حاوره عبد العالي زينون:
أجرى موقع (إرفع صوتك) حوارا مع عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أو ما يعرف بجهاز مكافحة الإرهاب في المغرب، تطرق فيه إلى نقاط أبرزها الاستراتيجية المغربية لمكافحة الإرهاب، وكيف بقي البلد في مأمن من ضربات داعش رغم مشاركته في التحالف الدولي، إضافة إلى الحديث عن المقاتلين المغاربة في صفوف "الجماعات الجهادية" بالشرق الأوسط، ومصير العائدين.
ما هي أبرز نقاط الاستراتيجية المغربية لمكافحة الإرهاب؟
الاستراتيجية المغربية لمكافحة الأرهاب أصبحت معروفة لدى الجميع ولم تعد سرا فقط لدى المملكة المغربية، منذ إقرارها في 2003 بعد أحداث الدار البيضاء الإرهابية. تقوم هذه الاستراتيجية على ثلاثة أبعاد. فإضافة إلى البعد الأمني والقانوني، حيث تم تحديث المنظومة الأمنية والقانونية خصوصا قانون الإرهاب (2003) الذي تم تتمميه بقانون تجريم الالتحاق ببؤر التوتر (2014)، هناك بعد ثان يتعلق بمحاربة الفكر المتطرف عن طريق تأطير المجال الديني المغربي حتى لا يترك الشباب عرضة للتنظيمات الأيديولوجية المتطرفة.
اقرأ أيضا:
إسبانيا والمغرب: تفكيك خلية إرهابية
عودة المقاتلين المغاربة من داعش.. السجن في الانتظار
أما البعد الثالث فيتجلى في محاربة الهشاشة والقضاء على الفقر بصفة تدريجية لامتصاص البطالة وكي لا يبقى الشباب عرضة للفراغ والضياع، ويتم استغلالهم من طرف بعض التوجهات المتطرفة العنيفة.
عموما، فهذه الاستراتيجية كانت حكيمة. ذلك أن أوروبا وصلت للتو إليها، حيث طورت منظومتها الأمنية وسنت قوانين جديدة لمواجهة الظاهرة الإرهابية، لكنها لم تمنح الحقل الديني أهمية، فكان أن تم استهدافها مرارا.
ماذا حققت الاستراتيجية إلى الآن؟
تمكن المغرب بفعل الضربات الاستباقية التي ينهجها من تفكيك 173 خلية إرهابية منذ 2002 إلى غاية 2017، منها 52 خلية لها ارتباط مباشر مع تنظيم داعش، بينها 42 خلية فككها المكتب المركزي للتحقيقات القضائية منذ إنشائه في آذار/مارس 2015، كما مكنت الحملات الأمنية من إيقاف أزيد من 2952 مشتبها في تورطه في أعمال إرهابية، وتم إحباط 351 مشروعا تخريبيا، بما في ذلك مشاريع كانت ستستعمل فيها المتفجرات لضرب مواقع حساسة بالبلاد.
كيف بقي المغرب محافظا على سلامته من استهداف داعش؟
المغاربة واعون بضرورة أمنهم، كما أن استراتيجيات الضربات الاستباقية التي تنفذها المصالح الأمنية في تفكيك الخلايا الإرهابية قبل تنفيذ مخططاتها ساهمت بشكل كبير في تجنيب البلاد أي اعتداء إرهابي. الكل كان مجندا وما يزال لحماية البلاد من الخطر.
التجربة المغربية في تأهيل الحقل الديني وترشيده، واعتماد المغرب المذهب المالكي الذي يتسم بالوسطية والاعتدال، إضافة إلى تشبث المغاربة بمؤسسة إمارة المؤمنين التي توحدهم أمام كل الأخطار المحدقة ببلادهم، كلها أمور كان لها دور مباشر في تأمين سلامة المغرب.
كيف يتم استغلال المغاربة وتجنيدهم لصالح التنظيمات الإرهابية؟
تم استغلال بعض المغاربة والتغرير بهم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وما توفره من إمكانيات للتأثير. ولكن رغم ذلك، فعدد المغاربة الذين التحقوا ببؤ التوتر بالعراق وسوريا يقدر بـ1664، وهو رقم يقل بكثير عن أعداد الملتحقين من بلدان أخرى.
رغم التشديد الأمني، تمكن بعض المغاربة من الالتحاق بصفوف داعش، كيف تم ذلك؟
قوة داعش تكمن في استغلاله أساليب التأثير والإغراء عبر الإنترنت عن طريق تمرير الخطاب التكفيري المتطرف والدعاية الإعلامية. الأمر الذي مكنها من التغرير بعدة أشخاص من جميع أنحاء العالم وليس المغرب فقط.
واهم من يقول بأن هناك من يستطيع مراقبة كل ما يعج في العالم الافتراضي. لكن، رغم ذلك فالمغرب يتوفر على أجهزة مختصة ومؤهلة تقوم بالرصد والمراقبة في إطار القانون ودون المساس بخصوصية الأفراد. تدخلنا يكون بعد تحريات المصالح المختصة وبعد التأكد من وجود مخططات لأفراد أو جماعات تنوي القيام بأعمال إرهابية.
