صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:
يعيش مئات الآلاف من النازحين اليمنيين الذي أجبروا على مغادرة ديارهم جراء الحرب التي تعصف بالبلاد منذ نحو 20 شهراً وضعاً إنسانياً كارثياً، في ظل استمرار النزاع وانسداد أي أفق للسلام على المدى القريب.
واضطر أكثر من ثلاثة ملايين يمني لترك ديارهم منذ اندلاع الجولة الأخيرة من الحرب الدائرة في البلاد أواخر آذار/مارس 2015، وسط انهيار شبه كلي للخدمات الأساسية وضعف الاستجابة الدولية لتداعيات الحرب التي خلفت واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم من حيث عدد السكان المحتاجين للمساعدات العاجلة، حسب الأمم المتحدة.
آخر دفعة
“لم نتلق أي مساعدات، نحن ننتظر بفارغ الصبر!”، يقول أحمد هيبل، الذي اضطر للنزوح من دياره في محافظة صعدة شمالي البلاد، والانتقال للعيش مع أفراد عائلته المكونة من 14 فرداً، في مسكن بالإيجار بمديرية تابعة لمحافظة عمران تبعد حوالي 90 كم شمالي صنعاء.
وأضاف لموقع (إرفع صوتك) “استلمنا آخر دفعة من المواد الغذائية قبل أكثر من أربعة أشهر”.
ورغم إقراره بحصوله أربع مرات على مساعدات غذائية منذ بداية نزوحه، لكنه قال إن “المنظمات مقصرة بشكل كبير، تعطينا القليل من المساعدات. لا تكفي. عندي 12 طفلاً”.
ويشكو هيبل من عدم حصوله على بطانيات وفرش وملابس وقائية من موجة البرد القارس التي تشهدها مناطق شمالي البلاد، “نتلقى وعوداً بذلك لكن للأسف يبدو أن رجال قبائل ومتنفذين يستحوذون عليها”.
ويعرب هيبل عن تطلعه لوقف الحرب في أسرع وقت ممكن، ليتسنى له العودة إلى دياره، قائلاً “ستفرج الأمور بعدها إن شاء الله”.
أرقام
ويقطن معظم النازحين في مناطق ريفية أو لدى أقارب أو مساكن بالإيجار في المدن الرئيسية خاصة العاصمة صنعاء، بينما لجأ آخرون إلى مخيمات إيواء، في محيط العاصمة ومحافظات عمران ومأرب وإب، شمالي وشرق ووسط البلاد.
وتقول الأمم المتحدة إن 21 مليون يمني، من أصل 26.5 هم إجمالي سكان هذا البلد الفقير “بحاجة إلى مساعدة”، فيما يعاني 2.2 مليون طفل من “سوء التغذية الحاد ويحتاجون إلى العناية العاجلة”، بزيادة تمثل 200 في المئة مقارنة بعام 2014.
ملاحقة
يقول رمزي عبدالسلام، الذي نزح من مدينة تعز إلى قريته الريفية مطلع نيسان/أبريل 2015، “لقرابة عام وخمسة أشهر، لم أحصل سوى على كمية بسيطة من المواد الغذائية، ولمرة واحدة”.
“في اليمن عليك كنازح الذهاب لملاحقة المنظمات ومطالبتهم بمساعدتك، وهذا صعب بالنسبة للكثير أمثالي”، أضاف رمزي، وهو أب لطفلين، لموقع (إرفع صوتك).
تقصير
ويرى عبد الرحيم السامعي، وهو طبيب وناشط في مجال الإغاثة الإنسانية في تعز (جنوبي غرب)، أن “المنظمات الإغاثية الدولية لم تكن على قدر المسؤولية”.
وباستثناء بعض المنظمات المحلية، التي قال إنها تقدم مساعدات إنسانية للنازحين، ينفي السامعي في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن تكون المنظمات الدولية تقوم بدور ملموس.
بيع
واتهم مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (منظمة مجتمع مدني محلية) نافذين في صنعاء، ومدن أخرى، خاضعة لسيطرة الحوثيين، معنيين بتوزيع المساعدات باستغلال مناصبهم وببيعها (مواد الإغاثة الدولية) لتجار السوق السوداء.
وشاهد مراسل (إرفع صوتك) مواد غذائية (بالجملة، والتجزئة) تباع في بقالات وسط صنعاء، على الرغم من أنها تحمل شعار الأمم المتحدة.
وقال مالك إحدى البقالات بصنعاء، فضل عدم الإفصاح عن اسمه، لموقع (إرفع صوتك) “نحن نشتريها من تجار الجملة ونبيعها للمواطنين... سعرها منخفض”.
نفي أممي
ينفي زيد العلايا، وهو مسؤول الاعلام والاتصال في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA) في صنعاء، مسؤولية المنظمة الدولية عن بيع مواد الإغاثة. ويؤكد “لا نستطيع الحديث عن هذا، في كثير من الأحيان المستفيدين أنفسهم من يبيعونها”.
وأضاف لموقع (إرفع صوتك) “إذا وجدت الأمم المتحدة أن أحد شركائها من المنظمات المحلية أخلت بعملية توزيع المساعدات ستقوم فوراً بتحقيق شامل واتخاذ إجراءات وقائية أوسع”.
وعن قلة المساعدات المقدمة للنازحين، قال العلايا “هذا يتعلق بمحدودية التمويل، لذلك نركز على الفئات الأكثر ضعفاً”.
وأعلنت المنظمات الدولية عن حاجتها إلى حوالى 1.6 مليار دولار لعام 2016، غير أن استجابة المانحين لم تتجاوز 58 في المئة.
وأشار العلايا إلى أن استمرار الأعمال القتالية في كثير من المناطق اليمنية، يحول دون قدرة الأمم المتحدة على الوصول إليها، قائلاً إن هناك 103 منظمة دولية وإقليمية ومحلية تعمل في المجال الإنساني في اليمن.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659