مراجعة علي عبد الأمير:
بعد أن تعرضنا في القراءة السابقة لكتاب الباحث والأكاديمي د. هشام الهاشمي إلى وجود قادة بارزين في تنظيم داعش، من الشيعة، توقفنا عند حكاية عمّار علي خليل عبد الحسين الخزاعي، واليوم نتعرف على أصوله.
عُرف الخزاعي باسمه الحركي (شيخ إبراهيم الكرار). وهو من مواليد ١٩٧٧ في بغداد في حي الشرطة الخامسة. متزوج وله ولدان، من عائلة شيعية، لكن والده كان ميالًا للفكر الإلحادي. منذ عام ١٩٩٠، بدأ عمّار يتعبد الله على مذهب أهل السنة متأثراً بمسجد الحي القريب من داره. وذلك بعد تخرجه من الإعدادية الإسلامية الكائنة في بغداد (السبع أبكار) والتي أضافت له الكثير، حيث كان يقضي معظم وقته بطلب العلم في القسم الداخلي. وهناك تعرّف على مجموعة من الشباب الذين رسخوا عنده الفكر التكفيري.
اعتقالات متكرّرة
وفي منتصف التسعينيات، التحق بالجامعة الإسلامية وهناك تعرّف الى مجموعة من طلاب العلم الذين يحملون الفكر والمنهج التكفيري. انتمى في وقت مبكر لتنظيم أنصار الإسلام. واعتُقل أكثر من مرة، وآخرها من قبل القوات الأمنية العراقية في تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٤. تمّ اعتقاله من قبل النظام السابق في عام ٢٠٠١ من قبل مديرية أمن الكرخ بتهمة الفكر الوهابي، وأطلق سراحه بعد ستة أشهر، وأخذ التعهد عليه بعدم العودة إلى تلك الممارسات الدينية وعدم تداول كتب الجماعات التكفيرية.
وفي عام ٢٠٠٣، التحق بمجموعة مسلحة كانت خليطاً من السلفية والصوفية والإخوان، وأغلبية المنتمين لها من مناطق الكرخ في بغداد. وفي عام ٢٠٠٤ بايع الزرقاوي من خلال المدعو زياد الحديثي وصديقه مهند الساعدي (أبو ميسرة العراقي) مسؤول إعلام تنظيم القاعدة آنذاك. ولكونه من عشيرة تتبع المذهب الشيعي، تم استخدامه في نقل السلاح والانتحاريين من منطقة إلى أخرى وخاصة مناطق الهدف، وهي مناطق الغالبية الشيعية.
في هذه الفترة نقل وجهز أكثر من ٦٠ انتحارياً غالبيتهم من الخليج وسورية واليمن. وكانت أول عملية انتحارية ساعد بتنفيذها، هي نقل إنتحاري إلى داخل المنطقة الخضراء في عام ٢٠٠٥، استهدفت مجموعة من الجنود الأميركيين. وكان الانتحاري كويتي الجنسية.
أصيب في عام ٢٠٠٥ بظهره وكانت الإصابة قريبة من العمود الفقري، تسبّبت له بشلل في رجله اليسرى، فأحيل للعمل بالهيئة الشرعية لقاطع الكرخ الجنوبي مع المدعو ماهر الزيدي (من بغداد الدورة وهو ضابط أمن من النظام السابق، قتل عام ٢٠٠٨ في مواجهات مع الأمن العراقي في البياع ).
وفي عام ٢٠٠٧، تماثل للشفاء ورجع للعمل كناقل بطلب منه، حيث عاد للعمل مع زياد الحديثي مسؤول ملف المضافات والانتحاريين في بغداد. وفي عام ٢٠٠٧، حاول إنقاذ جثت أحد عناصر مفارز منطقة الدورة (حي المعلمين)، لكنّه أصيب برأسه بطلق ناري سبّب له نوعاً من عدم التوازن والاختلال بوظائف الأعصاب. ورجع للعمل بملف الهيئة الشرعية في ولاية بغداد حتى حزيران/يونيو ٢٠١٤ حين أعلن البغدادي الخلافة، حيث شعر بضرورة العودة للعمل بصفة ناقل ومجهز للانتحاريين.
وعمل مع مسؤول هذا الملف المدعو أبو علي أحمد جبير العبيدي (ضابط في الجيش السابق)، وكان واجبه نقل الانتحاريين من منطقة جنوب بغداد إلى مضافة الكرخ الجنوبي في منطقة (البياع وتقاطع الدرويش)، ومن هناك يتم تزويد الانتحاري بحزام ناسف أو سيارة مفخخة. وفي أيلول/سبتمبر ٢٠١٤، قتلت القوات الأمنية العراقية المدعو أحمد جبير، فأصبح أبوعبد الله عمار الخزاعي مسؤولاً لملف الانتحاريين والمجهز العام لولاية بغداد.
آلية تنفيذ العمليات الانتحارية في بغداد
الخزاعي يكشف آلية تنفيذ العمليات الانتحارية في بغداد، حيث هناك ثلاثة طرق لدخول الانتحاريين إلى بغداد وهي:
*الرطبة- النخيب –اليوسفية
*الثرثار- ذراع دجلة – أبوغريب
*حوض حمرين - خان بني سعد – المدائن
وهذه المناطق التسع، هي "مضافات للانتحاريين، والمضافات أماكن عزل للانتحاري عن العالم الخارجي، يجرد فيها من استعمال الهاتف والانترنت، ويلزم بالصوم وسماع القرآن والنشيد الجهادي. ولا يسمح بالتكلم مع الانتحاري بأي موضوع يخص سيرته وتاريخه".
ويقول الهاشمي في كتابه إن "أغلب ناقلي الانتحاريين من أصول شيعية اعتنقوا المذهب السني، أو لديهم وثائق أمنية مزورة، يستطيعون من خلالها إدخال الانتحاري إلى بغداد".
وينقل الهاشمي عن الخزاعي بعد اعتقاله من قبل قوات الأمن العراقية قوله "منذ شهر أيلول/سبتمبر ٢٠١٤ ولغاية تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٤، جهزت تسعة عشر انتحارياً، تحصيلهم الدراسي بين الإعدادية والبكالوريوس، من طبقات متوسطة وهم: ٤ عراقيين و٤ ألمان و٤ سعوديين و3 تونسيين و٣ سوريين وأسترالي واحد. وأكثر ما أحزنني هو تنفيذ أخي الصغير سلام (من مواليد ١٩٩٤) عملية انتحارية في منطقة الكاظمية في شهر تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٤".
الصورة: غلاف كتاب "تنظيم داعش من الداخل- ملفات وأبعاد واستراتيجيات" المقدم من مؤلفه الهاشمي
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659