مسجد عيسى بن مريم عندما كان كنيسة
مسجد عيسى بن مريم عندما كان كنيسة | Source: Courtesy Photo

خاص بموقع الحرة/

هولي ترينيتي كنيسة في مدينة سيراكيوس بولاية نيويورك قرعت فيها الأجراس ورددت فيها التراتيل الإنجيلية وشارك في قداديسها الآلاف منذ عام 1891 حتى شباط/فبراير 2010 عندما اضطرت لإغلاق أبوابها.

تأثرت الكنيسة العتيقة وعدد من الكنائس الأخرى بالتغير الديموغرافي في حي نورث سايد حيث تقع، وذلك في ظل انتقال الكثير من أعضائها وروادها للعيش في مناطق بضواحي سيراكيوس مقابل تدفق مهاجرين ولاجئين وكثير منهم من المسلمين على المنطقة. 

هولي ترينيتي التي تضم ثلاث بنايات هي كنيسة ومدرسة ومسكن كان مخصصا للقس، عرضت للبيع في عام 2014 بسعر وصل إلى 500 ألف دولار. لكن مركز نورث سايد التعليمي تمكن من شراء المكان بسعر لم يتجاوز 150 ألفا، بحسب يوسف صول رئيس المركز الذي كان طرفا في رحلة تحول الكنيسة إلى مسجد أطلق عليه اسم "مسجد عيسى ابن مريم" احتراما للمنطقة وتكريما لماضيها.

ومركز نورث سايد وهو منظمة خيرية أنشئت في 2009 ويقوم عليها متطوعون مسلمون وغير مسلمين، يقدم خدمات للمهاجرين واللاجئين من حوالي 25 بلدا، بينها دروس في اللغة الإنكليزية للراشدين والأطفال، وتدريبات على مهارات تمكن القادمين الجدد إلى المنطقة من الاعتماد على أنفسهم. ويساعد المركز أكثر من 150 طالبا في العام.

ويقول صول إن المركز سعى لشراء مبنى المدرسة التابعة للكنيسة عندما عرضت للبيع، لكن تبين أن مبنيي الكنيسة والمسكن كانا جزءا من الصفقة ذاتها بناء على شروط حكومة مدينة سيراكيوس التي لديها الكلمة الفصل في ما يمكن فعله في المبنى باعتباره معلما تاريخيا.

ويوضح صول وهو أميركي اعتنق الإسلام عام 1999، أن تبرعات 150 شخصا بينهم مواطنون ومهاجرون وأصحاب محلات ورجال أعمال مسلمين ساعدت، في تأمين مبلغ الـ150 ألف دولار.

مصلون في المسجد

​​

صلبان الكنيسة 

وبعد بيع الكنيسة، سمح المجلس المعني بالحفاظ على المعالم التاريخية في سيراكيوس لمركز نورث سايد بإزالة ستة صلبان إسمنتية عملاقة منصوبة فوق الكنيسة التي كانت تخدم مواطني الحي الذي سكنه أتباع الطائفة الكاثوليكية وكثير منهم تحدر من أصول ألمانية وإيطالية.

وتوضح عزمة فاروق، وهي ناشطة في المنطقة، أن المسجد احتفظ بالصلبان التي ظلت لأكثر من 100 عام فوق سقف الكنيسة. ويبلغ وزن كل منها 600 رطلا فيما يبلغ ارتفاعها 121 سنتيمترا. وتم استبدال الصلبان بأهلة أصغر حجما.

وتضيف فاروق لـ"موقع الحرة" أن الصلبان التي نقشت على جدران الكنيسة تم تغيير تصاميمها بحيث لا تبدو كصلبان، فيما تم طلاؤها أو تغطيتها بستائر مثل زجاج النوافذ الذي عليه رسوم مسيحية، بناء على تعليمات المجلس المعني بالحفاظ على المعالم التاريخية في سيراكيوس التي تنص على ضرورة الحفاظ على الثراء التاريخي للمبنى.  

من جهة أخرى، شهد المسجد العديد من الإصلاحات بعد أن تسبب إغلاق المبنى لأربعة أعوام قطع الكهرباء والتدفئة، ما سبب خسائر مادية. ووصلت قيمة الإصلاحات إلى 500 ألف دولار ولا تزال هناك حاجة للمزيد، وفق صول.

ولا يوجد أي فاصل بين الرجال والنساء في مكان الصلاة. يشير صول إلى أن الحائط الذي يفصل بين الجنسين مسألة تتعلق بثقافة الشعوب ولا أساس لها في الدين. 

جانب من عمليات الإصلاح داخل المسجد

​​

"دعم مئة في المئة" 

تحول المعلم من كنيسة إلى مسجد لم يكن أمرا سهلا بالنسبة للبعض في نورث سايد، خصوصا من لديهم ارتباط شخصي بالمكان الذي شهد تعميد وزواج وجنائز الكثيرين. صول يوضح لـ"موقع الحرة" أن المعارضة كانت مسألة طبيعية، و"يمكنني القول إننا نحظى الآن بمئة في المئة من دعم سكان المنطقة"، مشيرا إلى أن المسجد عمل على دعوة الجيران غير المسلمين إلى زيارته والتعرف على المسلمين، ما ساهم في كسر الأفكار المسبقة عن الإسلام وأتباعه.

ويشارك المسجد في أنشطة اجتماعية عديدة. ويشير صول في هذا الإطار إلى جمع تبرعات تشمل المواد الغذائية وغيرها لتوزيعها على المحتاجين أيا كان دينهم خلال يوم مخصص لذلك كل أسبوع. ويشير موقع المسجد إلى أن المساعدات الغذائية تستفيد منها 300 عائلة محتاجة. 

فاروق قالت إن المسجد نظم حملة لجمع المعاطف والملابس الشتوية قبيل فصل الشتاء لتوزيعها على اللاجئين والمحتاجين. وكشفت أن الخطوة القادمة للمسجد تتمثل في شراء منزل لتحويله إلى دار لجنائز المسلمين. 

وتعد سيراكيوس التي يقدر عدد سكانها بـ143 ألف نسمة وفق إحصائيات عام 2016، من المناطق التي يقصدها الكثير من المهاجرين الجدد إلى الولايات المتحدة واللاجئين. 

موقع الحرة

 

 

مواضيع ذات صلة: