متابعة علي عبد الأمير:

يعرض محلل الأمن الوطني الأميركي والأستاذ في جامعة ولاية أريزونا، بيتر بيرغن، في مقالة تضمّنها كتابه الأخير "الولايات المتحدة: التحقيق مع إرهابيين محليين في أميركا"، ونشرتها صحيفة "وول ستريت جورنال" الخطر الذي يعنيه وجود إرهابيين محليين في بلاده، انطلاقاً من الهجوم الذي شهدته ولاية كاليفورنيا الأميركية ونفّذه مسلم مولود في أميركا هو سعيد رضوان فاروق مع زوجته المهاجرة الباكستانية تاشفين مالك.

ويرى بيرغن أنّ الحادث يكشف عن نشاط متزايد لـ"الجهاديين المحليين". ففي العام 2015، راقب "مكتب التحقيقات الفدرالي" (أف بي آي)، على امتداد الولايات الخمسين، أنصار "الدولة الإسلامية". واتّهم أكثر من 80 أميركياً بنوع من الجرائم "الجهادية"، بدءاً من التخطيط للسفر إلى سورية وصولاً إلى التآمر لشن هجوم في الولايات المتحدة".

ويلفت إلى مجموعة من نحو 300 جهاديين متهمين أو مدانين في الولايات المتحدة ببعض الجرائم الإرهابية منذ اعتداءات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001. وتراوحت تلك الجرائم من إرسال مبالغ إلى مجموعة إرهابية وصولاً إلى القتل.

ويؤكد بيرغن أنّ هؤلاء الأفراد مجرد جزء صغير من السكان المسلمين الأميركيين الذين يقدر عددهم بأكثر من 3 ملايين نسمة، لكنّهم كجهاديين محليين يمثلون تحدياً كبيراً لمؤسسات إنفاذ القانون الأميركية، لجهة معرفة كيفية تحديد أولئك الإرهابيين ومنعهم من التصرف قبل تنفيذ أي اعتداء.

وفيما يشير الباحث إلى تقدّم واضح بهذا الشأن، إلّا أنّه يستدرك بالقول إنّ أفضل الجهود التي تبذلها وكالات مثل إدارة شرطة نيويورك ومكتب التحقيقات الفيدرالي تبدو مقصرة في مواجهة هذا التهديد الارهابي لسنوات قادمة، حتّى وإن كان على مستوى منخفض من التأثير.

ومن خلال دراسته البحثية، وجد بيرغن أن:

*الأغلبية الساحقة من "الجهاديين الأميركيين" ذكور ونحو 7% فقط من النساء.

*متوسط ​​أعمارهم 29 سنة.

*أكثر من ثلثهم متزوجون، وأكثر من ثلثهم له أطفال.

* واحد من كل عشرة منهم قضى فترة في السجن، على غرار معدل حبس جميع الذكور الأميركيين.

*حوالي 10٪ منهم عانى مشاكل في الصحة النفسية، وهي أقل من نسبة عموم الأميركيين الذين يعانون من هذا النوع من المشاكل.

*هم في كل شيء، عدا أيديولوجيتهم القاتلة، يتطابقون مع الأميركيين العاديين.

"ذئاب وحيدة"

وبعد أن يستعرض الباحث عدداً من الحالات التي اقترب فيها الإرهابيون من تنفيذ هجمات داخل الولايات المتحدة، يتوقف عند ما يصفها "حقيقة صارخة" تتمثل في أنّ كل تلك الحالات تمّت من قبل "إرهابيين منفردين"، أي دون اتصال رسمي مع الجماعات الإرهابية الخارجية. وهو ما بات يسمّى اليوم بأسلوب "الذئاب الوحيدة".

ويعتبر هذه مشكلة محيّرة للأجهزة الأميركية، فأولئك لا يرسلون رسائل البريد الإلكتروني ولا يجرون مكالمات يمكن اعتراضها من قبل وكالة الأمن القومي ولا يحضرون اجتماعات مع المتآمرين يمكن الكشف عنها من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي.

ردّاً على ذلك، يركز المسؤولون عن أجهزة إنفاذ القانون على ما يسمونه مكافحة التطرف. فهم يريدون معرفة كيف يصبح التطرف جذرياً ولماذا، أملاً بفهم عملياته والتدخل قبل قيام الجهاديين بتنفيذ هجماتهم داخل أميركا. وهو ما نفذته إدارة شرطة نيويورك في سنوات ما بعد اعتداءات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001.

وخلص تقريرها في العام 2007 الى أن معظم الإرهابيين كانوا من الجهاديين المحليين ومن المسلمين الذكور، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 35 عاماً. وهم عموماً من المثقفين والطبقة الوسطى، وكثير منهم نشأوا كمسلمين غير متطرفين أو اعتنقوا الإسلام من دون أن يكون لدى معظمهم صلات رسمية مع المنظمات الإرهابية. لكن بعضهم خضع لنوع من الأزمات الشخصية كفقدان وظيفة، وفاة أحد الأقارب، وازدياد "الشعور بالغضب حيال معاناة إخوانهم المسلمين في الصراعات مع القوى الأجنبية، مما فتح الطريق أمامهم إلى اعتناق المعتقدات الإصولية".

وفيما يخلص الباحث إلى أنّ "الجهاديين المنفردين قتلوا ما مجموعه 45 من الأميركيين داخل الولايات المتحدة خلال نحو 15 عاماً. ورغم أن تلك الوفيات تعتبر مأساة، لكنها ليست بحجم الكارثة الوطنية التي وقعت صباح يوم 11 أيلول/سبتمبر 2001. ومنذ ذلك الحين، عملت الولايات المتحدة بجد لضمان أن مثل هذا الهجوم هو الأخير، لكن هذا غير مرجح، حتى على مستوى منخفض من استمرار التهديد الذي يظل محتملاً، قبل أن تمر سنوات عدّة كي يذوي هذا التهديد وينتهي حقاً".

الصورة: أهالي ضحايا حادث إطلاق النار في كاليفورنيا/وكالة الصحافة الفرنسية

 يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659

مواضيع ذات صلة: