مشاركة من صديق (إرفع صوتك) حسن المأمون:
في المجتمعات البدائية التي رزحت تحت وطأة السطوة الذكورية، لولا براعة نسائها في التجمل والإثارة لسرقة قلوب وألباب رجالها لوضعن مع قطعان الماشية في الحظائر!
وبتطور تلك المجتمعات، مضت قدما أيضا في تطوير الأسيجة المضروبة حول المرأة، بدءا من حزام العفة وليس انتهاء بمجموعة القيم والمفاهيم والعادات والتقاليد التي تنتصب للحراسة. إذن، يجب النظر إلى وضعية المرأة لقياس مدى تقدم وازدهار المجتمعات.
لا يختلف واقع المرأة السودانية عبر تاريخها النضالي الطويل في انتزاع حقوقها كطرف مهضوم الحقوق في المعادلة الاجتماعية عن قريناتها في باقي دول الإقليم، وإن تفاوت الحال نسبيا بناءً على مدى اشتداد قبضة الأعراف والتقاليد الحاكمة للمجتمعات. لكن ما يمنح واقعها ملمحا أكثر بؤساً وقتامة هو الحروب الأهلية المتعاقبة والمندلع أوارها منذ بواكير عهد الاستقلال، وما استتبعته من ظواهر النزوح واللجوء والاقتلاع من البيئة الأصلية. وبالتالي افتقاد وسائل كسب العيش المتعارف عليها وتكون في الغالب الأعم هي الزراعة أو الرعي.
ويتفاقم الحال بؤسا بفقدان المعيل نتيجة للصراع القائم.
كما لا يمكن إغفال العامل البيئي، بعد أن ضربت موجات الجفاف والتصحر أفريقيا منذ ثمانينيات القرن المنصرم. لتتكامل فصول المأساة، ملقية بقطاع واسع من النساء السودانيات وأسرهن على هوامش وتخوم المدن بحثا عن ما يسد الرمق. فاختنقت المدن السودانية بأحزمة الفقر المحيط بخواصرها.
أفرز هذا الواقع مجتمعات متنامية نموا غير طبيعيا ملامحه المميزة هي: الفقر والأمية وانتشار الأمراض والجريمة وامتهان المهن الهامشية. وبما أن المرأة هي أضعف أطراف المعادلة الاجتماعية، فمما لا شك فيه أنها الأكثر تضررا من تبعات هذا الواقع.
عن الكاتب: حسن المأمون، مدون من السودان.
الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي موقع (إرفع صوتك) أو شبكة الشرق الأوسط للإرسال، ويتم نشرها إيماناً بحرية التعبير وضرورة فتح الباب أمام نقاش جاد للأسباب التي أدت إلى انتشار التطرف والإرهاب في المنطقة.