الدينار الجزائري
الدينار الجزائري

المصدر: أصوات مغاربية

على طول الشارع المؤدي إلى ساحة "السكوار" وسط العاصمة الجزائر، ينتصب شباب على حافة الطريق يلوّحون بأيديهم، التي تحمل حزمة من الأوراق النقدية.

المراد من هذه الإشارة، التي دأب عليها هؤلاء، هو استمالة الراغبين في صرف العملة الصعبة، للمارة وأصحاب السيارات العابرة للشارع.

بشكل اعتيادي، يحني "تاجر العملة الصعبة" ظهره ليستوي مع نافذة السيارة لمخاطبة صاحبها بعبارة تحمل صيغة الإستفهام "حاب دير الشونج؟".

سوق السكوار بالعاصمة الجزائر

​​

​​بورصة السكوار

يصطلح على سوق العملة بالسكوار في الوسط الشعبي بـ"السوق السوداء"، على اعتبار أن النشاط الممارس في هذا المكان لا يخضع لأي رقابة قانونية.

على هذا الأساس، فإن تعامل هؤلاء مع الإعلام دائما ما يكون مشوبا بالحذر، ففي كل مرة تزور فيها الصحافة هذا المكان تداهمه الشرطة في اليوم الموالي، وفق تصريح العم حسين لـ"أصوات مغاربية".

وبحسبه، فإن هناك حالة توجس تنتاب التجار في الآونة الأخيرة، خصوصا بعد تداول أخبار تفيد بعزم الحكومة القضاء على هذا السوق، الذي يعيل كثيرا من العائلات.

ويرجع تاريخ هذا السوق، بحسب العم حسين، الذي يمارس هذا النشاط منذ نحو 20 سنة، إلى سنوات السبعينات، "حيث كان موظفو البنوك أول مؤسسيه".

ويؤكد العم حسين أن هذا الفضاء التجاري، يشغل أكثر من 200 شخص، أغلبهم شباب، وجدوا نصيبهم من الرزق في هذا المكان، بدل من التوجه إلى السرقة.

وبحسب المتحدث فإن حجم الأموال المتداولة في السوق لا يمكن حصرها، مشيرا إلى أن الحصة الكبيرة منها تكون في الأماكن المغلقة، بعيدا عن الأنظار.

شاب يعدّ أوراقا نقدية جزائرية

"الحيتان الكبيرة"

داخل سوق السكوار، يصطف العاملون في هذه المهنة، على جنبات الطريق، مشكلين حلقات صغيرة، يتبادلون أخبار العملة وأسعارها.

​​​تتقلص حجم الطريق الذي تملؤه السيارات المركونة، وتتعاظم حركة المارة الراغبين في استبدال أموالهم من وإلى العملة الصعبة، خاصة الأورو والدولار.

يقول زكرياء، أحد ممارسي هذا النشاط في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن أغلب هؤلاء الشباب مجرد عمال عند مجهولين سماهم بـ"الحيتان الكبيرة".

في نظره، فإن هذه الفئة هي التي تتحكم في أسعار الصرف في السوق، بحكم أن لديهم مصادر غير معروفة لجلب العملة الصعبة.

وطريقة التحكم في السوق، تكون وفق شرح زكرياء، عبر إغراقه بالعملة بغرض تخفيض الأسعار، أو بشراء كميات كبيرة منه لإحداث الندرة حتى يرتفع السعر.

ويكشف زكرياء، أن مصادر العملة بالنسبة لصغار التجار تكون من مرتبات المتقاعدين، الذي عملوا في فرنسا أو المهاجرين، وبشكل أقل من المنح السياحية.

غير أن كبار التجار، وفق تقديره، يحصلون من العملة من بعض القنوات البنكية ومن رجال الأعمال، الذي استفادوا من العملة بغرض الاستيراد.

لم يخف زكرياء، البالغ من العمر (34 سنة)، استياءه ممن وصفهم بـ"الحيتان الكبيرة"، الذين باتوا يتسببون له ولغيره، أحيانا، في خسائر مادية بعد تقلب أسعار السوق.

السكوار

عرضة للاحتيال​​

أمام ساحة السكوار التي تشهد عملية ترميم، يقف شاب في العقد الثالث من العمر، في زاوية الشارع متكئا على راحة قدمه اليسرى المسندة على جدار عمود اسمنتي.

ينكس أحمد رأسه لعدّ أوراقه النقدية من العملة الصعبة والمحلية، ثم يرفعه، متتبعا المارين الشارع.

يقول أحمد في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إنهم يتعرضون في الكثير من الأحيان لعمليات نصب من قبل غرباء، يمنحونهم أوراقا مزورة.

وكان أحمد أحد ضحايا التزوير، عندما قام بصرف مبلغ كبير لأحد الزبائن، من خلال دسّ بعض الأوراق المزورة في حزمة الأوراق النقدية.

لكن مع مرور الوقت صار بإمكان أحمد التعرف على الأوراق المزورة بسهولة عبر تفحصها ببصمة الأصابع أثناء عملية العدّ.

عادة ما تكون النقود المغشوشة، بحسب أحمد، في العملة المحلية، مقارنة بالعملة الصعبة، وفي حال ما كان ضحية احتيال فإنه يتكبد خسائر كبيرة.

نشاط مربح

أثناء الحديث مع أحمد، تسلم شاب عشريني، كان يسترق السمع، دفة الحديث مباشرة ليعزز كلام زميله، مستشهدا بأسماء زملائه ممن كانوا محل احتيال.

عكس من تحدثنا إليهم سالفا، لا يتخذ رشيد من هذا النشاط مهنة قارة، كونه مازال طالبا في الجامعة، فهو يتردد إلى السوق بهدف مساعدة شقيقه.

يحصل مقابل ذلك على قدر من المال من عائدات اتجاره في العملة، وبالنسبة إليه فهي مهنة تدر أرباحا كبيرة، ولا تتطلب مهارة معينة.

وتشهد هذه الفترة، ارتفاعا في أسعار العملة، بحسب تأكيد رشيد لـ"أصوات مغاربية"، إذ تقدر 100 الأورو ب21 ألف دينار جزائري، و100 دولار ب17 ألف دينار جزائري.

ويتراوح متوسط عائدات ممارسي هذه التجارة، وفق تقديرات رشيد، ما بين 17 و97 دولار يوميا، فيما تصل الأرباح أحيانا إلى أرقام قياسية، على حد تعبيره.

مواضيع ذات صلة: