعد ما شهدناه في الأنبار، تبينت لنا معادن العراقيين، من حيث من إستقبلنا نحن أهل الأنبار ومن رفض استقبالنا. من المفروض أن تحتضن العاصمة كلّ العراقيين، لكن مع الأسف لم نستطع المكوث فيها بسبب المليشيات الموجودة فيها والتي تحتضنها الحكومة المركزية".
نزح وليد مع عائلته من محافظة الأنبار بعد سيطرة الجماعات المسلحة على مدن كثيرة فيها، ووصلوا إلى بغداد. لكن "تعرّضنا للقتل والتهديد في بغداد" يقول وليد. "وعلى رغم الصعوبات التي واجهناها للوصول إلى العاصمة، لم نستطع البقاء فيها إثر التهديدات، لإنّ ايران لا ترغب بوجود السنة في بغداد، أنا لست طائفياً لكن الطائفة الشيعية هناك عاملتنا بطائفية".
بعد ذلك، اضطر وليد إلى الرحيل إلى إقليم كردستان بحثا عن الأمان.
"أنا أحب العراق وكل العراقيين"، يؤكد وليد. "والدليل أنّي حين تركت الأنبار، لم أترك البلد بل لجأت الى بغداد وإقليم كردستان. لطالما كانت الأنبار حضناً لكل العراقيين. فأنا لا أحب أن أقول أنا سنّي بل أقول أنا عراقي".
الخوف من العيش في مناطق مختلفة عن الطائفة التي ينتمي إليها المواطن يبدو مشتركاً بين السنّة والشيعة، إذ يقول وليد "في الوقت الحالي، لا أرغب بالعيش في المناطق الشيعية لأنّي لا أستطيع التأمين على حياتي.. وهنا لا أشير إلى العراقيين الوطنين، بل أولئك الذين جاؤوا من خارج العراق لتطبيق أجندات خارجية تدعمها إيران. نحن لا نريد قادة طائفيين في بغداد بل نحتاج إلى قائد يقودنا دون أن ينحاز إلى طائفة دون الأخرى".
الجميع طائفيون
"الجميع طائفيون في العراق ولا أحد يستطيع أن ينكر الأمر"، هكذا يتحدّث عبد الخالق عمر، مواطن سني من العاصمة بغداد. "لا يستطيع أبناء الطائفتين الإندماج مع بعض في مجتمع واحد، فكِلا الطرفين بعد 2003 والقادة السياسيون الذين حكموا هاتين الطائفتين إرتكبوا الكثير من الأخطاء. لكن هذا لا يعني أن الصراع الطائفي في العراق شيء جديد بل كان موجودا قبل عام 2003 أيضاً".
وعن إمكانية العيش في منطقة تتواجد فيها طائفة غير طائفته، يقول عبد الخالق "أقبل بالعيش في المناطق الشيعية إذا توفرت فيها مقومات العيش الأساسية، ومن أهمها أن تكون هناك قوة أمنية ضابطة لجميع الجهات وأن تكون هناك سلطة للدولة وألّا يكون هناك تمييز عنصري طائفي وقضاء شرعي فاعل، وما يكفي من السمات والعناصر القوية لبناء مجتمع حديث".
شهدنا الويلات..
أمّا المواطن علي محمود، الذي ينتمي إلى الطائفة الشيعية ويعيش في محافظة ديالى، فيقول لموقع (إرفع صوتك) "للأسف، حالياً لا يوجد عراقي غير طائفي. وإن لم يكن طائفياً، فإنّه يميل إلى طائفته أكثر من الطائفة الأخرى. أنا شخصياً لديّ أصدقاء من كل الطوائف ولا أفكّر في هذا الموضوع أثناء التعامل معهم".
علي كذلك لا يعتقد أنّه بإمكانه العيش في المناطق التي يسكنها العرب السنّة في العراق حالياً "لأنّني لا أضمن فيها سلامتي وسلامة عائلتي".
ويضيف "متى ما تم ضمان السلم الاجتماعي، حينها يمكننا أن نتعايش. وهذا لن يتم بوجهة نظري لأن الوضع متأزم جداً".
*الصورة: "بكل صراحة، لا يمكنني العيش في مناطق ذات غالبية سنيّة"/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659