أغلب من التحقوا بداعش أخذوا طريقا واحدا وهو السفر إلى تركيا، ومن هناك يتم إدخالهم إلى سورية للانضمام إلى الجماعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش. أعتقد أن إلغاء تركيا التأشيرة على المغاربة، وهي سياسة خاصة بها، كانت سببا في هذا الأمر. فلا يمكن توقيف أي مسافر ومنعه من السفر إلى تركيا، كما لا يمكن التنبؤ بمسار رحلته وهدفه.
ما طبيعة المشاركة المغربية في جهود محاربة الإرهاب على الصعيد العالمي؟
المغرب ينادي دائما بنشر قيم التسامح والتعايش المستمدة من روح الدين الإسلامي الوسطي في مواجهة التنظيمات الإرهابية التي تستعمل الدين كذريعة لتمرير أجندتها المتطرفة التي تنشر التكفير والعنف. المغرب كحليف في التحالف الدولي ضد داعش كان له دور في محاربة داعش.
يتوفر المغرب على الريادة في محاربة الإرهاب على المستوى العالمي بفضل قوة جهازه الاستخباراتي. نحن لا نعمل من أجل تجنيب المغرب وحده الخطر الإرهابي، بل تمكنا من تجنيب عة دول مشاريع تخريبية وحمامات دام كانت ستقع بها لولا تعاوننا الاستخباراتي معها. ونقصد هنا بعض الدول الأوروبية كفرنسا وإسبانيا وبلجيكا وإيطاليا، وأميركا كذلك.
كيف يستعد المغرب لعودة المقاتلين؟
إضافة إلى نهج المغرب لسياسة أمنية استباقية، فهناك استباقة قانونية كذلك، حيث جرم القانون المغربي كل محاولة الالتحاق ببؤر التوتر. ويشدد القانون المغربي العقوبات على من تمكن من اللحاق وعاد إلى البلاد. فمن أصل 1664 مقاتلا مغربيا في صفوف داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى، عاد حوالي 217 شخصا إلى حدود الآن. أغلبهم تم اعتقالهم فور عودتهم وتقديمهم للمحاكمة.
العنصر النسوي حاضر بدوره في مناطق التوتر حيث توجد حوالي 285 امرأة في العراق وسورية، 52 عدن للمغرب، إضافة إلى الأطفال المقدر عددهم بـ378، عاد منهم حوالي 15 طفلا، كما وصل عدد المغاربة العائدين من معسكرات داعش بليبيا إلى 11 شخصا.
كم عدد الباقين وما مصيرهم؟
آسف، لا يمكنني الإفصاح عن عدد المقاتلين المغاربة الذين لا يزالون في صفوف التنظيمات الإرهابية بالعراق وسورية، لأننا لا زلنا ننسق مع الاستخبارات الدولية لتحديد العدد الحقيقي لهؤلاء.
بخصوص مصيرهم، فلا يمكن معرفة ما يدور في أذهانهم، لكن أغلب الظن أنهم سيعودون أو سيغادرون مناطق التوتر إلى بلدان آخرى. لكننا لا نعلم كيف سيخرجون من تلك المنطقة إن لم يلقوا حتفهم. عموما، ما يمكن تأكيده هو أن كل من سيعود سيجد القانون في انتظاره.
ماذا عن إعادة إدماج العائدين؟
العائدون إلى المغرب من صفوف التنظيمات الإرهابية عبروا عن ندمهم، وسياسة إعادة الإدماج تختص بها إدارة السجون وإعادة الإدماج. المغرب لم يكتف بسياسة ردع الجريمة فقط، وإنما ينهج استراتيجيات أخرى كإعادة تأهيل المتورطين في الجرائم، وليس فقط الجريمة الإرهابية.
مندوبية السجون أطلقت برامج مبادرات تروم إعادة تأهيل المتورطين في الجريمة الإرهابية. وهي برامج يسهر عليها علماء دين مؤهلون، واختصاصيون في علم النفس الاجتماعي (...) من أجل مخاطبة هؤلاء المغرر بهم.
هل إعادة التأهيل الديني والفكري كافية، وماذا عن التأهيل الاجتماعي؟
عموما، إعادة التأهيل هي مسؤولية الجميع، دولة ومجتمعا مدنيا ومواطنين (...). وكما قلت، فمندوبية السجون تتوفر على برامج تكوينية. الكثير من سجناء الإرهاب استفادوا من هذه المبادرات وأعلنوا توبتهم، وغادروا السجن بعد قضاء عقوبتهم أو استفادتهم من عفو ملكي، وصاروا اليوم نشيطين في النسيج السياسي والاجتماعي، كما أن هناك أشخاصا استفادوا من تكوينات ومراجعات وحصلوا على شواهد عليا في السجن وغادروه بغية إعادة الاندماج من جديد في المجتمع.
هناك حديث عن بعض التجاوزات التي تحدث أثناء الاعتقالات، ما ردكم على هذه الانتقادات؟
ما يجب أن يعرفه الجميع هو أنه حتى قبل افتتاح هذه المؤسسة، سهرنا على ضمان واحترام جميع الشروط والقوانين الجاري بها العمل. ظروف الاعتقال والمحاكمة تتم في احترام تام للقانون. نمكن جميع المعتقلين من حقوقهم (...)، وأتحدى أي جهة أو أي شخص أن يأتيني بحالة تم فيها انتهاك القانون. كل ما يتم الحديث عنه من تجاوزات تبقى مجرد ادعاءات وكلاما يخدم أجندات معروفة.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659