امرأة مغربية/Shutterstock
امرأة مغربية/Shutterstock

المغرب – بقلم زينون عبد العالي:

يطول بهن الانتظار  لساعات. إحداهن ألفت المكان لسنوات حتى أضحت مشهورة بين الزائرين للـ"موقف" بحثا عن خادمة تضع خدماتها تحت الطلب. وبعضهن حديثات العهد بالمهنة، لا أمنيات لهن سوى أن يتغير حالهن إلى الأفضل، وأن يحصلن على عمل يضمن لهن ولذويهن حياة كريمة.

"لا فرق بين سنة مضت وسنة تجيء، ولا أتمنى حدوث معجزات، سوى أن أحصل على مصروف يومي يحفظ كرامتي ويقيني مد يدي في الشارع للتسول"، تلك أمنيات فاطمة، وهي سيدة مغربية تجلس في "الموقف" أو ما يسمى بمكان عرض الخدمات تحت الطلب، في انتظار زبائن باحثين عن أرخص العروض.

أمنيات لم تتحقق

عددهن يفوق 10 نساء، يجلسن في حالة تأهب لعرض خدماتهن على أول زبون يظهر في "الموقف"، فما أن يتراءى لهن شخص قادم نحوهن، حتى يتسابقن إليه أملا في أن يقتنع بما يعرضنه من خدمات تستجيب لمتطلباته الكثيرة مقابل أجر بسيط لا يرقى إلى مستوى طموحاتهن.

"أخرج من البيت في ساعات مبكرة كل صباح وأملي أن أعود وفي يدي ما أسد به رمق أطفالي الأربعة"، تقول فاطمة، وهي أرملة تعيل أطفالها الصغار، وليس لها حل سوى مواجهة وضعيتها الصعبة بالخروج كل يوم إلى الشارع وانتظار رزق قد يأتي وقد يبقى مجرد أمنية.

"أحيانا أقضي اليوم كاملا هنا إلى حين أذان المغرب، وأعود وأنا أجر أذيال الخيبة والحسرة على وضعيتي التي لم تتحسن رغم أميناتي الكثيرة التي دعوت بتحقيقها ليلة رأس السنة التي نودعها"، تقول فاطمة بنبرات حسرة وألم.

تغادر فاطمة مع سيدة اشترطت عليها القيام بأعمال كثيرة في منزلها مقابل مبلغ 10 درهم (نحو دولار واحد)، وهو ما تراه (أمي عيشة) أو عائشة، إهانة للمرأة، حيث رفضت شروط  هذه المرأة التي لم ترأف لحالهن واشترطت الكثير من الأعمال نظير مبلغ لا يرقى إلى حجم الأشغال الشاقة التي تطلب منا القيام بها، تقول عائشة بغضب.

ظروف لم تتغير

اعتادت عائشة  المجيء لنفس المكان منذ سبع سنوات، دون أن يتغير حالها، "فالظروف الصعبة التي تواجهها المرأة المغربية من غياب للدعم وسوء معاملة في البيت والشارع تدفع بنا إلى الصبر والقبول بهكذا أعمال لحفظ الكرامة التي تهان في بيوت الأغنياء"، تضيف عائشة.

وتلقي عائشة باللوم على الحكومة المغربية التي لا تأبه لمثل هؤلاء النسوة. "يتبجحون ببرامج لدعم المطلقات والأرامل، والحال أن ذلك مجرد كلام يزينون به صورهم في الإعلام، لم نستفد من شيء، ولا نريد أن تمن علينا الدولة بالمعونات الشهرية، بل نطالب بتوفير فرص عمل تليق بنا"، تضيف المتحدثة لموقع (إرفع صوتك).

"لا ننتظر شيئا من السنة القادمة، فقد سئمنا الانتظار دون جدوى"، تنطق خديجة التي تجلس بجوار عائشة، وتصرخ بغضب "هل أبيع جسدي لأضمن قوت أطفالي؟ نعامل كالعبيد في بيوت من أعطتهم الدنيا من مالها، مقابل بضع دريهمات لا تكفي حتى لتسديد فاتورة الماء والكهرباء".

وكانت الحكومة المغربية المنتهية ولايتها قد شرعت قبل سنتين (2014) في تنفيذ برنامج يدعم المطلقات والأرامل، لكنها الاستفادة من هذا الدعم حسب المتحدثات يتطلب إجراءات معقدة، مما يضطرهن إلى العدول عن التقدم للاستفادة مما تقدمه الحكومة.

نحو غد أفضل

"البعض يرمينا بنظرات احتقار وهناك من يشفق على حالنا، بل هناك من يتصدق علينا ببعض المال، هل هناك أكبر من هذه المذلة؟"، تقول خديجة، سرعان ما تنضاف لها  سيدات أخريات رفضن الكشف عن هويتهن، لكنهن يحلمن بأن تحل السنة القادمة ولا يجدن أنفسهن في نفس المكان.

"نحلم بغد أفضل، وكل أمانينا أن نجد مكانا يأوينا من برد الشتاء وحر الصيف ونظرة الشفقة التي تطاردنا كل صباح". تلك أماني هؤلاء النسوة اللاتي لم يجدن سبيلا للتنفيس عن حالهن سوى الاجتماع في الموقف وبث شكاويهن، علها تنسيهن مرارة الصراع من أجل "درهم حلال".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة: