صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:
جدّد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الخميس، 17 آذار/مارس، اتهامه للرئيس السابق علي عبد الله صالح بالوقوف وراء الجماعات الجهادية في جنوب البلاد، وتعهّد بالحرب ضدها بعد الانتهاء من المعركة مع الحوثيين وصالح.
في أحداث أخرى، أعدم تنظيم القاعدة ثلاثة أشخاص رمياً بالرصاص بتهمة ممارستهم الشعوذة في حضرموت. في حين يرى مراقبون أن غياب الدولة وفّر مناخاً ملائماً للتنظيمات الجهادية ما يجعل مهمة اجتثاثها أمراً بالغ الصعوبة.
وقال هادي إنّ "تنظيمي داعش والقاعدة لا يتعديان كونهما عناصر قليلة كانت مدعومة من جماعة علي عبد الله صالح وحلفائه، واختاروا التمركز في الجنوب".
وأضاف "بعد أن نحسم موضوع الحوثيين في هذه المناطق، سنعود لمواجهة التنظيمات الإرهابية وتجفيف منابع الإرهاب"، وفقاً لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية التابعة للحكومة.
إعدام ثلاثة رمياً بالرصاص
إلى ذلك، قالت مصادر محلية لموقع (إرفع صوتك) إن تنظيم القاعدة أعدم ثلاثة أشخاص رمياً بالرصاص بتهمة ممارستهم الشعوذة، في مدينة غيل باوزير بمحافظة حضرموت شرقي اليمن الخميس أيضاً.
وأشارت المصادر إلى أن عناصر التنظيم الجهادي نفذوا الإعدام عقب محاكمة قصيرة، في ملعب رياضي بالمدينة الواقعة شرقي المكلا، عاصمة حضرموت كبرى محافظات البلاد.
وينفذ التنظيم باستمرار، منذ سيطرته على المكلا مطلع نيسان/أبريل 2015، ومعظم مدن ساحل حضرموت، عمليات إعدام في ساحات عامة يُدعى لحضورها المواطنين عبر مكبرات الصوت، في سياق ما يقول إنّه "تنفيذ احكام الشريعة الإسلامية".
كما يفرض قيوداً على المرأة، بينها منع الاختلاط بين الجنسين، وعقوبات على ارتداء الملابس العصرية ونحوها.
لا تستند إلى مخطط
إلى ذلك، تبدو الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في وضع لا تُحسد عليه، هو الأقرب إلى حالة العجز في تأخر حسم معركتها المدعومة من تحالف عربي بقيادة السعودية ضد الحوثيين وقوات الرئيس السابق صالح.
وتشهد المحافظات التي استعادت الحكومة السيطرة عليها جنوباً وشرقاً انفلاتاً أمنياً أتاح الفرصة أمام التنظيمات المتطرفة كالقاعدة وداعش للانتشار في العديد منها، ابتداءً بحضرموت وانتهاءً بعدن. وهو ما يجعل مهمة اجتثاثها أمراً بالغ الصعوبة في ظل الانشغال بالحرب شمالاً.
والتفتت دول التحالف إلى ما يجري في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، كبرى محافظات البلاد، لتنفذ غارات هي الأولى من نوعها بقصف مستودعات أسلحة تابعة لتنظيم القاعدة، في منطقة فلك شرقي المدينة الخاضعة لسيطرة التنظيم منذ مطلع نيسان/أبريل 2015.
المتحدث باسم قوات التحالف العميد أحمد عسيري أكد آنذاك في تصريحات صحافية وقوع الغارات قائلاً إنّ "التحالف لا يفرق بين قوات الرئيس السابق علي صالح وتنظيم القاعدة وجماعة الحوثي"، في إشارة إلى تَوسيعِ المعركة لتشمل الجماعات التي تعيق سلطات الرئيس هادي.
تصريحات حكومية مماثلة اعتبرت تلك الغارات تمهيداً لحرب برية قادمة هدفها بسط سلطة الدولة ومكافحة التنظيمات الإرهابية التي تمكنت من إسقاط مدينة المكلا مطلع نيسان/أبريل المنصرم، في الوقت الذي خرجت فيه محافظة حضرموت ومعها محافظتا المهرة وسقطرى عن دائرة الحرب التي توشك أن تكمل عامها الأول.
يقول الباحث اليمني المتخصص في شؤون الإرهاب محمد سيف حيدر لموقع (إرفع صوتك) "ليس بوسعنا الجزم بأنها تأتي ضمن استراتيجية محددة ومدروسة لاستهداف المناطق التي يسيطر عليها مناصرو القاعدة".
ويضيف "الواضح أنها تأتي في سياق رد الفعل ولا تستند إلى مخطط واضح لبسط سيطرة الدولة على تلك المناطق".
مورد اقتصادي هائل
جماعة أنصار الشريعة المرتبطة بتنظيم القاعدة الجهادي ظلت قرابة عام تحكم قبضتها على مدينة المكلا الساحلية على البحر العربي، وهو ما يعني سيطرتها على المنافذ الشرقية للبلاد، والتي لا تزال بمنأى عن العمليات العسكرية في الحرب الدائرة.
ويقول خبراء اقتصاديون إنها بذلك حققت مورداً اقتصادياً هائلاً مكّنها من رفد خزينتها بما يقارب المليار ريال يمني يومياً، أي ما يصل إلى خمسة ملايين دولار. هذا إلى جانب استيلائها على معسكرات ضخمة، أبرزها اللواء 27 ميكا و190 دفاع جوي ومقر قيادة المنطقة العسكرية الثانية، الأمر الذي دفع بالتنظيم إلى التوسع على طول الساحل الشرقي بتجنيد وحشد مئات العناصر والمناصرين له.
من جهته، يرى الخبير في شؤون تنظيم القاعدة سعيد عبيد الجمحي أن "تلك أبرز الأسباب التي فرضت على التحالف العربي والقوات الحكومية عدم استثناء تنظيم القاعدة من الضربات الجوية“. هذا بالإضافة إلى ”توغل التنظيم وبروزه كطرف مؤثر في إدارة حضرموت وحصوله على موارد مالية ضخمة، مما يجعله أشد صلابة في ظل غياب شبه تام لأي مظهر من مظاهر سيطرة الدولة“.
الجمحي في تصريحه لموقع (إرفع صوتك) أشار كذلك إلى ”تهديدات القيادي السعودي إبراهيم عسيري، الذي أكد نية التنظيم شن هجمات ضد السعودية، كرد فعل على الإعدامات التي نفذتها المملكة لعناصر قاعدية في كانون الثاني/يناير الماضي".
الحل بحاجة لسلطة موحدة أجهزة فاعلة
وفيما يرى حيدر أن الحل الأمثل لاجتثاث هذه التنظيمات ”هو وجود سلطة حقيقية وموحدة وسيدة نفسها، وأجهزة أمنية وإدارية فاعلة، ومناخ أقل استقطاباً سواء من الناحية السياسية أو الجهوية والمذهبية“، يقول الجمحي إن ”الضربات الجوية ضد القاعدة لا تثمر نجاحاً حقيقياً ومؤثراً"، وهو يتفق كذلك على ”أن عدم بسط سلطات الدولة وعجزها هو الغطاء الأهم لنشاط المتشددين، والذي يتوافر حالياً في المناطق الجنوبية أكثر من غيرها“.
*الصورة: مسلحون موالون للرئيس عبد ربه منصور هادي/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659