أوقف مجلس الشورى السعودي وبفارق صوت واحد، توصية تسمح للمرأة بتولي مناصب قيادية في سفارات وقنصليات المملكة، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تعكس هيمنة الاتجاه المحافظ على المجلس.
الموقف الأخير لمجلس الشورى جاء مغايرا لتوجه المملكة الجديد، خاصة بعد تعيين فاطمة باعشن كأول امرأة تتولى منصب متحدثة باسم السفارة السعودية في واشنطن في تشرين الأول/أكتوبر، وغيرها كثيرات تقلدن مناصب رفيعة في داخل المملكة وخارجها.
من بينهن، رزان عقيل، التي شغلت منصب أول مندوبة سعودية تمثل المملكة في جمعية الشباب التابعة للأمم المتحدة في 2016، وسارة السحيمي التي أصبحت في شباط/ فبراير الماضي أول سيدة تقود البورصة السعودية.
وفي أيلول/سبتمبر اتخذت المملكة خطوة غير مسبوقة بالسماح للمرأة بالحصول على رخصة لقيادة السيارة، إلا أن الأكاديمية السعودية نجاة السعيد لا تستغرب نتائج تصويت مجلس الشورى الأخير.
وتقول السعيد في حديث لـ "موقع الحرة" إنه من "المؤسف" أن نخبة المجتمع ممن يتقلدون مناصب في المجلس يتخذون هذا الموقف. وترى أن التغيير القادم سيطال أيضا تلك العقول "القديمة" التي لا تؤمن بـ "السعودية الحديثة".
عضو المجلس السابق محمد آل زلفة اتفق أيضا في اتصال مع موقع "الحرة" على أن هذه الخطوة كانت متوقعة لأن "الموجودين في المجلس هم نتاج مرحلة ثقافة المحافظين".
مساواة مطلوبة
بالرغم من حصول المرأة السعودية على بعض حقوقها في السنوات الأخيرة ومنها دخولها مجلس الشورى وإجازة تولي المرأة الفتوى، إلا أن تقريرا للمنتدى الاقتصادي العالمي وضع المملكة في المرتبة 138 من بين 144 بالنسبة للمساواة بين الجنسين.
التقرير الذي نشر مطلع الشهر الجاري أشار إلى غياب كامل للنساء عن المناصب الوزارية، وإلى أن النساء لا يشغلن سوى نسبة 5.8 في المئة فقط من المناصب التشريعية ومناصب المدراء وكبار المسؤولين في المملكة.
وتقول السعيد إن طموح السعوديات أكبر من الحصول على منصب قنصل أو سفيرة، "هن يطمحن إلى تولي الوزارات الهامة وليس فقط الهامشية، وأن يصبحن قاضيات".
وتضيف أن تمثيل المرأة بلادها بتوليها مناصب قيادية "سيساعد على تغيير الصورة النمطية عن المرأة السعودية على أنها مهمشة"، لكنها ترى أيضا أهمية توفير التدريب الملائم لتأهيلها لهذه المهمة.
اقرأ أيضا: هل تم إنصاف المرأة السعودية؟
قرارات تمكين المرأة "ليست تصويتية"
في 2015، سمح الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز للمرأة بالمشاركة في انتخابات المجالس البلدية، وعين 30 امرأة في الشورى، ما اعتبر حينها سابقة في تاريخ المملكة.
وتشير السعيد إلى أن قرارات مثل تلك التي تنصف المرأة في السعودية غالبا تأتي من القيادة العليا وليس من المجلس.
إزاء هذا الوضع، لا تشعر الأكاديمية السعودية بالتفاؤل بشأن إمكانية إعادة التصويت على تمكين المرأة لتولي مناصب قيادية في السفارات، معتبرة أن "الاعتماد على هذا المجلس في اتخاذ قرارات هامة وحساسة يحتاج إلى سنوات".
ويرى آل زلفة من جانبه أنه من المفترض أن تولي المرأة منصب "مستشارة سياسة أو ملحقة ثقافية أو وزيرة أن يكون أمرا طبيعيا" لكن المحافظين لا يرون ذلك، على حد قوله.
ويعول عضو مجلس الشورى السابق على "صانع القرار السياسي في اتخاذ القرار الذي يخدم المصلحة، ثم يتبعه المجلس".
ويقول إن المجلس اعترض على الكثير من القرارات، لكن "حينما رأت الدولة والحكومة أن هناك مصلحة من اتخاذ قرار معين، تتخذه".
ويشير الكاتب والمحلل السعودي أنور عشقي في حديث لـ "موقع الحرة" إلى أن مجلس الشورى يقدم توصيات "قد يؤخذ بها أو لا يؤخذ".
ويضيف أنه "قد يرى المجلس أن المرأة غير مؤهلة لهذا العمل القيادي في سفارات المملكة، لكن القرار النهائي بيد السلطة التنفيذية"، مضيفا أن وزارة الخارجية كانت قد اتخذت قرارات بالفعل من قبل تسمح للمرأة بتولي مناصب دبلوماسية.
المصدر: موقع الحرة