دقت أزمة المياه الخانقة التي عصفت بمناطق في جنوب العراق مطلع هذا الأسبوع ناقوس الخطر بعد أن تسببت في جفاف عدد من الأنهار الفرعية لنهر دجلة في محافظة ميسان.
وتبدو الصورة القاتمة التي تحدث عنها خبراء خلال السنوات الماضية بشأن جفاف حوضي دجلة والفرات في العراق خلال السنوات المقبلة أكثر وضوحا اليوم.
فالمشاهد التي وثقها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت أطفالا يلعبون وسط حوض نهر المجر الكبير في ميسان الذي كان خاليا تماما من المياه.
وتقول السلطات في قضاء المجر الكبير إن "محطات تصفية مياه الشرب في قضاء المجر الكبير، وقضاء قلعة صالح وناحيتي العدل والخير وعشرات القرى توقفت بشكل تام".
الحلول غائبة، والبدائل صعبة التنفيذ
وزارة الموارد المائية طرحت عدة حلول لتجاوز الأزمة سواء على المستوى القصير أو الطويل، من بينها أن يعتمد سكان الجنوب من الآن وصاعدا على نظام التحلية للحصول على مياه الشرب، بدلا من الاستعانة بمياه نهري دجلة والفرات.
لكن هذه الطروح تبدو غير واقعية لأنها بحاجة إلى بنية تحتية غير موجودة أصلا وتحتاج لوقت طويل وأموال ضخمة لتنفيذها.
شتاء جاف، فكيف سيكون الحال في الصيف
وتشير توقعات الأرصاد الجوية إلى أن موسم الأمطار العام الماضي وبداية هذا العام كان الأسوأ الذي يمر به العراق منذ سنوات، فمعدلات تساقط الأمطار كانت دون المستوى فضلا عن انخفاض حجم الإطلاقات المائية لنهر دجلة من تركيا.
وتتحدث التوقعات أيضا عن أن مستوى الأمطار سيبقى على حاله خلال هذا العام، إن لم يكن أقل، وهذا يعني أن الصيف المقبل سيكون أكثر وطأة على العراقيين في المحافظات الجنوبية في ما يخص أزمة توفر المياه.
ويرافق هذه التوقعات إعلان تركيا أنها ستبدأ بملء سد أليسو الضخم على نهر دجلة اعتبارا من حزيران/يونيو المقبل.
وتقول وزارة الزراعة إن العراق لم يسبق أن مر بفصل شتاء شحيح الأمطار كهذا منذ 70 عاما، وتوقعت أن تلحق بالقطاع الزراعي العراقي خسائر فادحة تتراوح بين 20 إلى 30 في المئة في حال استمرت أزمة المياه من دون حلول ناجعة.
فيما أشار أعضاء في مجلس النواب إلى أن العراق سيخسر 40 في المئة من أراضيه الزراعية خلال فترة قصيرة جدا، إضافة إلى أن مناسيب المياه في نهر دجلة ستنخفض لمستويات قياسية.
وفي حال حصل ذلك فإن منطقة الأهوار في جنوب العراق قد تختفي في غضون سنوات قليلة بشكل نهائي.
ويعدّ سد أليسو الذي بدأت تركيا بناءه في آب/ أغسطس عام 2006 من أكبر السدود المقامة على نهر دجلة، ويستطيع تخزين كمية من المياه تقدر بأكثر من 11 مليار متر مكعب وتبلغ مساحة بحيرة السد حوالي 300 كلم2.