متابعة علي عبد الأمير:

مع تصاعد المعركة العسكرية والسياسية ضد تنظيم داعش، تتصاعد معركة أخرى لكن على جبهة ثقافية، يقودها أئمة وعلماء مسلمون في الغرب.

وبحسب تقرير مفصل في صحيفة "نيويورك تايمز" فإن الإمام صهيب ويب، وهو زعيم مسلم في واشنطن، ينظم حوارات فيديوية شهرية لدحض الادعاءات الدينية التي يقوم عليها تنظيم داعش، يقوم بتصويرها من محال المرطبات، الآيس كريم. ولذا فهو يطلق على أحاديثه المصورة وصف "داعش والآيس كريم".

احذروا صبية داعش الصغار

من جهته فإن الشيخ حمزة يوسف، وهو رجل دين مسلم أميركي، ومقيم في بيركلي بولاية كاليفورنيا، يناشد المسلمين بألا ينخدعوا بـ"الصبية الصغار الأغبياء" من عناصر داعش. ولقد شاهد الملايين مقتطفات من خطبة له بعنوان "أزمة داعش"، وفيها بكى حين خاطب الباري سائلا الله بعدم إلقاء اللوم على المسلمين الآخرين بسبب ما يفعله عناصر داعش "اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا".

وهذا التوجه الذي يمضي فيه علماء مسلمون في الغرب، عبر منابر المساجد والمؤتمرات الإسلامية وعلى وسائل الإعلام الاجتماعي، بات يخيف داعش الذي هدد مؤخراً حياة 11 من الأئمة والعلماء المسلمين في الغرب، واصفاً إياهم بـ"المرتدين" الذين يجب قتلهم.

كما أورد العدد الأخير من مجلة التنظيم على الإنترنت "دابق"، الذي اعتبر تصفيتهم "أهدافا إلزامية". وشدد على أن أنصاره يجب أن يستخدموا أي سلاح يقع بين أيديهم و"جعل منهم (علماء المسلمين في الغرب) عبرة". وهو ما دفع مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى "مساعدتهم في اتخاذ الخطوات المناسبة لضمان سلامتهم".

وتهديدات داعش بالقتل لهؤلاء "علامة على أن الزعماء الدينيين باتوا يعادون تنظيم الدولة الإسلامية"، وفقاً لمحللين يدرسون الجماعة المسلحة. كما أن تأثيرهم المتزايد أيضاً يتناقض مع أولئك الذين يقولون إن القادة المسلمين لزموا الصمت في مكافحة التطرف والعنف.

"هذا هو ما يؤلم داعش أكثر من غيره"، يقول مبين شيخ، وهو كندي كان قد انضم سابقاً إلى جماعة إسلامية متطرفة، ويقدم الاستشارات الآن للحكومات بشأن مواجهة التطرف، مؤكداً أن "تهديدات داعش هي لردع رجال الدين وإسكاتهم، ومن خلال ذلك ردع الناس وإسكاتهم".

وقال العديد من زعماء المسلمين المستهدفين من قبل داعش إنهم يأخذون التهديد على محمل الجد، لكن ليس لديهم نية في التراجع. ومنهم من استعان برجال أمن وحصّنوا أماكن عملهم، وآخرون جلبوا أسلحة إلى منازلهم.

ويقول، صهيب ويب، إنه لـ"شرف كبير أن يندد بما يقوم به داعش"، من خلال مشاركاته الكثيرة مع الشباب المسلمين على وسائل الإعلام الاجتماعي، سواء على موقع يوتيوب أو فيسبوك أو سناب شات، مؤكداً "أنا أعتبر هذا واحداً من أعظم الإنجازات في حياتي.. توفير مصل للسم الذي يمثله داعش".

ويقول هؤلاء القادة المسلمون الذين يفندون ذرائع الحركات المسلحة التي تدعي أنها تعمل باسم الإسلام، إن الجماعات المتطرفة مثل داعش تشكل تهديداً ليس فقط للمجتمع المدني والأمن، لكن بالنسبة لمستقبل دينهم.

الشيخ ياسر القاضي، ويدير المعهد التربوي الإسلامي الشعبي في ولاية تينيسي الأميركية، قال في خطبة جمعة في مسجد شرق لندن، وهو واحد من أكبر المساجد في أوروبا في شهر آذار/مارس، بعد ثلاثة أيام فقط من الاعتداء الإرهابي على مطار بروكسل وقطار الأنفاق فيها "لا أحد من علمائنا الكبار من أي مذهب- أي مذهب، برر هذه الأعمال".

وأضاف "هذا يسبب ضرراً أكثر من النفع". وقال إنّه جادل بأن الهجمات الإرهابية في السنوات الأخيرة قد انتهكت بشكل واضح تعاليم الإسلام لأنها جلبت المزيد من القنابل والعنف والسلاح، والمزيد من الطائرات بدون طيار والمزيد من الفوضى إلى المجتمعات الإسلامية.

وأضاف "أضرت هذه الجماعات المتطرفة بصورة الإسلام، أكثر بكثير مما فعلته كل السياسة الخارجية الغربية مجتمعة".

ويسخر هؤلاء العلماء المسلمون في الدول الغربية من مطالبة داعش بإقامة "دولة الخلافة"، فيسمون عناصر التنظيم الإرهابي ودعاته بـ"خوارج الدولة الإسلامية"، وهي جماعة ملعونة من قبل المسلمين، بعد أن قتلوا النساء والأطفال وتمردوا على الخلفاء في القرن السابع الميلادي.

ويمثل رجال الدين الذين يستهدفهم داعش، والمقيمون في الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وأستراليا، طيفاً واسعاً من الفكر الإسلامي، يبدأ من الصوفية الروحية إلى السلفية غير المتزمتة، وحتى الفكر الذي يتبعه المتشددون، أي "السلفية الجهادية".

*الصورة: مسلمات أمام البيت الأبيض في العاصمة واشنطن يتظاهرن ضد الإرهاب/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة: