المصدر: موقع الحرة
خمسة عشر شخصا على الأقل قتلوا في خضم احتجاجات شعبية تشهدها إيران منذ الأسبوع الماضي، ما يستدعي إلى الأذهان أساليب استعملها نظام طهران سابقا للتعامل مع الاحتجاجات.
تعامل النظام الإيراني مع مختلف التظاهرات سابقا بعدة أدوات، ليست جديدة، ولن تكون مفاجئة للمتظاهرين.
"دروس الماضي"
الجمعة الماضية وبعد يوم من اندلاع الاحتجاجات، التي جاءت على خلفية تنامي الاستياء الشعبي بشأن ارتفاع الأسعار والفساد، قال رئيس أركان الجيش الإيراني محمد باقري إن "دروس فتنة 2009 تكفل إحباط الفتن المستقبلية".
باقري كان يشير إلى التظاهرات الحاشدة التي اندلعت في أعقاب الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 2009، احتجاجا على نتائجها التي جاءت بمحمود أحمدي نجاد رئيسا.
المحتجون وقتئذ، أو ما عرف بالحركة الخضراء، تظاهروا لأشهر في شوارع مدن البلاد وواجهتهم قوات الأمن الإيرانية بعنف قبل أن تنهي عمليا مظاهرات حاشدة مؤيدة للحكومة، ومدعومة من قبلها، في كانون الأول/ديسمبر من العام نفسه، احتجاجات المعارضة التي دامت قرابة ستة أشهر.
الرئيس الإيراني حسن روحاني ألمح إلى استخدام الأسلوب ذاته مع التظاهرات الحالية قائلا: "الشعب سيرد بنفسه على مثيري الاضطرابات ومخالفي القانون".
الدين والمرشد
يلجأ النظام الإيراني أيضا إلى استخدام ورقة "المرشد" علي خامنئي أحيانا لمواجهة التظاهرات.
خامنئي يمتلك سلطة غير محدودة تقريبا في إيران، فإلى جانب سيطرته على الحرس الثوري، والمؤسسات الاقتصادية التي تتبعه، يمتلك المرشد نفوذا كبيرا على المؤسسة الدينية التي اعتاد الإيرانيون احترامها.
مع هذا فإن سلطة خامنئي، تعرضت لكثير من الهزات.
في 2009 أفتى المرشد بأن نجاد فاز بـ "تأييد الشعب"، ودعا خصومه المحتجين، والملايين من أنصارهم إلى "الاحتفال بفوز نجاد بولاية ثانية"، لكن المحتجين ردوا على خامنئي بمزيد من التظاهرات.
ولم يُخفِ السياسيون الإيرانيون الكبار، أمثال أكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي ومير حسين موسوي إعلان تأييدهم وقتئذ للاحتجاجات، رغم أن هذا التأييد اعتبر تحديا غير مسبوق، لسلطة المرشد.
والاحتجاجات الجديدة في إيران ذهبت إلى أبعد من مجرد تحدي سلطة خامنئي، فالهتافات تطالب المرشد صراحة بالرحيل، كما أحرق متظاهرون غاضبون صوره في أكثر من مدينة، وردد آخرون هتافات تطالب بموته.
لكن المواجهة الدينية للاحتجاجات ليست مقتصرة فقط على شخص خامنئي، ففي 2009 طالب نواب إيرانيون بإعدام المتظاهرين المحتجين على انتخاب نجاد بتهمة "محاربة الله ورسوله"، وحاولوا تمرير قانون بهذا الصدد.
وفي تظاهرات "عاشوراء 2011" اتهم شخص واحد على الأقل من المعتقلين الذين لهم علاقة بالاحتجاجات، وهو المحاضر الجامعي عبد الرضا قنبري بـ "الحرابة" وحكم عليه بالإعدام.
"القوة الباطشة"
أحد أبرز أسلحة النظام الإيراني لمواجهة الاحتجاجات وربما أكثرها بطشا، هي ميلشيات الباسيج التابعة للحرس الثوري.
ويدفع النظام دوما بهذه القوات العقائدية في مواجهة الاحتجاجات، والأمثلة على ذلك عديدة.
الصدامات بين الباسيج والمحتجين على تدابير اقتصادية اتخذتها الحكومة الإيرانية في تموز/يوليو 1999 وحزيران/يونيو 2003 أسفرت عن مقتل عدد غير معروف من المتظاهرين.
قوات الباسيج ردت وقتها على التظاهرات بإضرام النار في المساكن الجامعية للطلبة وشنت حملات اعتقال واسعة، وأدت هذه الإجراءات وقتها إلى وأد التظاهرات بعد أيام قليلة فقط من اندلاعها.
وكذلك الحال مع تظاهرات 2009 الحاشدة التي واجهها الحرس الثوري أيضا بالعنف، وقتل في تلك التظاهرات أكثر من سبعة أشخاص، وأصيب المئات.
كما قتل طالبان وجرح أكثر من مئة وخمسين آخرين في تظاهرات 2011 التي اندلعت بالتزامن مع ما عرف لاحقا بالربيع العربي.