بقلم حسن عبّاس:
أعرب وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر، خلال كلمة ألقاها اليوم في المدرسة الحربية في العاصمة الفرنسية باريس، عن اعتقاده بأن "تركيا تستطيع فعل المزيد" لضبط حدودها مع سورية.
كلام الوزير الأميركي أتى بعد يوم من اجتماع وزراء دفاع سبع دول مشاركة في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، وهي: الولايات المتحدة الأميركية واستراليا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا.
وتعهّدت هذه الدول في اجتماعها، بتكثيف العمليات العسكرية ضد داعش والقضاء على مراكز قوته في العراق وسورية.
وأفاد كارتر أن "الخطة الميدانية التي ناقشتها مع وزراء الدفاع الآخرين تتحسن كثيراً إذا بذلت تركيا مجهوداً أكبر"، مؤكداً أن تشددها في مراقبة حدودها مع سورية "سيكون أمراً بالغ الأهمية".
ولفت وزير الدفاع الأميركي إلى أن "الحدود التركية تشكّل مكاناً يستطيع مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية عبوره ذهاباً واياباً، ويمكن لداعش أن يؤمّن عبرها الأمور اللوجستية".
مسؤوليات تركيا
الحديث عن الحدود التركية-السورية يُطرح كلما جرى نقاش كيفية القضاء على تنظيم داعش، وهو من أبرز النقاط التي تناقشها الاجتماعات الدولية الأمنية ومنها اجتماعات عقدها حلف شمال الأطلسي. وقال وزير الدفاع الأميركي إن الحدود التركية-السورية "طويلة وصعبة".
وكانت صحيفة الإندبندنت البريطانية قد أفادت أن الولايات المتحدة طلبت من تركيا، بعد هجمات باريس، إغلاق مسافة 60 ميلاً من حدودها مع سورية، وهي المساحة التي لا زال يستطيع داعش استخدامها ذهاباً وإياباً، وعبرها يمرّ العناصر الجدد الذين يلتحقون بالتنظيم.
وأشارت الصحيفة إلى أن "واشنطن رفضت زعم تركيا أنها غير قادرة على إغلاق هذه المسافة القصيرة".
ومنذ أشهر، تحدثت صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن توصل أميركا وتركيا إلى اتفاق سيُصار بموجبه إلى إزاحة مسلحي داعش عن الشريط الحدودي الذي يمتد بين مدينتي جرابلس وأعزاز السوريتين. وقدّرت الصحيفة طول الشريط بـ 68 ميلاً.
ويستمر داعش بجذب نحو مئة جهادي أسبوعياً، ويمرّ هؤلاء عبر الحدود التركية ليصلوا إلى مناطق سيطرته في سورية، وذلك حسب قائد العمليات في هيئة أركان الجيش الفرنسي، الجنرال ديدييه كاستر.
روسيا واتهامات لتركيا
وبعد الأزمة الأخيرة التي نشبت بين روسيا وتركيا، على خلفية إسقاط الأخيرة لطائرة روسية مقاتلة، صعّدت موسكو من اتهاماتها لتركيا بدعم داعش.
على سبيل المثال، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تركيا بأنها تمارس "لعبة مزدوجة" من خلال دعمها المتطرفين والتستر على الإرهابيين. وقال في كانون الأول/ ديسمبر 2015، إنه "لا يجوز أن نغمض عيوننا عندما تعمل أطراف ما كأعوان لتنظيم داعش، وتفتح الممرات لتهريب الأسلحة وتوريد النفط بطرق غير شرعية وتقيم روابط اقتصادية مع الإرهابيين"، داعياً إلى "ضرورة إغلاق الحدود التركية-السورية فوراً".
أميركا تمدّ يد المساعدة
نتيجة نقاشاتها مع دول التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، اتخذت تركيا خطوات عدّة للسيطرة أكثر على حدودها مع سورية. فقد نشرت 25 ألف جندي إضافي من قوات الجيش، في المنطقة الحدودية.
وكانت السلطات التركية قد أقامت جداراً عازلاً في منطقة الريحانية، في ولاية هاتاي جنوب البلاد، قبالة محافظة إدلب السورية، يبلغ ارتفاعه ثلاثة أمتار. وأكّد مسؤولون أتراك أن هذا الإجراء يهدف إلى منع الاعتداءات وتسرب المقاتلين عبر الحدود.
كما تقوم تركيا دورياً بالإعلان عن إيقافها أجانب يحاولون عبور حدودها للالتحاق بداعش.
ولكن يبدو أن هذه الخطوات غير كافية، بحسب إشارات مسؤولين في الدول الكبرى المعنيّة بالحرب السورية وبمكافحة الإرهاب.
لذلك، قرّرت الولايات المتحدة مساعدة تركيا في تشديد الرقابة على حدودها مع سورية. ونقلت وكالة (رويترز)، اليوم، عن مسؤولين أميركيين قولهم إن وزير الأمن الداخلي الأميركي، جيه جونسون، سيرأس في شباط/ فبراير المقبل وفداً من وكالات أميركية عدّة، وسيعرض على الحكومة التركية قائمة بتكنولوجيات يمكن أن تُستخدم في ضبط الحدود.
وأضاف المسؤولون أن قائمة المعدات الأميركية التي يرجّح أن تطرح على تركيا تشمل بالونات المراقبة وتكنولوجيا كشف الأنفاق.
ويبقى أن تركيا تخشى من أن تسيطر على الجانب السوري من الشريط الحدودي الذي يطالبها العالم بالتشدّد في ضبطه، مجموعات سورية مسلّحة معادية لها أو لا تدين لها بنوع من الولاء. فذلك سيعزلها عن التأثير في مستقبل سورية.
كما أن تركيا تخشى بشكل خاص أن توكل مهمّة السيطرة على تلك المناطق إلى القوات الكردية السورية، نظراً لتوتر علاقات أنقرة مع الأكراد.
الصورة: عناصر من الجيش التركي على الحدود السورية/ وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659