بقلم علي عبد الأمير:
فيما أفادت تقارير صحافية أن الحكومة التركية أرسلت نحو 1000 إمام للدعوة في مساجد ألمانية في إطار نشاطات "الاتحاد التركي الإسلامي"، الذي يعده البعض ذراعاً ممتدة للحكومة التركية، أعلن في ألمانيا عن كون الصلاحيات الموسعة التي حصل عليها مكتب مكافحة الجريمة الاتحادي لمكافحة الإرهاب "مخالفة للدستور جزئياً".
وأوضحت صحيفة "فيلت أم زونتاغ" الألمانية الأسبوعية في عددها الأحد 24 نيسان/أبريل أن مدة إقامة أئمة المساجد في ألمانيا تبلغ عادة خمسة أعوام. فيما شددت مطالب من الحزب المسيحي الإجتماعي بولاية بافاريا، وهو شريك حزب المستشارة الألمانية ميركل، بإيقاف تمويل المساجد من الخارج.
وفي تطور يتعلق بالحملة على خلايا الإرهاب في ألمانيا، أثير الأربعاء نقاش قضائي ودستوري، فأعلنت المحكمة الدستورية العليا في ألمانيا أن جزءاً من الصلاحيات الموسعة، التي حصل عليها المكتب الاتحادي الألماني لمكافحة الجريمة والمتعلقة بمكافحة الإرهاب "مخالف للدستور جزئيا".
#عاجل | الدستورية العليا في #ألمانيا: الصلاحيات الموسعة التي حصل عليها مكتب مكافحة الجريمة الاتحادي لمكافحة الإرهاب مخالفة للدستور جزئيا
— DW (عربية) (@dw_arabic) April 20, 2016
حرية التنقل في أوروبا مقابل "إرهاب بلا حدود"
من جهته يرى الباحث والخبير الإقتصادي الألماني من أصل عراقي، د. ناجح العبيدي، أن الإرهاب المتنقل بلا حدود، يضع حرية التنقل في أوروبا أمام مفترق طرق!
ويوضح العبيدي في مداخلة مع موقع (إرفع صوتك) أن مدبر اعتداءات باريس صلاح عبد السلام، كان يتنقل بحرية عبر الحدود بين بلجيكا وفرنسا وبلدان أوروبية أخرى قبل وبعد الهجمات الدامية التي ضربت باريس في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2015، مؤكداً أن "هذه الحرية التي تتيحها إتفاقية شنغن لإلغاء المراقبة على الحدود بين 26 دولة أوروبية يستغلها أيضاً إرهابيون آخرون، وهي تطرح بالفعل الإشكالية المعقدة بين مكافحة الإرهاب وبين الحقوق المدنية المكتسبة في أوروبا".
فالملايين من المواطنيين، وكذلك الآلاف من الشركات يستفيدون يومياً من حرية التنقل للأفراد والسلع عبر الحدود دون تفتيش ضمن ممارسة مألوفة وتحتل أهمية كبيرة لمشروع الوحدة الأوروبية. والآن تأتي التهديدات الإرهابية لتضع هذا المبدأ على المحك. لكن الاتفاقية تواجه أيضاً خطر الانهيار بسبب أزمة اللاجئين وتفاقم المخاوف من احتمال تسرب إرهاببين وسط مئات الآلاف من المهاجرين المتدفقين إلى أوروبا.
وينقل العبيدي عن "وكالة الشرطة الأوروبية" تحذيرها من أن هناك قرابة 5000 إسلامي متطرف يحملون جوازات أوروبية وعادوا إلى أوروبا بعد تلقيهم تدريبا في سورية والعراق، هذا إضافة إلى انتشار المد السلفي فيها.
أي رد أوروبي على تهديدات الإرهاب؟
ويلفت الباحث العبيدي إلى أن "أوروبا تحاول الرد على هذه التهديدات من خلال أسلوبيين، الأول عبر الدعوة إلى تحصين الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. من جهة أخرى يؤكد الكثير من الخبراء الأمنيين أن شبكات الارهاب تنشط عبر الحدود، بينما لا تزال أجهزة الأمن والمخابرات الوطنية تتردد في التنسيق فيما بينها وتفضل الاحتفاظ بالمعلومات الحساسة. ولهذا بدأت وكالة الشرطة الأوروبية مؤخراً بإقامة مركز أوروبي مشترك لمكافحة الإرهاب في لاهاي الهولندية بهدف تسريع تبادل المعلومات بين الدول الأعضاء".
لكن الكثير من المراقبين يشكك بجدوى الإجراءات الأوروبية، خاصة وأنّها تأتي في ظل ظهور بوادر تفكك واضح داخل الاتحاد الأوروبي بسبب الخلافات الحادة بين الدول الأعضاء بشأن التعامل مع موجة تدفق المهاجرين.
فبعد قرار المستشارة الألمانية ميركل بفتح الحدود أمام اللاجئين السوريين في خريف العام الماضي "أقدمت العديد من الدول الأوروبية على استئناف عمليات الرقابة والتفتيش على حدودها، بل ولجأ بعضها كالمجر وصربيا ومقدونيا إلى إقامة أسيجة من الأسلاك الشائكة في خطوة أعادت إلى الأذهان الذكريات المريرة "للستار الحديدي" الذي كان يفصل بين شرق أوروبا وغربها إبان الحرب الباردة"، حسب العبيدي.
وفي مرحلة لاحقة أقدمت بلدان أخرى كالنمسا وألمانيا والدنمارك والسويد وفرنسا على فرض عمليات مراقبة على حدودها. ورغم إعلان هذه البلدان بأن هذه الاجراءات مؤقتة، إلا أنها عملياً تشكل انتهاكاً صارخاً لمبادئ الاتحاد الأوروبي المتفق عليها وخاصة اتفاقيتي شنغن ودبلن وتنطوي على خطر تقويض ركائز الاتحاد.
*الصورة: أجراءات مشددة للشرطة الأوروبية/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659