متابعة حسن عبّاس:
تحتدم وتيرة التنافس الانتخابي في المغرب مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية. ويدور سجال واسع بين حزبي "العدالة والتنمية" الإسلامي و"الأصالة والمعاصرة" الذي يقدّم نفسه على أنه مدافع عن "المشروع الديمقراطي الحداثي" في مواجهة "المد المحافظ".
مواجهة التيار المحافظ
وقال أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة إلياس العماري لوكالة الصحافة الفرنسية "نسعى إلى تطوير المجتمع في تنافسنا مع المد المحافظ، وهذا المد المحافظ موجود داخل الدولة وخارج الدولة. وإذا أردنا أن نكون حداثيين يجب أن نواجه حتى التيار المحافظ داخل الدولة وليس فقط خارجها".
اقرأ أيضاً:
مقتل 12 شخصاً بهجوم انتحاري في تكريت
أكثر من 130 جثة قبالة سواحل مصر
وحزب الأصالة والمعاصرة هو ثاني أكبر حزب في المغرب. وقد تأسس سنة 2008 على يد فؤاد عالي الهمة، صديق دراسة الملك ومستشاره الحالي والذي انسحب من الحزب بداية 2011 بعد اتهامات بالفساد طالته.
ويتهمه حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يقود التحالف الحكومي بأنه مدعوم من وزارة الداخلية التي يصفها بأنها "دولة داخل الدولة".
وتوقّف العماري، 49 سنة، وانتخب أميناً عاما للأصالة والمعاصرة بداية عام 2016، عند موقف لرئيس الحكومة عبد الإله بن كيران قال فيه "نحن على منهاج ابن تيمية".
وعلّق "نحن نعرف مَن يتبنى مذهب ابن تيمية"، شارحاً أن هذا المذهب الذي أخذ عن الإمام أحمد تبنّاه محمد عبد الوهاب، واتبعه سيد قطب في ما بعد كمرجعية لدعوته إلى الجهاد وتكفير المجتمع.
وأضاف "هو أيضا المذهب الذي تتبعه الحركات الدينية التي تستعمل جميع الوسائل من أجل التمكين".
الحريات والمرأة
وقال العماري إن ما يقع في المجتمع بسبب هذه الإيديولوجيا "يخيفنا"، معدداً وقائع شهدها المغرب خلال السنوات الخمس الأخيرة وبينها "قبلة مدينة الناظور"، عندما حوكم قاصران في شمال شرق المغرب على نشرهما صورة لقبلة لهما على موقع فيسبوك، إضافة إلى واقعة "تنورة إنزكان" في جنوب البلاد حينما لوحقت فتاتان قضائياً بسبب ارتدائهما تنورة في سوق شعبي، ثم "واقعة بني ملال" في وسط البلاد حيث تم تعنيف مثليين في شقتهما.
ورفض العماري بشدة إمكانية التحالف مع العدالة والتنمية في الحكومة القادمة، وقال "أبداً. أبداً لن نتحالف معهم".
وقدم العماري في نهاية الأسبوع في مدينة الدار البيضاء برنامج حزبه الانتخابي والمرشحين واللوائح الانتخابية. واختار للمناسبة فندق "غولدن توليب فرح" الذي شهد أحد تفجيرات 16 أيار/مايو 2003 التي أودت بحياة 45 شخصاً بينهم 12 انتحارياً.
وقال "إنها رسالة مباشرة للإرهابيين. فعنوان تلك العمليات الإرهابية كان: نعم للموت، لا للحياة. واختيار الفندق للإعلان عن انطلاق الحملة هو للقول: نعم للحياة ولا نخاف من الموت".
وتبنى الأصالة والمعاصرة الدفاع عن المرأة كإحدى أولوياته، وقدم لائحتين انتخابيتين نسائيتين بنسبة مئة في المئة، إضافة إلى ست لوائح محلية تترأسها نساء.
وقال العماري "نتوقع أن تكون لحزبنا داخل البرلمان أكثر من 30 امرأة، أولاً حتى نكون منسجمين مع خطابنا، وثانياً لإعادة الاعتبار للمرأة المغربية بسبب ما تعرضت له خلال السنوات الخمس الماضية، وما تعرضت له من استغلال مركب قبل وبعد الاستقلال".
حزب الملك؟
ووصف ابن كيران خصمه إلياس العماري بـ"الباندي" (رجل عصابة) و"تاجر المخدرات" الذي "يستعمل أساليب غير مشروعة" في الساحة السياسية. لكن العماري تحدى رئيس الحكومة بفتح تحقيق في هذه الاتهامات.
وبين التهم الموجهة إلى حزب الأصالة والمعاصرة وصفه بـ"حزب القصر" الذي "يستمر في الوقوف وراءه" مستشار الملك فؤاد عالي الهمة.
لكن العماري ينفي ذلك ويقول إن الهمة "كان واحداً من المؤسسين وقد انسحب". ويضيف "كل الأحزاب الكبيرة في المغرب وقف وراء تأسيسها أشخاص قريبون من القصر الملكي بما في ذلك حزب العدالة والتنمية الذي أسسه الراحل عبد الكريم الخطيب، كما أن كثيرين من المستشارين الحاليين للملك كانوا أعضاء في الأحزاب الحالية".
واعتبر العماري أنه "عندما نريد أن نحاكم الأحزاب، علينا أن نحاكمها على مشروعها المجتمعي الخاص بها".
الإصلاح في ظل الاستقرار
من جانبه، كان حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم قد أطلق الأحد، 26 أيلول/سبتمبر، حملته الانتخابية بتجمع حاشد نظمه في العاصمة الرباط.
وتحدّث ابن كيران عن علاقة حزبه بالمؤسسة الملكية، وهي علاقة شهدت "توترات عديدة" بحسب الصحافة المغربية، فأوضح أنه يدير العلاقة مع الملك المغربي محمد السادس "بمنطق التعاون ومنطق الود بعيداً عن منطق المنازعة الذي كان سائداً في أوقات معينة في تاريخ المغرب".
وأعاد التذكير بموقف حزبه من ثورات "الربيع العربي" والحراك الشعبي في المغرب عام 2011، موضحاً أن حزبه قال حينها "لن نغامر ببلادنا ولن نغامر بنظامنا ولن نغامر بالمؤسسة الملكية ضامنة الاستقرار بعد الله"، وهو الشعار الذي ترجمه حزب العدالة والتنمية فيما بعد بشعار "الإصلاح في ظل الاستقرار".
وانطلقت حملة الانتخابات التشريعية رسمياً السبت على أن تختتم مساء السادس من تشرين الأول/أكتوبر، عشية الاقتراع.
وإضافة إلى حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، يتنافس نحو 30 حزباً و6992 مرشحاً لكسب أصوات قرابة 16 مليون ناخب مغربي مسجل، للفوز بـ395 مقعداً برلمانياً.
*الصورة: جانب من تجمع انتخابي لحزب العدالة والتنمية في الرباط/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659