بارين كوباني (أرشيف)
بارين كوباني (أرشيف)

بقلم شيرزاد اليزيدي/ موقع الحرة 

التمثيل بجثة المقاتلة في قوات سورية الديموقراطية، بارين كوباني، ليس سابقة. قبل ذلك، فصل إرهابيو الجماعات التكفيرية رأس مقاتلة كردية عن جسدها ونشروا الصور وهم يحملون رأسها المقطوع في انتشاء وتعبير عن نصرهم، الذي هو في الواقع هزيمة. لكن تفاصيل التمثيل بجثة كوباني، وتوزيع مقاطع الفيديو بشكل مقصود لعملية تشويهها وبتر ثدييها وفتح بطنها في ممارسة همجية، تجعلنا نعتقد لوهلة وكأننا في العصور الوسيطة أو ما قبلها ذلك حتى!

كما أن واقع كون مرتكبي هذه الجريمة، هم رأس العدوان التركي على عفرين، يجعل الأمر أسوأ. فتركيا، التي تزج بهؤلاء المقاتلين ـ القاعديين في المقدمة لتقليص عدد القتلى في صفوف الجيش التركي، تتحمل مسؤولية هذه الأفعال التي ترقى لمستوى جرائم الحرب. وساهم هذا في جعل ردة الفعل الكردية والسورية والعالمية تجاه الجريمة أكبر. ومن السخرية بمكان، أن هذه الجريمة حصلت خلال حملة عسكرية تقودها دولة (تركيا) تدعي مكافحة الإرهاب تحت مسمى "غصن الزيتون".

إقرأ للكاتب أيضا: مقاومة عفرين والموقف الدولي: تصاعد تدريجي

إذاً، تقود تركيا هذه الحملة، ضد شعب آمن يجري تكفيره وتحليل دمه. فمن سبوا واختطفوا آلاف النساء الكرديات في شنكال (سنجار)، إبان الإبادة الجماعية هناك قبل سنوات قليلة، لديهم عقدة نقص تجاه نموذج المرأة في روج آفا كردستان ـ شمال سورية. فالمرأة الكردية، تقاتل دفاعا عن حريتها وحرية مجتمعها، وتقود القوات المتصدية للإرهاب. وأثبتت التجربة أن كفاءة وحدات حماية المرأة القتالية، عالية، ما جعلها من أهم تشكيلات قوات سورية الديمقراطية، وليس مجرد ديكور تجميلي.

ففي التجربة التي نحن أمامها، مشاركة المرأة فعل كامل، وليس مجرد شعارات تداول شعارات عن تحرر المرأة. فهي، إنسانة كاملة الحرية والإرادة، وليست سبية أو جارية أو ضلعا قاصرا. وقد راج بين مقاتلي داعش، أن من يُقتل على يد مقاتلة كردية لا ينتقل إلى الجنة، فالقتل على يد امرأة يرونها إهانة لذكورية "المجاهد" تحرمه "شرف الشهادة".

إقرأ للكاتب أيضا: قصر بشار الأسد ليس في عفرين

تميزت تجربة روج آفا منذ البداية في ريادة دور النساء، اللواتي لعبن دورا محوريا في مختلف محطات ومفاصل هذه التجربة. وتم مأسسة وقوننة تحرير المرأة، وجعله حقيقة مجتمعية في مناطق الشمال السوري، ومقياسا للتحول الديمقراطي.

يحمل مشهد تجمع الإرهابيين حول جثة بارين وركلها والتلفظ بإيحاءات جنسية، خوفا من هذه التجربة التي جعلت تحرر المرأة محك التحول الديمقراطي. ويعبر عن احتقارهم للأنثى بالمطلق، بوصفها عورة وسلعة. وكيف لها أن ترفع السلاح بوجه "الرجال المجاهدين" الذين اعتادوا خطف النساء وبيعهن في أسواق النخاسة في الرقة ودير الزور والموصل والفلوجة.

توزيع فيديوهات هذه الجريمة ليس عملا اعتباطيا، من قبل الإرهابيين. بل إنه جزء، من الحرب التي تخوضها الدولة التركية وأذرعها القاعدية في المنطقة (من داعش وجبهة النصرة ودرع الفرات). ويهدف النشر إلى استثارة ردود فعل كردية تنزلق نحو الدفع صوب حرب قومية عربية ـ كردية. لكن المؤكد، أن الكرد مدركون تماما أهداف أنقرة ولا تتحكم بهم سياسة الانفعال، كونهم الفاعل الديمقراطي الأول كي لا نقول الوحيد في سورية. وسيواصل الكرد، تكريس النظام الفيدرالي الديمقراطي شمال سورية وبالتشارك مع المكون العربي بالدرجة الأولى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن)

مواضيع ذات صلة: