متابعة علي عبد الأمير:

فيما احتلت العاصمة بغداد المرتبة الأخيرة في مسح أجرته مجموعة "ميرسر" العالمية حول جودة المعيشة في 221 مدينة رئيسية حول العالم، لاقت جولة شاب عراقي ببزة مضادة للانفجارات في شارع الرشيد العريق وسط بغداد توجساً من قبل عدد من الأطفال، قبل أن يجلس في أحد المقاهي لاحتساء الشاي إلى جانب مجموعة من الرجال.

فكرة البزة، التي صممها الفنان العراقي حسين عادل، تهدف إلى التنديد بالعنف الذي لا يزال يضرب أنحاء عدة من بلاده، ضمن جهود الفنانين العراقيين الذين يبحثون عن طرق لمواجهة العنف المستمر في بلادهم.

والبزة هي نموذج فقط وتحتاج إلى أن تصنع من مواد مضادة للمتفجرات لتكون فعالة. والدافع وراء قيام عادل بالبحث عن تصميم بزة مضادة للانفجار، هو مقتل أحد أصدقائه المقربين، عمار الشابندر وهو صحافي قضى في انفجار سيارة مفخخة العام الماضي.

ووقع الحادث عندما كان عادل والشابندر وصديق ثالث لهما قرب أحد المقاهي الشعبية في منطقة الكرادة وسط بغداد.

واستهدفت مئات الانفجارات، بينها سيارات مفخخة وعبوات ناسفة، وأحياناً أكثر من انفجار في اليوم الواحد، المدن العراقية وبغداد خلال الأعوام الماضية.

وقتل جراء تلك الانفجارات عشرات آلاف العراقيين غالبيتهم من المدنيين، ما دفع المئات إلى مغادرة البلاد. وخلفت هذه الانفجارات آثاراً سلبية عميقة في نفوس العراقيين.

وتلك الوقائع دفعت المجموعة الإستشارية "ميرسر" إلى القول إن "الاضطراب السياسي وضعف تطبيق القانون واستهداف المدنيين جعلت من بغداد أسوأ مكان للعيش في العالم".

ويقول الفنان عادل "تساءلت لم لا توجد طريقة ما يمكن أن نحمي بها أنفسنا؟ الأساليب الأخرى لم تثمر شيئاً، لذا توجهت إلى حلول فردية".

وتتكون البزة، التي تمت خياطة الجزء الأكبر منها من قماش سميك، من خمس قطع رئيسية: خوذة للرأس وقطع حول الصدر والظهر والأرجل والأذرع، ترتبط ببعضها البعض بواسطة أحزمة.

ودفع كل ذلك عادل إلى البحث عن طريقة لحماية صديقه مسلم وتوفير الأمن له وهو يتنقل لممارسة نشاطاته اليومية. وفكر بتصميم بزة مضادة للانفجارات.

وفيما كان مسلم يرتدي البزة، انضم إليه عادل وكانا يتنقلان ويتبادلان الحديث مع المارة، وطلبا الشاي في أحد المقاهي، وناقشا أسعار المواد في محل تجاري.

ويقول مسلم واصفا مشاعره خلال ارتدائه البزة "أعلم أنها ليست بزة حقيقة ... لكنني شعرت بأنها تحميني فعلاً وتخيلت كل ما يمكنني فعله وأنا أرتديها".

وفي شارع الرشيد وهو من أشهر شوارع العاصمة، كان بعض المارة ينظرون بخوف إلى مسلم، وهو يسير بذراعين مرفوعتين ويحيط رأسه طوق بلاستيكي مكمل للبزة، فيما بدا الأمر مسلياً للبعض الآخر.

ويقول أبو إبراهيم، صاحب محل تجاري في الشارع، "أعتقد أن هناك دوافع تبرر القيام بهذا النوع من الفن، لكن أنا شخصياً لا أعتقد أن هذا سيغير من الوضع الذي يمر به بلدنا".

ويسعى عادل إلى تكرار تجربة التنقل بالبزة في مناطق أخرى من بغداد وتوثيقها بعد ذلك في معرض للصور. ويقول "أريد أن أظهر للعامة ما وصلنا إليه... ونزرع تساؤلا في عقولهم: ماذا لو كنا جميعنا على هذه الصورة؟".

الصورة: بزة رمزية مضادة للانفجارات من تصميم الفنان العراقي حسين عادل/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة: