متابعة حسن عبّاس:
بعد نحو سنتين ونصف السنة من الفراغ الرئاسي، انتخب مجلس النواب اللبناني الإثنين، 31 تشرين الأول/أكتوبر، الزعيم المسيحي ميشال عون رئيساً للجمهورية.
وشارك جميع أعضاء مجلس النواب الـ127 (من أصل 128 بسبب قبول استقالة أحدهم قبل أسابيع). وفاز عون بأكثرية 83 صوتاً، بينما وُجدت 36 ورقة بيضاء، وسبع أوراق ملغاة، وصوت واحد للنائبة ستريدا طوق جعجع.
ولم يتمكن عون من الفوز من الدورة الأولى، بنيله 84 صوتاً، أي أقل من ثلثي الأصوات التي ينص الدستور على أن الفوز من الدورة الأولى يتطلب الحصول عليها.
اقرأ أيضاً:
القوات العراقية تقترب من أحياء الموصل الشرقية
قرب الموصل: هل ستعود الأقليات النازحة وتتعايش مع الأغلبية؟
ويُكتفى بالأكثرية المطلقة في الدورات التي تلي الدورة الأولى. وجرت دورة ثانية لم تُحتسب لأنه وُجدت في صندوق الاقتراع 128 ورقة بينما يفترض أن يكون العدد 127. وتكرر الأمر في دورة ثالثة.
وفي الدورة الرابعة، صار الزعيم البالغ من العمر 81 عاماً الرئيس الـ13 للجمهورية اللبنانية منذ الاستقلال.
ويحظى عون منذ بداية السباق بدعم حليفه حزب الله، لكنه لم يتمكن من ضمان الأكثرية المطلوبة لانتخابه إلا بعد إعلان خصمين أساسيين تأييده، وهما رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي يتقاسم معه شعبية الشارع المسيحي، ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري، أبرز زعماء الطائفة السنية، كما انضم إلى المؤيدين أخيراً الزعيم الدرزي وليد جنبلاط.
ويرى مؤيدو عون أنه نموذج لـ"الرئيس القوي" وأنه "قائد شجاع نظيف الكف" وزعيم برز من خارج العائلات السياسية التقليدية، فيما يرى فيه خصومه شخصاً عصبياً وانفعالياً ويصعب التفاهم معه.
الخطاب الرئاسي الأول
وفي خطاب القسم الذي أدلى به بعد انتخابه أكد عون أن "الاستقرار السياسي لا يمكن أن يتأمن إلا باحترام الدستور والقوانين ويجب تنفيذ وثيقة الاتفاق الوطني من دون استنسابية".
وأضاف "لبنان السالك بين الألغام لا يزال في منأى عن النيران المشتعلة حوله في المنطقة. ويبقى في طليعة أولوياتنا عدم انتقال أي شرارة إليه"، مضيفاً "من هنا ضرورة ابتعاده عن الصراعات الخارجية"، ومتعهداً بأن "الجيش سيكون هاجسي ليصبح جيشنا حافظاً لسيادتنا".
وتابع عون "علينا معالجة مسألة النزوح السوري عبر تأمين العودة السريعة للنازحين، ساعين إلى ألا تتحول مخيمات وتجمعات النزوح إلى مخيمات أمنية".
ودعا الرئيس الجديد إلى إطلاق خطة اقتصادية "تغيّر اتجاه المسار الانحداري".
وفي ما يتعلق بالصراع مع إسرائيل، أكد "أننا لن نألو جهداً ولن نوفّر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من أرضنا اللبنانية المحتلة".
من هو ميشال عون؟
انضم ميشال عون إلى السلك العسكري عام 1955 ثم تولى قيادة الجيش عام 1984.
وعام 1988، بعد تعذّر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، كلّفه رئيس الجمهورية آنذاك أمين الجميل بتشكيل حكومة انتقالية تتولى التحضير لانتخابات رئاسية، فشكّل عون حكومة عسكرية تمارس صلاحيات رئاسة الجمهورية، بحسب نص الدستور اللبناني.
ولكن تعذّر إجراء الانتخابات النيابية في موعدها. فبقي عون في القصر الجمهوري لمدة سنتين.
خلال هاتين السنتين، خاض "حرب التحرير" ضد القوات السورية، وهي حرب كرّسته زعيماً بين المسيحيين الذين كانوا يشكون من الهيمنة السورية على الحياة السياسية اللبنانية، ثم خاض ما عُرف بـ"حرب الإلغاء" ضد "القوات اللبنانية"، بزعامة سمير جعجع، بهدف تجريدها من سلاحها الذي كان يطالب بحصره في "يد الشرعية". وتركت هذه الحرب أثراً عميقاً على المسيحيين الذين انقسموا منذ ذلك الحين بشكل حاد بين الزعيمين.
لكن في 13 أيلول/تشرين الأول 1990، شنّ الجيش السوري والجيش اللبناني الخارج عن سيطرة عون والخاضع للشرعية التي أفرزها اتفاق الطائف حملة عسكرية لإخراج عون من قصر بعبدا وتسلميه للرئيس المنتخب إلياس الهراوي. فلجأ عون إلى السفارة الفرنسية في بيروت حيث بقي تسعة أشهر محاصراً داخلها قبل أن يغادر إلى فرنسا.
بقي عون في منفاه الفرنسي لمدة 15 عاماً، وعاد بعد مقتل رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري عام 2005 وما نتج عنه من خروج للجيش السوري من لبنان.
وفي الانتخابات النيابية عام 2005، فاجأ عون خصومه بفوز تياره بـ21 مقعداً. وفي انتخابات 2009، فاز تياره بـ20 مقعداً، ففرض نفسه الزعيم الأقوى بين مسيحيي لبنان.
وفي خطوة مفاجأة قلبت موازين القوى في لبنان، وقّع عون في شباط/فبراير 2006 وثيقة تفاهم مع حزب الله. وبعد عداء طويل، زار عون سورية ثلاث مرات في الأعوام 2008 و2009 و2010، واستقبله الرئيس السوري بشار الأسد.
الصورة: احتفالات مؤيدي ميشال عون بانتخابه رئيساً للجمهورية اللبنانية/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659