متابعة علي عبد الأمير:

صحيح أن معركة إقليم كردستان مع داعش تبدو معركة وجودية ومركزية، وأنه بفضل جهود قوات البيشمركة الكردية وقوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة، أمكن الحفاظ على المنطقة شبه المستقلة شمال العراق من هجمات التنظيم الإرهابي داعش، لكن نائب رئيس الوزراء قوباد طالباني، يرى أن هناك "تهديداً وجودياً حقيقياً" يواجهه الإقليم وتمثله الأزمة الاقتصادية التي يرى نجل الرئيس العراقي السابق أنّه إذا لم تشهد تحسناً قريباً، فإن خطر داعش سيكون أقل منها.

وفي تقرير نشره الموقع الإخباري الأميركي "ديلي بيست"، يقول طالباني أثناء لقاء معه بمكتبه في السليمانية، حيث يشرف على إصلاحات اقتصادية كبرى، إن حكومة إقليم كردستان تواجه تحديات اقتصادية كبيرة ابتداء من عام 2014 "حين ضربنا تسونامي اقتصادي جاء في أربع موجات".

جاءت أولى هذه الموجات، بحسب طالباني، في شباط/فبراير عام 2014، عندما قامت الحكومة المركزية في بغداد، والتي كانت على خلاف مع الأكراد حول عدد من القضايا، بقطع حصة إقليم كردستان من الموازنة الاتحادية. وأعقب ذلك ظهور داعش ودخوله إلى العراق في حزيران/يونيو، مما أدى إلى زيادة تكاليف الأمن والإنفاق العسكري، وتلاه تدفق أعداد كبيرة من مليوني لاجئ ومشرد إلى الإقليم.

ويتابع طالباني "والضربة الأخيرة كانت في انخفاض أسعار النفط، التي بدأت في منتصف عام 2014، بعد أن فشلت حكومة إقليم كردستان في التخطيط خلال سنوات الازدهار 2006-2014 عندما حامت أسعار النفط عند حوالي 100 دولار للبرميل".

وقبل بدء الإصلاحات الأخيرة، كانت حكومة إقليم كردستان كانت تواجه عجزاً شهرياً يبلغ نحو 406 ملايين دولار شهرياً. فقد عانى موظفو الحكومة من تخفيضات الأجور، فالموظفون المدنيون يستلمون رواتبهم مرة واحدة كل خمسة أشهر، في حين أن أولئك الذين يعملون في الأجهزة الأمنية يستلمون كل أربعة. وينقل التقرير عن مسؤول كبير في الاستخبارات الكردية يشارك في جميع جوانب الحرب على داعش، من تجنيد المخبرين إلى العمليات السرية الخاصة، أن الأزمة (المالية) تهدد بوقف إدامة الزخم الناجح في العمليات ضد داعش.

 ويوضح التقرير أن الأزمة، وبحسب معظم السياسيين في المنطقة، كان يمكن أن تكون أقل حدة لولا نظام المحسوبية لدى الحزبين الحاكمين في كردستان، الحزب الديموقراطي الكردستاني (مسعود بارزاني) والاتحاد الوطني الكردستاني ( جلال طالباني) الذي أدى إلى توفير فرص عمل زائدة في مقابل الحصول على الدعم السياسي، وفي هذا الشكل من خلق فرص العمل. فإن مدرسة أو مستشفى في قرية صغيرة، على سبيل المثال، قد تشهد وجود 40 من الحراس الحكوميين، وهو ما كان له تأثير مدمر على الاقتصاد.

ويبدو أن حكومة إقليم كردستان تعاني مثلما الحكومة المركزية من دفع رواتب ما يسمى بـ"الموظفين الفضائيين" أو الأشباح، فالإقليم الذي يبلغ سكانه نحو خمسة ملايين يدفع رواتب لمليون ونصف المليون شخص كموظفين، وصلت قيمتها إلى 795 مليون دولار شهرياً.

ولكون حكومة إقليم كردستان لا تملك المزايا التي تتعامل بها حكومات دول معترف بها، عندما تحاول إنقاذ اقتصادها، كما أنّه ليس لديها سجل حافل في الدَيْن وبالتالي فهي ليست قادرة على الاقتراض كطريق للخروج من هذه الأزمة، لذا ما كان على حكومة إقليم كردستان غير أن تعتمد على إصلاح الإدارة المالية، فلم تكن هناك سوى نسبة ضئيلة من الضرائب تفرضها الحكومة بينما الآن، ومن بين الخطوات الأولى للتعويض عن فقدان عائدات النفط، بدأت حملة لجمع الضرائب.

بالإضافة إلى ذلك، تم خفض جميع الأجور الحكومية المدنية، فصغار الموظفين يواجهون تخفيضات بنسبة 15 في المئة، لتصل إلى 75 في المئة للمناصب العليا. كما تم خفض دعم الوقود وتدريجياً تحول إنتاج الطاقة من وقود الديزل إلى الغاز الطبيعي، مع إسناد أجزاء من شبكة الكهرباء إلى شركات خاصة وقد أسفرت التدابير عن بعض النتائج الإيجابية. ففي كانون الثاني/يناير من هذا العام، تم تخفيض فاتورة الأجور بنسبة 39 في المئة إلى حوالي 480 مليون دولار أميركي في الشهر، فضلاً عن تخفيض العجز الشهري إلى 108.4 مليون دولار، حسب قوباد طالباني.

الصورة: محطة لتكرير النفط في إقليم كردستان/ وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة: