بقلم علي عبد الأمير:

فيما يرى مسؤولون أميركيون، بحسب التقرير الذي تابعه موقعنا، أن التقدم العسكري الذي تحققه الحملة على تنظيم داعش يتعزز بتقدم سياسي مثل تحقيق المصالحة في العراق والجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب في سورية، يعتقد رئيس "مركز أكد للشؤون الاستراتيجية والدراسات المستقبلية" د. حسين علاوي أن أداء القوات المسلحة العراقية تحسن، خاصة "جهاز مكافحة الإرهاب الذي بدأ يلعب دوراً استراتيجياً وحيوياً".

ويرى علاوي أن الجهاز "يحتاج إلى مستلزمات لوجستية من أجل تطوير القدرات الكامنة لديه، وخصوصاً في القوات المجوقلة والبرمائية". مشدداً على أن نقص الموارد في هذا الجهاز يمكن أن تعوضه مساعدة الولايات المتحدة الأميركية، بحسب تحالفها الأمني والسياسي مع العراق، بينما تحتاج القوات العسكرية العراقية إلى تطوير كبير من حيث القيادة وبرنامج للتنظيم السليم والتدريب الحديث وإعادة بناء هيكلية وزارة الدفاع.

ويلفت علاوي في ورقة بحثية خص بها موقع (إرفع صوتك) إلى أن "القوات البرية بات موقفها جيداً بعد  نجاحها في عمليات الأنبار وتشكيل قيادة عمليات تحرير نينوى، فضلا عن فاعلية طيران الجيش وتنامي دور القوة الجوية بوجود طائرات الـ F16  و C130  وغيرها إلى جانب استخدام الطائرات المسيرة ".

وعن صورة المناطق العراقية ما بعد الاندحار العسكري للتنظيم الإرهابي، يعتقد علاوي أن إدارة الأمن الوطني تحتاج إلى المزيد من الحوار، خصوصاً في عمل وزارة الداخلية التي سيكون لها دور في إدارة استقرار المحافظات العراقية. "وهذا لن يحدث بالصورة الفاعلة ما لم نعمل على بناء استراتيجية جديدة للهندسة الاجتماعية في هذه المحافظات".

يؤكد علاوي أن هناك حاجة إلى توظيف عامل القبيلة في استقرار المحافظات، خصوصاً في الأنبار وصلاح الدين وحتى جنوب وغرب كركوك وديالى وحزام بغداد. في الموصل، الهندسة العكسية لإعادة إدماج دور القبيلة في الموصل ما زالت قيد النسيان لدى مخططي صنع القرار العراقي، حسب قوله. "بدون الهندسة العكسية في الموصل للتصميم الاجتماعي لسكان مدينة الموصل في محافظة نينوى، لن تنجح الحملة العسكرية في القضاء على الإرهاب، سواء الصادر من قبل كيان داعش الإرهابي أو غيره من الكيانات الإرهابية والجماعات المسلحة، فمدينة الموصل مبنية على مجتمع البيوتات وليس مجتمع القبيلة، وهو ما جعلها موطنا للتنوع الاثني والقومي والعرقي والديني".

وبشأن استثمار تلك الهندسة الاجتماعية في الحرب على الإرهاب، يقول علاوي "نحتاج إلى شبكات الممانعة الاجتماعية وهذا لن يحدث في مجتمع محلي غير مترابط المصالح مما يجعله دوماً فريسة للإرهاب والتمرد السياسي وقاعدة للاشتباك المسلح المباشر مع السلطات الحكومية، إن الحل لا بد أن يعاد هندسة المدينة عبر زج القبائل العربية للحد من التطرف، واستغلال الجماعات الإرهابية للفراغ في العلاقات الاجتماعية، والاستقرار طويل الأجل لن يكون ما لم تكن هنالك شبكة من المصالح الاجتماعية يديرها النظام القبلي في مدينة الموصل، والذي يتواجد بكثافة في مدن محافظة نينوى والذي لابد أن ينتقل بقوة للحفاظ على المدينة في مرحلة ما بعد داعش".

القبيلة لا الطائفة

ويعتقد الباحث العراقي أن إعادة دور القبيلة بدل الطائفة في المحافظات التي عانت من ويلات داعش، سيعيد اللحمة الاجتماعية لما في بطون القبائل من ترابط طائفي (سني– شيعي)، وخصوصاً في قبائل شمر والجبور وغيرهم من القبائل العربية التي سيكون لها دور في وحدة العراق خلال المرحلة المقبلة.

ويشدد الباحث علاوي على أن إعادة الهندسة الاجتماعية للمدن ستكون "أحد المفاتيح الأولية لاستدامة الاستقرار وتثبيت أركان السلطة، وهو ما يحل لنا لغز المصالحة الوطنية وتقليل عملية العزل الاجتماعي، فالتذمر من السلطة السياسة أوجد فراغا استغلته التنظيمات الإرهابية وهذا نتيجة لعدم فاعلية الحكومات السابقة التي رأت أن الحل العسكري هو السبيل لإدارة المحافظات فكان سقوط الموصل والفلوجة في عام 2014 نتيجة لفشل سياسات إدارة هذه المحافظات".

ويختم الأكاديمي العراقي ورقته البحثية بالقول إن "الرؤية الأمريكية – الدولية لوضع المحافظات العراقية لعالم ما بعد داعش تكاد تكون دقيقة، خصوصاً وإننا نحتاج إلى محافظات تعيش من دون إرهاب من جهة، ومن جهة أخرى من دون تمرد على السلطة الاتحادية، وهذا لن يحدث ما لم تتوفر قوانين وتشريعات تحقق الكرامة والحكم لصالح والتنمية والاستقرار والعيش الكريم، فقوة الأطراف من قوة المركز في الدولة الاتحادية العراقية الجديدة" .

الصورة: قوات عراقية في الأنبار/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة: