متابعة علي عبد الأمير:

"الموظف السعودي محمد إدريس، الذي كان يسافر إلى لندن مرة واحدة أو مرتين في السنة، يدعو زوجته وأولاده هذه الأيام إلى خفض استخدام سيارة العائلة توفيرا للوقود، ويقوم بتركيب الألواح الشمسية للمطبخ للحد من تكاليف التيار الكهربائي"، هكذا يبدأ تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، ويظهر كيف أن عددا كبيرا من المواطنين السعوديين، مثل إدريس، تمتعوا على مدى عقود بأسلوب حياة مريحة في المملكة الصحراوية، فيما أنفق حكامها مئات المليارات من الدولارات التي تعود بها صادرات النفط لدعم الأساسيات مثل الوقود والمياه والكهرباء.

لكن الانخفاض الحاد في أسعار النفط، مصدر الدخل الرئيسي للمملكة العربية السعودية، اضطر الحكومة إلى سحب دعمها للخدمات الأساسية وهو ما أصاب الطبقة المتوسطة بالضرر، وهي جزء من المجتمع الذي لطالما ظل بعيدا عن مشاكل حياتية كهذه.

اقرأ أيضاً:

كيف غيرت الحروب من إجراءات السفر؟

بلغاريا تحظر النقاب.. باستثناءات!

ويلفت التقرير إلى تأثيرات الأزمة المالية على بعض شركات البناء المدعومة من الدولة، حيث تتوقع جفاف التمويل الحكومي، موضحا أشكالا من خفض الإنفاق لدى أبناء الطبقة العاملة السعودية المتوسطة، ومعظمهم من العاملين في الحكومة، فقد أصبحوا أكثر وعيا حول الإنفاق في الأشهر الأخيرة، فهم يغيرون طلباتهم من الخدمات السابقة إلى خيارات أكثر بأسعار معقولة.

ولتعزيز مالية الدولة، خفضت السعودية دعم الوقود والكهرباء والمياه، في كانون الأول/ديسمبر الماضي، بعد أن سجلت عجزا قياسيا في الموازنة، كما أنها تخطط لخفض كمية الأموال التي تنفق على الأجور في القطاع العام وجمع المزيد من العائدات غير النفطية عن طريق الضرائب.

لكن ليس لدى الحكومة الكثير من الخيارات، كما يوضح التقرير ذلك، فالنمو في الناتج المحلي الإجمالي تباطأ إلى 1.5 في المئة في الربع الأول مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ويرتبط التباطؤ في القطاعات المرتبطة بالمستهلك، الذي يعاني منذ بداية عام 2016 مع ارتفاع التضخم وتآكل دخل الأسر.

في اللهب السياسي والطائفي

ويتضمن التقرير عرضا للمخاطر السياسية للأزمة المالية في السعودية، ويرى أنها مرتفعة، فقد نجت المملكة العربية السعودية من اضطرابات "الربيع العربي" وإلى حد كبير من خلال تقديم الصدقات النقدية والمزيد من الوظائف الحكومية لاسترضاء شعبها، حيث يعمل حوالي ثلثي العاملين السعوديين في الكيانات المرتبطة بالحكومة.

وبالإضافة إلى الوظائف الهينة، تتلقى الطبقة الوسطى السعودية مدفوعات العمل الإضافي والمكافآت الكبيرة. ففي وقت صعوده إلى العرش في وقت مبكر من العام الماضي، أمر الملك سلمان بدفع مكافأة ضخمة لموظفي الحكومة، لكن هذا السخاء يبدو وكأنه شيء من الماضي.

السعوديون بدأوا يتحدثون عن شعور بالقلق حول الاقتصاد. وينقل التقرير عن فني الصيدلة بالرياض، عماد ماجد، قوله "أعتقد أننا نمرّ بفترة صعبة وستكون هناك معاناة".

ويتحدث بعض المحللين السعوديين عن استياء واضح من الأزمة المالية في منطقة غارقة في الصراع السياسي والطائفي، وهل يمكن أن تتحمل المملكة اضطرابا مماثلا.

وفيما تبدو خيارات المملكة العربية السعودية محدودة في مواجهة الأزمة المالية "هناك الكثير من الحديث عن تنويع الاقتصاد، لكن التركيز يبدو أنه سيكون فقط على زيادة الضرائب"، يلفت التقرير إلى أن الشعب السعودي الآن "متوتر وقلقه يتزايد على مستقبله".

شكوك دولية

وتواجه السعودية عدداً من التحديات الداخلية والخارجية ومنها، الحرب في اليمن حيث انغمست الرياض في صراع عسكري وسياسي معقد مكلف لها سياسيا وأمنيا واقتصاديا، إلى جانب نوع جديد من التحديات، مثّله قانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب" (جاستا) الذي أقرّه الكونغرس الأميركي الجمعة، 9 أيلول/سبتمبر، وسمح لعائلات ضحايا هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 بمقاضاة دول أجنبية مثل السعودية أمام القضاء الأميركي ومطالبتها بتعويضات عن الأضرار، حيث كان معظم منفذي تلك الهجمات من السعوديين، وهو ما يعيد النقاش على مستوى واسع حول دعم المال السعودي للمنظمات الإرهابية.

*الصورة: مدينة الرياض/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 012022773659

مواضيع ذات صلة: