متابعة حسن عبّاس:
بحذر، يراقبون محيطهم. يتقدّمون في مجموعات من خمسة عناصر. يصوّبون بنادقهم في كل الاتجاهات، ويقتربون من مبنى مهجور يقع بجانب الطريق. هم جنود عراقيون يقومون بمهمة خطيرة. ينظّفون المناطق التي انسحب منها الإرهابيون، قبل تقدم القوات العراقية نحو الموصل.
غالباً ما يكون عناصر جهاز مكافحة الإرهاب في الخطوط الأولى للمعارك التي تخوضها القوات الحكومية، وهم يعتبرون بمثابة قوات النخبة في العراق.
ويتولّون في المناطق التي تمّت استعادتها من داعش مهمة تأمين المنطقة، أي تمشيطها من أجل العثور على القنابل المحتملة التي خلفها الإرهابيون وراءهم، أو حتى السيارات المفخخة، ومطاردة من تبقى من عناصر التنظيم المتطرّف.
اقرأ أيضاً:
الموصل: 3300 نازح والقوات الأمنية تقترب من مشارف المدينة
سكان من الموصل: عناصر من داعش يحلقون لحاهم
وتتولى آليات مصفحة تأمين تغطية نارية لهم، فتتقدم في شوارع برطلة، البلدة المسيحية الخالية من سكانها والواقعة شرق الموصل، مطلقة النار من أسلحة ثقيلة.
أما عناصر جهاز مكافحة الإرهاب، فيتقدمون ببطء في شارع اسفلتي عريض على بعد أمتار من الأبنية، فيما تشاهَد بقايا إطارات تحترق. وأضرم عناصر داعش النار في الإطارات لاستحداث دخان أسود كثيف يساهم في تغطية تحركاتهم على الأرض.
وقال العقيد مصطفى إن إطلاق النار يستهدف الأبنية المشبوهة، وتقاطعات الطرق حيث يمكن لقناصة أن يختبئوا بسهولة.
مهمة محفوفة بالخطر
وقال الضابط في جهاز مكافحة الإرهاب مرتضى نبيل "اليوم وبعدما طهّرنا المناطق التي أمامكم هذه، عدنا مرة أخرى إلى الخلف لتطهير الشارع".
وتبدو المهمة محفوفة بالخطر، إذ إن القسم الأكبر من القوات التي دخلت برطلة غادرتها إلى معركة أخرى، وتتناول المهمة تأمين طريق تقود من الثكنات العسكرية العراقية مباشرة إلى مدينة الموصل.
تجهيزات القوة التي تعمل على تنظيم المنطقة ليست مختلفة عن تجهيزات الوحدات العراقية الأخرى. فعندما ينزل هؤلاء إلى خنادق محفورة تحت الأرض من أجل كشف ما فيها، لا يملكون إلا سلاحهم الرشاش، ويرتدون مجرد قميص قطني.
إلا أن عناصر مكافحة الإرهاب يتميّزون عن سواهم بتدريب مختلف، وبرواتب قد تصل إلى نحو ألفي دولار، وهو راتب أعلى بكثير من رواتب العديد من عناصر الجيش العراقي، بحسب ما يوضح البعض.
وقال العقيد سامر "تدرّبوا على أيدي الأميركيين، وهذا أمر مميّز".
وحصلوا أيضاً من الأميركيين على تجهيزات متطورة جداً مثل نظارات الرؤية الليلية التي يحملها الجندي أنور بفخر، مشيراً إلى انه كان يقود آلية مصفحة، وكان "أول من دخل برطلة خلال معركة تحريرها". ويشير إلى آثار رصاصات أصيب بها بشكل طفيف عندما أطلق عليه قناص من داعش النار.
كما يحمل عناصر مكافحة الإرهاب ألواحاً إلكترونية حصلوا عليها من التحالف الدولي، يُدخلون فيها معلومات لتحديد مواقعهم.
وقال الرقيب عمار حاملاً لوحاً بيد وبيد أخرى جهاز اتصال لاسلكياً "تلتقط طائرات التحالف المعلومات وتنقلها إلى قيادتنا التي ترسلها لنا بدورها عندما نكون على الأرض، فلا يعود أمامنا إلا التقدم بآلياتنا".
وشرح عمار أن الطريق تُعتبر سالكة عندما لا يحصل رد على إطلاق النار.
وتحدث حمزة، وهو عنصر آخر في الجهاز، عن "فرق متخصصة" لإزالة العبوات والألغام. وقال إن هذه الفرق تعمل "على معاينة الطريق للتأكد من عدم وجود عبوات ناسفة".
وأضاف "إذا عثرنا على آليات عسكرية مفخخة نعمل على تفكيك المتفجرات الموصولة بها. ونعمل على تأمين الحماية يميناً ويساراً لفرق الهندسة كي تقوم بعملها".
فور إعلان الرقيب عمار انتهاء المهمة، تصل فوراً وجبات من الأرزّ يتناولها الجنود، بعضهم وقد جلس على الرصيف، وآخرون يأكلون وهم داخل الآلية.
وقال قائد جهاز مكافحة الإرهاب الفريق عبد الغني الأسدي متحدثاً عن المحور الذي يعمل عليه الجهاز (شرق الموصل) "أتممنا كل مراحل الصفحة الأولى، وأصبحنا على مشارف الموصل، على بعد خمسة كيلومترات إلى ستة. ونحن بانتظار المحاور الأخرى".
(بتصرّف عن وكالة الصحافة الفرنسية)
*الصورة: عناصر في جهاز مكافحة الإرهاب العراقي/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659