قبل أيام، أعلن رئيس شرطة طهران حسين رحيمي أن عناصر الشرطة لن يقوموا باعتقال المخالفين للزي الشرعي الإسلامي بعد اليوم.
ورغم أن من يوصفون بـ"المخالفين" ما زالوا مطالبين بحضور دروس "تثقيفية" تقيمها قيادة الشرطة، إلا أن أوساطا صحافية واجتماعية في الشرق الأوسط وأوروبا تلقت الخبر بحماس، والبعض قارن حتى بين الخطوات الإصلاحية التي أعلنتها السعودية وبين القرار الإيراني الأخير.
لكن الإيرانيين أنفسهم كانوا أقل تفاؤلا. وبعد يوم واحد من القرار تناقلت وكالات الأنباء أخبارا عن تظاهرات لمواطنين في عدد من المدن الإيرانية احتجاجا على تدابير حكومية تسببت بارتفاع أسعار السلع الرئيسة.
يقول المعارض الإيراني موسى أفشار إن "من الصعب أن يجد النظام الإيراني حلا اقتصاديا للمشكلة التي تمر بها البلاد حاليا"، ويعتبر أن محاولات تخفيف القيود الدينية "لتنفيس الاحتقان الشعبي" هي نوع من "الدجل".
"لن ينخدع الإيرانيون بذلك"، يؤكد أفشار.
لكن الصحافي الإيراني حسن هاني زادة يقول إنه "من الخطأ الربط بين قرار الشرطة الإيرانية والتظاهرات".
ويشير زادة إلى أن "إيران لن تتنازل عن ثوابت إسلامية، وهذا القرار مجرد إصلاح اجتماعي يهدف إلى تقليل الضغط على الشباب".
مع هذا، يلفت زادة إلى أن "الحكومة الإيرانية الحالية فشلت في الملف الاقتصادي، وهذا يسبب زيادة الاحتقان".
ويرفع المتظاهرون الإيرانيون شعارات تتحدث عن الحرية والخبز وانتقاد الأوضاع الاقتصادية السيئة.
ورافقت التظاهرات تصريحات لرئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة اللواء محمد باقري استذكر فيها ما أسماه "فتنة عام 2009"، قاصدا "الثورة الخضراء" التي قمعتها أجهزة الأمن.
ووصف باقري، الجمعة، التظاهرات التي شهدتها إيران قبل ثمانية أعوام بـ"الإساءة للإمام الحسين"، وقال إن من قادها هم "الخونة والحمقى".
وأشاد بإجراءات قوات الأمن الإيرانية التي قمعت الاحتجاجات، مؤكدا أن "الدروس التي تعلمتها إيران من 2009 تكفل إحباط الفتن المستقبلية".
ويقول الباحث في الشأن الإيراني يوسف عزيزي لموقع "الحرة" إن "الاحتجاجات بدأت قبل أيام، قبل القرار الأخير لشرطة إيران".
وبحسب عزيزي فإن النظام الإيراني لا يريد "زيادة أعدائه في هذه الفترة، وخصوصا من النساء".
لكن عزيزي يقول إن "المطالب الشعبية تسبق تنازلات النظام بعدة خطوات دائما، ولهذا فإن هذه التنازلات لن تكون كافية الآن".
ويتوقع عزيزي أن النظام سيقوم بمزيد من "التنازلات التدريجية التي قد تصل إلى التخفيف عن السجناء السياسيين الكبار أمثال كروبي وموسوي".
ويعتبر مهدي كروبي ومير حسين موسوي اثنان من أهم قادة المعارضة الإيرانية في الداخل. وتنافس موسوي في انتخابات 2009 مع مرشح المرشد الإيراني علي خامنئي آنذاك، أحمدي نجاد، وأدى فوز نجاد إلى اندلاع تظاهرات كبيرة في كثير من المدن الإيرانية اتهمت النظام بتزوير النتائج.