متابعة إلسي مِلكونيان:

نددت المركزية النقابية ومنظمة حقوقية في تونس الثلاثاء، 27 أيلول/سبتمبر، بدعوة مفتي تونس، الشيخ عثمان بطيخ، لوقف الاحتجاجات الاجتماعية والاعتصامات، وطالبتا دار الافتاء بعدم التدخل في مسائل كهذه.

وكان المفتي قد دعا الإثنين التونسيين في بيان إلى "ترك" الاحتجاجات والاعتصامات "المعطلة للعمل والإنتاج" والانصراف للعمل والدراسة.

وقال المفتي "نهيب بأبناء شعبنا أن يصرفوا جهودهم كاملة إلى الإقبال على العمل وعلى الدراسة وأن يجتهدوا في تحسين مردودهم وتطوير مجهودهم، ولا مناص إلى ذلك إلا بترك الاحتجاجات العشوائية والاعتصامات المعطلة للعمل والإنتاج وسد الطرق والإضرار بالملك العام".

وأضاف المفتي أن تونس تعيش وضعاً اقتصادياً صعباً اليوم وقال إنها على "مفترق طرق" لذا يتوجب على المواطنين حشد الجهود لإنقاذها.

اقرأ أيضاً:

معركة الموصل: قوات متعددة بدوافع مختلفة

استمعوا إلى عراقيين من كل الطوائف

من جهته، أكد بو علي المباركي مساعد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) في تصريح لإذاعة "شمس أف أم" الخاصة "احترامنا وتقديرنا لدار الإفتاء وسماحة المفتي"، مضيفاً "لكن لا نريد أن يقع الزج بهم في هذا الحراك الاجتماعي والمطالب الاجتماعية، حتى لا تصبح صورتها ومصداقيتها (بالإشارة إلى دار الإفتاء) محل نقد وانتقاد".

كما أعرب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهو منظمة غير حكومية، عن "استنكاره تدخل مؤسسة الإفتاء في مجال يتجاوز اختصاصاتها"، محذراً من "خطورة توظيف السلطة الدينية لمفتي الجمهورية التونسية في مجال الحكم على التحركات الاجتماعية".

موقف حكومي مماثل

ويأتي موقف المفتي هذا متوافقاً مع تصريحات رئيس الحكومة الجديد يوسف الشاهد عندما انتقد أثناء خطاب نيل الثقة أمام البرلمان، في 26 آب/أغسطس الماضي، تحول "الحرية" التي أتت بها ثورة 2011 إلى "فوضى" للاعتصامات والاضرابات العمالية.

وقال الشاهد "سنكون حازمين في التصدي لكل الاعتصامات غير القانونية وغير المشروعة مع التزامنا بضمان حق الاضراب المنصوص عليه في الدستور".

تأثير الاعتصامات على القطاع الاقتصادي

وأعلن الشاهد في خطابه أيضاً أن إنتاج الفوسفات في تونس قد تراجع خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة 60 في المئة جراء الاعتصامات. ويعتبر الفوسفات قطاعاً استراتيجياً للاقتصاد التونسي، إذ تكبدت الدولة بسبب تراجع الإنتاج خسائر بقيمة خمسة مليارات دينار (ما يعادل ملياري يورو).

وقد سبب اعتصام عشرات من العاطلين عن العمل، بسبب عدم صرف رواتبهم من شركة "بتروفاك" البريطانية للخدمات النفطية إلى توقف عمل الشركة كلياً، منذ كانون الثاني/يناير 2016. لكن الحكومة توصلت إلى اتفاق مع المحتجين الجمعة، مما مكن الشركة من استئناف نشاطها.

وتنشط بتروفاك في حقل غاز "الشرقي" بسواحل قرقنة الذي ينتج يومياً 800 ألف متر مكعب من الغاز ويوفر 12 في المئة من حاجات تونس السنوية من الغاز، حسب وكالة  الصحافة الفرنسية نقلاً عن إحصائيات تونسية رسمية.

كما تضرر قطاع السياحة أيضاً من تصاعد عنف جماعات جهادية متطرفة مثل تنظيم داعش الذي قتل 59 سائحاً اجنبيا في 2015 في هجومين على متحف وفندق.

وبعد خمس سنوات على الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي، لا يزال النمو الاقتصادي في تونس ضعيفا (0.8 في المئة في 2015) ومعدل البطالة مرتفعا (أكثر من 15 في المئة حاليا) خصوصا في صفوف خريجي الجامعات، كما تعاني البلاد من تفاقم الفساد والتهريب والتهرب الضريبي، ومن مواصلة اعتماد البلاد تشريعات اقتصادية معطلة للاستثمار، وفق منظمات مالية دولية.

*الصورة: اعتصام العمال في قرقنة/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة: