متابعة علي عبد الأمير:
أن يُقتل 15 شخصاً من أبناء مدينة فرنسية واحدة في سورية والعراق، فهو مؤشر على المدى الذي وصلته أعداد "الجهاديين" الفرنسيين ممن أصبحوا جزءاً رئيسياً في شبكات الإرهاب، بحسب تقرير نشرته صحيفة "بوليتيكو" بنسختها الأوروبية.
ومدينة سيفران تقع قرب باريس، في الضواحي التي أصبحت بمثابة اختزال للفقر والجريمة وفشل الاندماج التي تشهدها المدن الفرنسية على مدى عقود. وشهدت تلك المدينة مغادرة 15 من رجالها الشباب للعراق أو سورية منذ عام 2014. ويعتقد أن تسعة منهم باتوا في عداد الموتى.
وفي التقرير نتابع قصة كوينتن روي، الشاب الوسيم بعمر 23 سنة، والذي غادر إلى سورية في أيلول/سبتمبر 2014، لتستلم أمه، فيرونيك روي، رسالة عبر تطبيق واتساب يوم 14 كانون الثاني/يناير 2016، من أحد أعضاء تنظيم داعش، تحتوي على صورة لوصية ابنها الذي فجّر نفسه في العراق.
ويقدر وزير المدن الفرنسي باتريك كانر وجود "مئات" الأحياء الفرنسية التي تشابه حي مولينبيك سيئ الصيت في العاصمة البلجيكية بروكسل، بوصفها أرضاً خصبة للتنظيمات الجهادية، وحي سيفران هو على رأس القائمة.
الحكومة ليس لديها فكرة
وهناك من يتهم رئيس بلدية سيفران بالفشل في إغلاق "شبكة تجنيد الجهاديين"، وحتى بعد القبض على أحد عناصر تلك الشبكة من قبل السلطات الفرنسية، فقد ظل هناك آخرون يواصلون عملهم بلا مراقبة.
ويقول رئيس البلدية إنّه قام بكل ما في وسعه لوقف تجنيد الجهاديين في سيفران، لكن هناك حدود لما يمكن لعمدة القيام به. ووضع اللوم كله على الدولة، بقوله إن "الحكومة ليس لديها فكرة عما يجري على أرض الواقع"، موضحاً "هناك فصل كامل بين ما يحدث في مكاتب في باريس وما يحدث في الواقع".
وضعت الحكومة مؤخراً سيفران على قائمة مكونة من 12 حياً تعاني من مشاكل اجتماعية وخيمة: كالمخدرات والعنف والتشدد الإسلامي الذي تروج له بعض الجوامع.
"الجهادي كوينتن" الذي فجّر نفسه في عملية إرهابية في العراق، كان كاثوليكياً ثم اعتنق الإسلام، يقول عنه والده وهو بالأصل من هاييتي "في غضون بضعة أشهر، أصبحت وجهات نظر كوينتن متطرفة على نحو متزايد. وكان قد ترك وظيفته في متجر لبيع المستلزمات الرياضية عندما لم يسمحوا له بتغيير أوقات عمله كي تناسب أوقات الصلاة. ورفض المشاركة لاحقاً في الاحتفالات العائلية أو حضور جنازة جدته لأنها تمت في الكنيسة". وبعد شهر، غادر إلى فرانكفورت في ألمانيا. وهي نقطة انطلاق مركزية في أوروبا إلى "أرض المعركة"، التي أرسل منها كوينتن رسائل متفرقة توضح أسباب دفاعه عن "الحرب المقدسة".
مسجد داعش
وعوضاً عن المسجد العادي في سيفران، بدأ العديد من الشباب التردد على قاعة للصلاة معروفة باسم "مسجد داعش"، وهو لم يكن في الواقع مسجداً، بل كان متجراً وتم تأجيره كفضاء خاص للصلاة من قبل مسلمين شعروا أن المسجد الرسمي في المدينة لا يقدم نسخة صارمة، بما فيه الكفاية، للإسلام.
ومن بين مرتادي المسجد شاب يدعى إلياس، وهو خريج جامعة السوربون الشهيرة، وهو رهن الاحتجاز منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2015 بتهمة تتعلق بـ"عصابة إجرامية فيما يتعلق بالنشاط الإرهابي"، وهي تهمة ينفيها. ولكنه كان من بين مرافقي كوينتن إلى المطار عندما انطلق لـ"الجهاد".
الصورة: عناصر من الشرطة الفرنسية في باريس/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659