متابعة علي عبد الأمير:
ثمة رؤية غربية وإقليمية ترسم ملامح مشهد للكرد العراقيين على أنهم يحتفظون بالأراضي التي يحررونها من سيطرة داعش تعزيزا لنفوذهم المستقبلي، بل أن الأراضي يمكن أن تستخدم كورقة مساومة في المفاوضات مع الحكومة المركزية بعد معركة الموصل، لتحقيق المزيد من المكاسب ضمن الحكم الذاتي أو حتى الاستقلال.
وجديد هذه الرؤية، يمثله تقرير كتبه من السليمانية، بن كيسلنغ في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، وفيه أن "السيطرة الكردية على الأراضي العراقية توسعت بحوالي 50 في المئة في العامين الماضيين"، بينما يوضح أكثر من هذا، حين يلفت إلى أنه ومنذ الشهر الماضي، سيطرت قوات البيشمركة الكردية على عدد من القرى القريبة من الموصل وبعض نقاط الوصول الاستراتيجية المؤدية إلى المدينة، خلال الهجوم الذي يعتبر جزءا من عمليات القوات العراقية وحلفائها استعدادا للقيام بعملية واسعة النطاق في الأسابيع المقبلة لاستعادة السيطرة على المدينة التي تعتبر آخر معقل للجماعة المتطرفة في البلاد.
اقرأ أيضاً:
قوافل المساعدات عبرت تركيا.. لكن طريقها إلى حلب ليس سالكاً
أميركيون يطالبون بالعفو عن مسرب وثائق الاستخبارات إدوارد سنودن
وبحسب ما نشرته الصحيفة الأميركية، فإن ذلك "أغضب" رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي حذر الكرد من مواصلة الاندفاع إلى الموصل، مشددا على أن "غالبية سكان الموصل هم من العرب السنة ويمكن أن يقاوموا التوغل الكردي".
من جهتها تشدد الولايات المتحدة على أولويتها المتمثلة بـ"هزيمة الدولة الإسلامية وأن السياسة (الخلافات) هي ثانوية وسيتمكن العراقيون منها"، وهو ما أوضحه الأربعاء، 14 أيلول/سبتمبر، في بغداد، نائب وزير الخارجية الأميركي توني بلينكن، مؤكدا أنّه "قرارهم وعمليتهم (السياسية) التي يسعون إلى تطويرها".
ويلفت الكاتب إلى أن "الرئيس الكردي مسعود البارزاني أعلن أنّه مستعد للتعاون في الوقت الراهن. لكن بعض الكرد العراقيين يدعون لإجراء محادثات من شأنها تقسيم محافظة نينوى، وعاصمتها الموصل، والسماح لسكان الأراضي التي استولى عليها الكرد بالتصويت على ما إذا كانوا يريدون الانضمام لكردستان".
هذه المطالب "تؤكد التحديات التي يواجهها العراق في البقاء بلدا موحدا: فمع اقتراب هزيمة داعش، ستبدو مختلف القوى والجماعات العرقية وقد فقدت العدو المشترك الذي تتوحد ضده".
وضمن نهج لتعزيز طموحاتهم بالاستقلال، "سعى الكرد العراقيون للمساهمة القوية في الحرب ضد الدولة الإسلامية لتلميع أوراق اعتمادهم لدى الغرب باعتبارهم أحد الشركاء الأكثر فعالية على الأرض" والقادر على هزيمة مسلحي داعش.
لكن المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، سفين دزه ئي، يقول إن "فكرة الاستقلال ليست أجندة خفية"، موضحا "الكرد لا يمكن أن ينتظروا 12 عاما مرة أخرى لمعرفة ما إذا كان الدستور سوف يتم تنفيذه".
ويرى التقرير أن قوات البيشمركة تنسق أحيانا مع الحكومة المركزية في محاربة داعش، لكنها تفضل دائما الاعتماد على مساعدة قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة في توفير الدعم الجوي المزيد من الأراضي، في وقت "يظهر الزعيم الكردي بارزاني، ورئيس الوزراء العبادي وقد وصلا إلى انفراج في الأسابيع الأخيرة، تبدو معه بغداد مستعدة لمناقشة استقلال الكرد، على الرغم من أن العبادي لم يعلق على الأمر الذي أعلنه مؤخرا قيادي كردي رفيع المستوى، هو الملا بختيار".
لكن "الحديث عن الاستقلال يمكن أن يكون شيئا أكثر من وسيلة لانتزاع المزيد من التنازلات من الحكومة العراقية"، فيعترف سعيد كاكائي، وهو أحد كبار مستشاري الحكومة الكردية بأن "الأراضي التي انتزعت من سيطرة الدولة الإسلامية يمكن أن تساعد أيضا الكرد بالحصول على شروط أفضل في محادثات مع الحكومة المركزية". وردا على سؤال من كاتب التقرير إذا كانت الأرض يمكن استخدامها على طاولة المفاوضات في وقت لاحق، أجاب ببساطة: "نعم".
*الصورة: قوات البيشمركة في قتال شرق الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659