بقلم حسن عبّاس:

ضجّت مصر بخبر اعتداء بشع على سيدة قبطية في صعيد مصر، وتعريتها من ملابسها أمام الناس، على خلفية اتهام البعض لابنها بإقامة علاقة مع امرأة مسلمة.

قصة الاعتداء

وبدأت الواقعة التي شهدتها بلدة الكرم في محافظة المنيا من شائعة تتحدث عن علاقة عاطفية بين رجل مسيحي يُدعى أشرف عبده عطية (متزوج وأب لأربعة أطفال) وبين سيّدة مسلمة متزوّجة هي الأخرى.

واتجهت الأمور إلى حدوث أمر بغيض. فقد توجّهت مجموعة من المسلمين إلى منزل المسيحي الذي كان قد غادر القرية مع زوجته وأطفاله، وأحرقت منزله وجرّدت والدته المسنّة، 70 عاماً، من ملابسها، ثم أكملت فعلتها بإحراق منازل أخرى مجاورة وسرقة محتوياتها.

وقد أصدرت مطرانية المنيا وأبو قرقاص بياناً رسمياً حول ما حدث. وروى أسقف المنيا الأنبا مكاريوس في البيان أن نحو 300 شخص خرجوا حاملين أسلحة متنوعة وتعدوا على سبعة من منازل للأقباط.

وأضاف أن المتعدين جرّدوا سيدة مسيحية مسنّة من ثيابها هاتفين ومشهرين بها أمام حشد كبير في الشارع.

تقصير فاضح للشرطة

الحادثة التي تضجّ بها مصر ليست جديدة. فقد وقعت الأسبوع الماضي ولكن خبرها انتشر البارحة، 25 أيار مايو.

وفي تفاصيل ما وقع ينكشف تقصير الشرطة الفاضح. فبحسب بيان الأنبا مكاريوس، تعرض أشرف عبده عطية للتهديد فترك القرية، فيما حرّر والده ووالدته يوم الخميس، 19 أيار/مايو، محضراً في مركز شرطة أبو قرقاص، أبلغا فيه عن تلقيهما تهديدات وتوقّعا أن تُنفذ تلك التهديدات في اليوم التالي.

لكن الشرطة لم تتخذ أيّة إجراءات. وفي مساء اليوم التالي، 20 أيار/مايو، وقعت الواقعة في الثامنة مساءً، ولم تصل الشرطة إلى المكان إلا في الساعة العاشرة.

وفي مداخلة تلفزيونية، روى الأنبا مكاريوس أن السيدة المُعتدى عليها ظلت متماسكة حتى الثلاثاء، 24 أيار/مايو، "لكنّها لم تحتمل بعد ذلك فانفجرت وحررت محضراً بالواقعة. وكانت قد تكتمت على الأمر في البداية لأنها لم ترد التشهير بنفسها".

مواقف مختلفة

في التعليقات على الحادثة، دعا البابا تواضروس الثاني إلى ضبط النفس والتزام العقل والحكمة والسلام الاجتماعي والعيش المشترك.

واعتبر المفكر القبطي والكاتب السياسي جمال أسعد أن ما حدث يؤكد المشاكل الطائفية في مصر، مشيراً إلى أنه مؤشر على انهيار القيم في المجتمع المصري، ولافتاً إلى أن المشكلة الطائفية في مصر الكل مسؤول عنها بداية من الأزهر إلى الكنيسة فالأحزاب والقوانين.

في المقابل، حاول البعض نزع الصفة الطائفية عن الحادثة، كما فعل الصحافي خالد صلاح، رئيس مجلس إدارة موقع اليوم السابع، في سلسلة تغريدات منها:

https://twitter.com/Youm7Khaled/status/735764104686632964

أما الكاتبة فاطمة ناعوت فقد كتبت:

https://twitter.com/FatimaNaoot/status/735782944590069760

أزمة المحافظ

"أنا مش فاهم الدولة مستنية إيه بعد تعرية إمرأة مصرية صعيدية وزفها في الشوارع عارية. ما هو الحدث الواجب معه إقالة محافظ أو مدير أمن أو أي مسؤول؟ اتقوا الله"، كتب الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة وسكرتير المجمع المقدس الأنبا رافائيل على حسابه على فيسبوك.

كل المسؤولين الأقباط، ومنهم البابا تواضروس الثاني والأنبا مكاريوس، أكّدوا أن المسؤولين وعدوهم بمعاقبة الجناة. حتى أن مكاريوس سمّى من بين المسؤولين الذين تعهّدوا بذلك محافظ المنيا.

ولكن فجأة، أدخل محافظ المنيا اللواء طارق نصر، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد موسى، الإخوان المسلمين في الموضوع، معتبراً أنهم يسعون إلى عمل كبائر من الصغائر، وهو تصريح يدلّ على رغبته في التنصّل من مسؤولية التقصير.

وذهب نصر إلى حد نفي الاعتداء على السيدة المسيحية وتجريدها من ملابسها، مدعياً أن سيدات ركضن بملابس النوم بعد إلقاء شباب غير واعين لكرتين مشتعلتين على منازل مسيحيين واشتعال النار فيها.

وقد أثار كلام نصر سخط الكثيرين من المصريين.

https://twitter.com/amroabdelhamid/status/735776077641961473

من جانب آخر، اعتبر عضو مجلس النواب عبد الرحيم علي أن "العيب في دولة القانون التي لم تتحقق بعد على أرض الواقع في مصرنا المحروسة حتى الآن".

*الصورة: كنيسة مريم العذراء في القاهرة/عن وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة: