نساء مغربيات/وكالة الصحافة الفرنسية
نساء مغربيات/وكالة الصحافة الفرنسية

متابعة خالد الغالي:

رغم أن الفشل في تشكيل الحكومة، بعد أكثر من ثلاثة أشهر على إجراءات الانتخابات البرلمانية، هو موضوع النقاش الأول في المغرب، إلا أن ذلك لم يحل دون أن يسرق قرار وزارة الداخلية منع "إنتاج وتسويق البرقع" شيئا من الضوء.

وتسلم الخياطون والتجار، الإثنين، 9 كانون الثاني/يناير، في عدد من المدن المغربية إشعارات موقعة من السلطات المحلية تطالبهم بالتخلص من "كل ما لديهم من هذا اللباس خلال 48 ساعة".

والبرقع، بشكله الأفغاني المعروف، غير منتشر في المغرب، في حين ترتدي المغربيات نقابا يغطي كامل الجسد. ولم توضح وزارة الداخلية إذا كان النقاب أيضا معنيا بالمنع، كما أن الأوامر التي تسلمها التجار نصت على حظر "إنتاج وتسويق" البرقع دون إشارة صريحة إلى منع النساء من ارتدائه.

​​​مؤيدون ومعارضون

مباشرة بعد انتشار خبر قرار وزارة الداخلية، احتدم النقاش. واعتبر مؤيدو القرار أنه يمثل رفعا للإهانة التي تتعرض للمرأة، كما أن المخاوف الأمنية تبرره. في المقابل، اعتبر معارضوه أنه يمس الحرية الشخصية، وحتى الهوية الإسلامية في رأي البعض.

وأيدت وزيرة المرأة السابقة نزهة الصقلي (حزب التقدم والاشتراكية) القرار. وكتبت على صفحتها في فيسبوك، باللغة الفرنسية، "هذه خطوة مهمة في المعركة ضد التطرف الديني".

​​وقالت الصقلي، وهي أيضا وجه معروف في الحركة النسائية المغربية، في تصريحات لموقع (إرفع صوتك) "البرقع ليس واجبا دينيا ولا زيا من تقاليد اللباس المغربي، كما أن وزارة الداخلية اتخذت القرار انطلاقا من مقاربة أمنية، إذ يجب على كل شخص أن يكشف عن وجهه في الشارع العام. لذا أعتبر القرار إيجابيا".

في المقابل، اعتبر الناشط الحقوقي والرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان محمد الزهاري أن القرار غير قانوني. وقال في تصريح لـ(إرفع صوتك) "هذا القرار تعسفي يشوبه عيب الشطط في استعمال السلطة. وزارة الداخلية لم تستند على أي نص قانوني. لا يوجد قانون أو مرسوم أو قرار أو حتى منشور يُعتمد عليه كمرجعية قانونية لتبرير المنع".

حرية فردية أم إهانة؟

ويعتبر الزهاري أيضا أن منع البرقع مس بالحياة الخاصة. يقول الناشط الحقوقي "بغض النظر عن المرجعية الجغرافية والثقافية التي تحيل إليها كلمة البرقع (اشتهر في أفغانستان)، فنساؤنا المغربيات اعتدن قديما أن يغطين وجوهن، إما بفعل محيطهن المناخي أو بسبب علاقتهن العائلية والمجتمعية. وبالتالي هذا القرار يمس حياتهن الخاصة".

في المقابل، ترفض نزهة الصقلي اعتبار منع البرقع مسا بالحرية الشخصية، وتقول "أرى في البرقع رمزا لإهانة ولاحتقار المرأة. ولا أرى فيه رمزا للحرية".

إعلاميا، حظي القرار بتأييد عدد من الصحافيين ووسائل الإعلام، كما عارضوه آخرون.

وعنونت جريدة "الأحداث المغربية" صفحتها الأولى بعبارة "نهاية لباس الظلام". وكتب مديرها المختار الغزيوي على صفحته في فيسبوك أنه سعيد بالقرار.

​​أما عبد الله الترابي، وهو مدير سابق لمجلة "تيل كيل" الناطقة بالفرنسية ويقدم حاليا برنامج "حديث الصحافة" في القناة المغربية الثانية فتخفظ على المنع، قائلا على صفحته في فيسبوك "لا تملك أية سلطة في العالم حق فرض، على الرجل أو المرأة، اللباس الذي يرتديه في حياته اليومية...كما لا نحب أن يفرض نظام متشدد الحجاب والنقاب على النساء واللحية والقميص على الرجال، لا يجب أن نؤيد منع النقاب".

ويضيف الترابي "يرى البعض، عن حق أو خطأ، في البرقع رمزا لاستعباد المرأة.. في الحقيقة، لا يمكن أن ندخل في مناقشة الأسس الإيديولوجية والثقافية للباس ما.. سنكون قبالة باب مفتوح أمام عدد لا متناه من التأويلات للرموز والملابس. وسيعتبر البعض مثلا أن وسائل التجميل وارتداء الفساتين شيء مفروض من الثقافة الغربية التي حولت المرأة إلى أداة جنسية... لن نخرج بنتيجة من هذا النقاش".

تهديد للأمن؟

يحتج المؤيدون للقرار أيضا بالمخاوف الأمنية التي يتسبب فيها ارتداء البرقع. وتقول نزهة الصقلي "إذا كان البرقع حرية فردية، فهذه الحرية عندما تهدد الأمن العام من الطبيعي أن تقوم الدولة بحماية الأمن وهو الحق الأول".

وتضيف الوزيرة السابقة "أثق في  القدرات الأمنية للدولة، وإذا كان للأجهزة الأمنية مؤشرات على وجود خطر إرهابي، فأريد أفضل ألف مرة ضمان الأمن في بلادي على الحرية".

في المقابل، يرد الزهاري "إذا كانت الدولة ترى أن هذا اللباس يشكل فعلا خطرا على الأمن العام وحياة الناس ما يستدعي حظره، فلتمكن الجميع من هذه المعلومات. ولتقنعنا بصواب هذا الإجراء، حينها سنكون على بينة من أمرنا".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة: