متابعة حسن عبّاس:
أدى الانقلاب الفاشل في تركيا إلى إبعاد أنقرة عن أميركا وأوروبا، بسبب سجالات حول التخطيط للانقلاب أو دعم المخططين، وفي المقابل، قرّبها من روسيا، بعد فترة من التباعد.
وبشكل عام، وبرغم حدّة الانتقادات التي تتبادلها أنقرة مع واشنطن وبروكسل، لا يتوقع الخبراء أن تصل الأمور إلى تغيير كبير في تحالفات تركيا.
غولن بين أنقرة وواشنطن
بعد محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا، اتهم الرئيس رجب طيب أردوغان حلفاءه الغربيين "بدعم الإرهاب ومدبّري الانقلاب"، وامتعض من عدم زيارتهم تركيا لدعمه.
وتطالب تركيا الولايات المتحدة بتسليم الداعية فتح الله غولن المقيم في المنفى في ولاية بنسلفانيا الأميركية والذي تعتبره أنقرة العقل المدبّر "للمؤامرة من الخارج". لكن أميركا تسألها تقديم ملف قانوني يثبت اتهاماتها لأن مسألة تسليمه قضائية.
اقرأ أيضاً:
ماذا يجري بين داعش وبوكو حرام؟
إيران تنفذ حكم الإعدام بحق 20 شخصا
واعتبر السفير التركي السابق في لندن أونال جيفيكوز، في حديث إلى صحيفة "حرييت" التركية، أن "تركيا لم تبرع مطلقاً في تحضير ملفاتها المتعلقة بالتسليم بشكل فعال".
وربط رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم بين تسليم غولن وبين "حل المشكلة بين الشريكين الاستراتيجيين".
في المقابل، تحرص واشنطن على استمرار لغة التخاطب الهادئ بينها وبين أنقرة التي تصفها بأنها صديقها وحليفها داخل حلف شمال الأطلسي.
ورأى جان ماركو، أستاذ العلوم السياسية في جامعة غرينوبل، أن تركيا ستبقى بالنسبة إلى واشنطن "شريكاً أساسياً في الشرق الأوسط". وبرأيه، "سيفعلون كل شيء لإرضائها، حتى وإنْ لم يتخلّوا عن غولن".
خلافات مع أوروبا
من جانب آخر، أحدث الانقلاب الفاشل تصدعاً في العلاقات بين أنقرة والاتحاد الاوروبي. فبروكسل هددت بتجميد مفاوضات انضمام أنقرة إلى الاتحاد إذا استمرت حملة الاعتقالات "العشوائية" الجارية حالياً في تركيا.
في المقابل، تهدّد أنقرة بإلغاء اتفاقها مع بروكسل حول المهاجرين، علماً أن هذا الاتفاق الذي جرى التوصّل إليه في آذار/مارس الماضي حدّ بشكل كبير من تدفق اللاجئين إلى أوروبا الغربية والشمالية.
وفي آخر السجالات ذات الصلة، دعا مستشار النمسا إلى وضع حد لـ"خيال" انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. وردّ وزير شؤون الاتحاد الأوروبي في تركيا عمر جليك بأن تصريحات المستشار تقترب من خطاب اليمين المتطرف.
تقارب مع روسيا
ظهرت بوادر تقارب كثيرة بين أنقرة وموسكو منذ ما قبل محاولة الانقلاب. وقد شكر وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على "دعم روسيا غير المشروط، خلافاً للبلدان الأخرى".
وينتظر أن يزور الرئيس التركي روسيا في التاسع من آب/أغسطس لتكريس المصالحة بعد خلاف استمر 10 أشهر، منذ إسقاط تركيا طائرة روسية على الحدود التركية-السورية.
وبحسب جان ماركو، لم يصل الأمر بين البلدين "إلى مستوى تحالف حتى وإن كان هناك تقارب" له "دوافع اقتصادية مؤكدة"، مشيراً إلى أنه ما زال هناك الكثير من "المواضيع الخلافية: سورية، الشرق الأوسط أو أوكرانيا".
واعتبر ماركو أنه، برغم الانتقادات التركية الحادة، "فإن التحالف التركي الغربي يبقى محوراً تُبنى عليه السياسة الخارجية لتركيا".
خطر الإرهاب
في ظل كل هذه الملفات، تواجه تركيا خطر الإرهاب. واعتقلت الشرطة التركية الخميس، 4 آب/أغسطس، 20 شخصاً يشتبه في انتمائهم إلى داعش، في مدينة أضنة الجنوبية.
ونفّذت شرطة مكافحة الإرهاب، تدعمها طائرة هليكوبتر، مداهمات متزامنة في 22 موقعاً في المدينة بعد معلومات عن أن خلايا للتنظيم المتشدد تخطط لهجمات.
وتقع المدينة قرب قاعدة أنجرليك الجوية حيث تتمركز قوات أميركية وتنطلق منها لتنفيذ ضربات جوية لقتال داعش.
وتعتبر هذه القاعدة أساسية لعمليات التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب ضد داعش. وينشر الحلف الأطلسي فيها أسلحة نووية تكتيكية.
*الصورة: تجمع لأنصار أردوغان في ألمانيا/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659