بقلم حسن عبّاس:

واصل الجيش التركي لليوم الثالث على التوالي قصف مناطق سورية انتزع أكراد سورية السيطرة عليها خلال الأسبوع الماضي، بعد أن كانت خاضعة لسيطرة مجموعات إسلامية معارضة.

ويستهدف القصف التركي مواقع لـقوات سورية الديموقراطية التي تضم وحدات حماية الشعب الكردية وفصائل عربية معارضة، في ريف إعزاز وريف حلب الشمالي، وبالتحديد قرية المالكية ومطار منغ العسكري.

قلق تركي كبير

وتقدم الجيش السوري وحلفائه، تحت غطاء جوي روسي، في ريف حلب الشمالي منذ بداية الشهر الحالي، ووصلوا إلى مسافة 25 كيلومتراً من الحدود التركية. وبموازاة ذلك، تقدمت وحدات حماية الشعب الكردية في مناطق عدّة على حساب الفصائل الإسلامية.

ويشير مراقبون إلى توزيع أدوار بين الجيش السوري والقوات الكردية، بدعم روسي، من أجل إقفال الحدود بين تركيا وسورية، وذلك لقطع طريق الإمداد الرئيسي للجماعات المسلّحة المعارضة.

وتمكنت القوات الكردية من السيطرة على مدينة منغ ومطارها العسكري بعد اشتباكات عنيفة استمرت أياماً عدة. وهذا ما أثار قلق الأتراك الذين يريدون أن تكون السيطرة لهم ولحلفائهم على الشريط الحدودي الممتدّ بين جرابلس وإعزاز.

وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إنّ تركيا لن تسمح بسقوط بلدة إعزاز والمناطق المحيطة بها في يد المقاتلين الأكراد، مشيراً إلى أن التطورات في سورية تهدد الأمن القومي التركي.

وحذّر القوات الكردية من محاولة قطع الممر بين تركيا وحلب مرّة أخرى، ومن أي تحرك إلى شرق منطقة عفرين التي يسيطرون عليها أو إلى الضفة الغربية من نهر الفرات، مذكّراً بـخطوط أنقرة الحمراء.

وأشار إلى أن وحدات حماية الشعب كان بإمكانها الاستيلاء على بلدة إعزاز التي تسيطر عليها حالياً المعارضة وعلى بلدة تل رفعت باتجاه الجنوب لولا نيران المدفعية التركية.

ترقّب أميركي

وبُعيد بدء القصف التركي، دعت الولايات المتحدة تركيا إلى وقف قصف مواقع الأكراد.

لكنّ واشنطن حاولت موازنة موقفها. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي "لقد دعونا الأكراد السوريين وقوات أخرى تابعة لحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي إلى عدم استغلال الفوضى السائدة للسيطرة على مزيد من الأراضي".

وهنالك خلاف بين الولايات المتحدة وتركيا في النظرة إلى أكراد سورية. فواشنطن تعتبر أن وحدات حماية الشعب، الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي هي من المجموعات التي يمكن التنسيق معها لتحقيق إنجازات ضد داعش على الأرض. وفي هذا الإطار أعلنت مدّها بالأسلحة في مناسبات عدّة.

لكن أنقرة تعتبر هذه الوحدات جماعة إرهابية. ووصلت ذروة الخلاف إلى حدّ تخيير الرئيس التركي رجب طيّب إردوغان أميركا بين بلاده وبين المقاتلين الأكراد السوريين الذين وصفهم بـ"إرهابيي كوباني".

واليوم قال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية تانجو بلجيج إن أنقرة "تشعر بالصدمة" من التصريحات الأخيرة لوزارة الخارجية الأميركية التي وضعت تركيا ووحدات حماية الشعب الكردية في سلّة واحدة.

الصراع مستمر

وأرسلت الحكومة السورية رسالة إلى الأمم المتحدة اعتبرت فيها أن القصف التركي لمناطق في شمال البلاد هو "دعم تركي مباشر للتنظيمات الإرهابية".

واتهمت وزارة الخارجية الروسية تركيا بمساعدة "جماعات جهادية جديدة ومرتزقة مسلحين" على التسلل إلى سورية لتقديم العون لداعش وغيره من الجماعات الإرهابية.

وكان رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي، صالح مسلم قد قال لوكالة "رويترز" إن القاعدة الجوية التي قصفها الجيش التركي في منغ كانت تقع تحت سيطرة جبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة في سورية، قبل تمكّن وحدات حماية الشعب التابعة للحزب من انتزاعها منها الأسبوع الماضي.

ورفض مسلم طلب داود أوغلو الانسحاب من بعض المناطق وقال "هل يريد أن تبقى جبهة النصرة هناك أو أن تأتي قوات النظام (السوري) وتحتلها؟."

الصورة: رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة: