مراجعة علي عبد الأمير:

استُخدم تنظيم داعش كعامل بارز في التحشيد الطائفي في العراق وتحديداً منذ العام 2012، حين صار مرادفاً للسُنة، وهو ما تعزز حتى اليوم كشبه حقيقة بين الجمهور الشيعي الواسع، غير أنّ كتاب الباحث الهاشمي يكشف عن خفايا تُسقط عناصر هذا التأطير الطائفي للتنظيم الإرهابي.

فبعد أن استهدفت القوات الأميركية في ٧ حزيران/يونيو ٢٠٠٦، مقر أبو مصعب الزرقاوي، وقتلته إلى جانب زوجته وابنه وعددٍ من مرافقيه، أعلن "مجلس شورى المجاهدين" في 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2006 عن تشكيل تنظيم "دولة العراق الإسلامية"، وعيّن حامد داود خليل الزاوي (أبو عمر البغدادي) زعيماً جديداً للتنظيم. ويعود نسبه إلى السادة الأعرجية وهم قريشيو النسب وفيهم من السُنة والشيعة، أي أنّ صلة قرابة عميقة تربطه بعائلة شيعية عريقة.

أبو عمر البغدادي وصدام والبعث

وفي مرحلة لاحقة نعرف أنّ ( أبو عمر البغدادي) تخرّج من كلية الشرطة في بغداد، عمل ضابطاً في الشرطة العراقية في حديثة. وعُرِف عنه بأنّه صاحب فكر ومنهج سلفي، وخاصّةً مع بداية تسعينيات القرن الماضي. وتعرض خلال فترة عمله إلى "مضايقات كثيرة" من أجهزة نظام البعث حتى تم فصله من الشرطة في عام ١٩٩٣، بتهمة أنه يحمل فكر سلفي تكفيري (وهابي)، وهذه إشارة تبدو معارضة إلى الفكرة السائدة عن "احتضان نظام صدام للعناصر التكفيرية"، ضمن نهج ساد في العراق بعد العام 2003.

ونتابع حكاية السلفي التكفيري، فهو "ما إن دخلت القوات الأجنبية واحتلت العراق في عام 2003، حتى بدأ يستعد للمقاومة، ويحرض الناس على الجهاد. فأنشأ جماعة في حديثة واستعد معهم لخوض القتال والجهاد ضد الأميريكيين. نسّق عملياته بالتعاون مع جماعات مجاهدة كانت تنشط في مناطق الأنبار، بداية مع جيش الفاتحين ثم مع جيش المجاهدين. وفي نهاية عام 2003، اجتمع مع بعض المهاجرين من السعودية واليمن".

ولاحقاً "دخلت القوات الأميركية إلى بيته بمجرد انتهاء الاجتماع مع المهاجرين العرب. وقاموا بتفتيشه تفتيشاً دقيقاً وقالوا له إنّهم حصلوا على معلومات تفيد بوجود مقاتلين عرب في هذا المنزل فأنكر وقال لهم (هذه معلومات كيدية يراد منها النيل مني). وتكلم كثيراً مدافعاً عن نفسه، لكن الاميركيين قالوا له إن لديهم أوامر باعتقاله وقاموا بذلك فعلاً. وصادروا حاسوبه الشخصي أيضاً، كما تم نقله إلى قاعدة الأسد. وبعد تفتيش جهاز الحاسوب الخاص به وجدوا كتاباً كان قد ألفه فيه سبعون دليلاً على كفر صدام حسين.. وعندما سألوه عنه قال لهم وما علاقتكم أنتم بذلك؟ ألستم تقولون أن صدام طاغية؟ نحن نقول كذلك. وبعد عدم إثبات أي تهم على الشيخ، تمّ إطلاق سراحه بعد حوالي عشرين يوماً على اعتقاله".

كراهية (أبو عمر البغدادي) للبعثيين، جسّدها، بحسب كتاب الهاشمي، في رفض الكثير من المقاتلين من الدخول في تنظيمه ومبايعته، "بسبب سيرتهم ومواقفهم التي تفتقر إلى العقيدة الدينية السليمة، وحذر من البعثية والصوفية، ودعا إلى عدم قبول بيعتهم".

شيعة عراقيون قادة في التنظيم الإرهابي

وفي متابعته لزعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، يوضح الهاشمي أن "البغدادي تعرف على نعمان سلمان منصور الزيدي، فأصبح من الأصدقاء المقربين له، حيث تأثر به وآمن بالعقيدة السلفية والمنهج السلفي التكفيري. والزيدي، وهو شيعي من الناصرية، صار وزير الحرب في دولة العراق الإسلامية الملقب بناصر لدين الله سليمان، وقُتل في عملية أمنية نفذتها قوات خاصة في قضاء هيت غرب العراق في شباط/فبراير ٢٠١١، وكان عين في شهر أيّار/مايو من ٢٠١٠ خلفا لأبي أيوب المصري الذي قتل مع أبو عمر البغدادي زعيم تنظيم القاعدة في العراق في ضربة جوية على مخبأه في الثرثار في شهر نيسان/أبريل ٢٠١٠".

وعن وجود قادة من الشيعة في التنظيم الإرهابي، يوضح الهاشمي في كتابه قصة لافتة عن "مسؤول ملف الانتحاريين" في داعش، عمار الخزاعي، وعن هذا الإرهابي الخطير سنخصص قراءة لاحقة.

الصورة: غلاف كتاب "تنظيم داعش من الداخل- ملفات وأبعاد واستراتيجيات" المقدم من مؤلفه الهاشمي/إرفع صوتك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة: