خاص بـموقع الحرة/
في أيار/مايو المقبل، سيختار العراقيون ممثليهم من بين مرشحي أكثر من 200 حزب سياسي مسجل في مفوضية الانتخابات.
في انتخابات عام 2005 كان التصنيف الطائفي هو الطريقة لاجتذاب الناخبين. كان للشيعة قائمة رئيسة، وللسنة والكرد قوائمهم أيضا، وبقي الحال كذلك فترة طويلة، مع تغييرات قليلة نسبيا.
لكن هذه الانتخابات، وهي الأولى بعد داعش، قد تكون مختلفة قليلا.
مفوضية الانتخابات سجلت 19 تحالفا انتخابيا وأكثر من 200 حزب، يحمل نحو 20 منها أسماء إسلامية صريحة، أحدها هو "حزب الله العراق"، كما تقول وثائق مسربة انتشرت في وسائل الإعلام العراقية.
ويُعتقد على نطاق واسع أن هذا الحزب هو الجناح السياسي لما يعرف بـ"كتائب حزب الله".
وعكس أغلب الأحزاب المسجلة في العالم، لا يمكن معرفة من هو زعيم هذا الحزب الفعلي، أو برنامجه الانتخابي.
لكن من المعروف أن كتائب حزب الله، وهي أحد أقوى الميليشيات العاملة في العراق وأكثرها إثارة للرعب، تمتلك مقرات وأسلحة صاروخية، وقناة فضائية، وحتى سجنها الخاص.
قبل أشهر منع مسلحو الحزب زيارة رئيس لجنة الأمن والدفاع العراقي حاكم الزاملي، إلى مقرهم في مدينة جرف الصخر، وكادت أن تندلع مواجهة مسلحة مع حراسه.
النائب الزاملي، رغم أنه عضو في كتلة الأحرار وقيادي في سرايا السلام التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، فضل عدم المواجهة.
"مع حزب مثل حزب الله، من الصعب التفكير في أن معايير العمل السياسي منطبقة، لا أريد حتى التفكير في نتائج الصراعات السياسية"، يقول المدون وسيم عبد لـ"موقع الحرة".
"هؤلاء ليسوا أحزابا لها أذرع مسلحة، هؤلاء حركات مسلحة لها أذرع سياسية، وهذا خطر جدا"، يضيف وسيم، "هذه الأحزاب لا وجود فعليا لها من دون ميليشياتها المسلحة، ربما من المستحيل أن تتحول إلى ممارسة فعل سياسي ديمقراطي يؤمن بالتعددية والحريات".
ليس حزب الله فقط، ميليشيات مثل عصائب أهل الحق، والنجباء، والفصائل التابعة لحزبي الدعوة والمجلس الأعلى، وغيرها الكثير ممن يمتلك "أذرعا سياسية" ستشارك في الانتخابات.
أغلب هذه الميلشيات متهمة بارتكاب خروقات وانتهاكات خلال مرحلة الحرب ضد داعش، وكلها تقريبا تمتلك تاريخا "غير واضح".
يقول الباحث في شؤون الجماعات المسلحة الشيعية مهند الغزي إن "العصائب والكتائب وغيرها لن يتركوا أجنحتهم العسكرية بصورة كاملة".
ويضيف الغزي لـ"موقع الحرة" أنـ"هم يمثلون خطا عقائديا انصهروا به، وبالتأكيد سوف يحتفظون بمجاميعهم المسلحة التي كانوا يمتلكونها قبل الفتوى".
قبل أسابيع حاول رئيس الوزراء حيدر العبادي أن يفرض "شروط مقايضة" صعبة على قادة الفصائل حينما أعلن صراحة إن قادة الحشد الشعبي لن يسمح لهم بالمشاركة في الانتخابات.
وخلال أيام من هذا الإعلان، استجابت عصائب أهل الحق ومنظمة بدر بإعلان حل تنظيمها العسكري، ضمن الحشد الشعبي، واستقالة قادتها من مناصبهم العسكرية.
هذا الإعلان يعني أن عناصر ميليشيا العصائب سيخضعون نظريا لقيادة العبادي، أما عمليا، فإن الموضوع ليس بهذه السهولة.
يقول الباحث مهند الغزي إن "العناصر التي تستلم راتبا من الحشد ستخضع للعبادي أو لمن يخلفه في رئاسة الوزراء على الأكثر، لكن هذه العناصر ليست هي كل التنظيم، الجسد الحقيقي لم يدخل ضمن الحشد أساسا، ولا أحد يعرف الأعداد أو القوة الحقيقية" لها.
القائد الميداني لكتائب الإمام علي المرتبطة بالحشد، رائد الكروي، يؤكد هذا الكلام بالقول في لقاء تلفزيوني إن القوة المرتبطة بالحشد "سوف تذوب فيه"، أما باقي القوة فـ"نحن مقاومة إسلامية".
ومثل الكتائب، يمتلك كل ما يعرف بفصائل المقاومة هذا التقسيم، قوة في الحشد، وقوة بقيت خارجه، وأحيانا قوة تقاتل خارج العراق أيضا، وغالبا فإن هذه الفصائل تتبع المرشد الإيراني علي خامنئي، بدلا من المرجع الشيعي علي السيستاني.
حركة النجباء مثلا تمتلك قوات تقاتل في سورية خارج تسمية الحشد الشعبي تطبيقا لوصايا خامنئي، مع إن لها قوات مشتركة في الحشد الشعبي داخل العراق وجناحا سياسيا أيضا، مثلها مثل 14 ميليشيا أخرى لها مقاتلين في سورية ومقاتلين في الحشد ويتبعون المرشد الإيراني.
يقول الخبير الأمني هشام الهاشمي إن "الحشد الشعبي يتكون من ثلاث فئات، حشد شعبي شيعي وحشد شعبي سني وحشد شعبي للمكونات".
وبحسب الهاشمي، فإن الشيعة يمتلكون 66 فصيلا مسلحا داخل الحشد، 44 منها لديها مرجعية إيرانية، أو "حشد ولائي" كما يصفهم الهاشمي.
وقبل أيام وجهت الولايات المتحدة انتقادات شديدة اللهجة لإيران، قالت فيها إن طهران تعطي ملايين الدولارات للميليشيات العراقية واليمنية فيما يعاني شعبها الجوع.
ويقول خبراء إن الغرب والولايات المتحدة يضغطون على العبادي لحل أو تحجيم قوة الميليشيات، وهو أمر يصب في مصلحة العبادي أيضا.
فالعبادي يريد أن يضيف "دحر داعش" إلى رصيده لوحده، وأفضل طريقة لهذا هو أن يمنع قادة الحشد من المشاركة في الانتخابات، لكن هذا غير ممكن، فقادة الفصائل يتجنبون كما يبدو أي مواجهة مع الحكومة، حتى عبر وسائل الإعلام، ويبدو أنهم ينتظرون موعد الانتخابات بصبر.
الحصول على مقاعد نيابية، بالإضافة إلى القوة في الشارع سيضمن نفوذا هائلا للفصائل المسلحة، فهي ستتمكن أخيرا من تشريع القوانين، والاعتراض على الاتفاقيات الدولية، والحصول على نفوذ اقتصادي، بل وحتى تعديل الدستور، وصياغة علاقات العراق الخارجية كما تحب، بنفسها، وبشكل مباشر من دون وسطاء.
وبحسب بيان تعريفي منشور على موقع كتائب حزب الله، فإن الهدف الرابع للكتائب هو "السعي لتحقيق الأغلبية السياسية القادرة على إحداث تغييرات جذرية في الدستور والعملية السياسية عبر الآليات الديمقراطية".
ويبدو أن تحقيق هذا الهدف ضروري لتحقيق الأهداف التي تسبقه والتي تتحدث عن "إبراز دور المقاومة، ومواجهة دول الاستكبار".
وفي حال فشلت هذه الفصائل في مسعاها، فإنها ستفقد القوة القانونية للاعتراض على أي خطة للعبادي لتفكيكها، أو نزع أسلحتها الثقيلة، أو حتى تجريم القوات التي ارتكبت انتهاكات منها، وهو ما يخطط له العبادي حسب مصادر مقربة من الحكومة.
وبحسب رويترز، فإن خطة العبادي تتمثل في "استعادة الأسلحة الثقيلة للميليشيات وتقليص قوتها إلى النصف".
وتقول مصادر رويترز إن "الجيش يقوم بالفعل بجرد أسلحة قوات الدفاع الشعبي، مثل العربات المدرعة والدبابات التي أعطتها الحكومة لمحاربة الدولة الإسلامية، وهو يسحب الكثير منها بحجة تصليحها، لكنه لن يعيدها إلى الحشد".
"بالنسبة إلى الفصائل، هذا هو الكابوس بعينه"، يقول المدون وسيم عبد.
خاص بـ موقع الحرة