مناورات للجيش الإسرائيلي في الجولان
مناورات للجيش الإسرائيلي في الجولان

المصدر: موقع الحرة 

بقلم جويس كرم/

تتجه كل الأعين نحو الاتفاق النووي الإيراني وما قد يقوم به أو لا يقوم به الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 12 من الشهر الجاري، لكن خطر المواجهة العسكرية والحرب الإقليمية ليس في الملف النووي بل في الحرب السورية وخطورة المواجهة الإسرائيلية ـ الإيرانية التي بدأت تلوح منذ فترة هناك.

نفذت إسرائيل ثلاث ضربات جوية صاروخية في حماة وحلب وحمص خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة. أولها استهدف قاعدة "تي فور"، والثانية والثالثة ليل الأحد استهدفتا اللواء 47 ومخازن ذخيرة وصواريخ أرض ـ أرض، بقوة سجلت على إثرها مراصد الزلازل هزات أرضية بمعدل 2.6 على مقياس ريختر. الهدف المشترك للضربات الثلاث كان الوجود الإيراني في سورية وليس نظام الأسد، كون التهديد من الأول قطع مرحلة المقبول بالنسبة لإسرائيل التي دخلت فعليا في عملية ردع وإقصاء هذا الوجود بدل التحصن ضده.

خطورة المواجهة العسكرية في سورية بين إيران وإسرائيل تتزايد مع الساعة في ظل غياب أفق أمني وسياسي

​​في قياس هذا التهديد وحدود المواجهة العسكرية يمكن النظر في ثلاثة عوامل:

أولا، اتساع الوجود الإيراني العسكري في أكثر من 40 نقطة عسكرية وعشر قواعد جوية ما يعني تخطي المعايير الأمنية والجيو ـ استراتيجية المقبولة لإسرائيل في سورية. هذا قبل الحديث عن الحرس الثوري الإيراني و"جيش" من الميليشيات على الأرض تدربها وتمولها إيران ويصل عددها إلى 120 ألفا بحسب التقديرات الأميركية، بعضها عراقي ولبناني وأفغاني والآخر سوري.

اقرأ للكاتبة أيضا: 'مو صلاح'... أكبر من لاعب كرة قدم

ثانيا، إدراك أميركي لخطورة الواقع الحالي، وتأكيد وزير الدفاع جيمس ماتيس للكونغرس الأسبوع الفائت أن المواجهة الإسرائيلية ـ الإيرانية في سورية "مرجحة جدا"، وهي تتصدر التهديدات لاشتعال نزاع في المنطقة. كلام ماتيس يلاقي مخاوف الجانب الإسرائيلي ونظيره أفيغدور ليبرمان الذي زار واشنطن منذ أيام للبحث بالملفات الأمنية. في نفس الوقت تمنى ماتيس على إيران "التراجع" في الحلبة السورية، وهو أمر مستبعد نظرا لقوة طهران على الأرض وأهمية صلة الوصل الدمشقية للربط بين العراق ولبنان.

ثالثا، تبدل العلاقة الإسرائيلية ـ الروسية، وفشل موسكو في ردع إيران في سورية. هذا ما جعل تل أبيب تتمادى أكثر في ضرباتها وتستهدف عمق الوجود العسكري الإيراني، من دون رد روسي عدا كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووصفه للتصعيد بأنه خطر على المنطقة.

تنذر هذه العوامل بمواجهة أكبر بين إسرائيل وإيران في سورية وقد تتسع لتشمل لبنان وحزب الله

​​تنذر هذه العوامل بمواجهة أكبر بين إسرائيل وإيران في سورية وقد تتسع لتشمل لبنان وحزب الله. هنا يجب الأخذ بعين الاعتبار تمرير الكنيست الاسرائيلي هذا الأسبوع قانونا يمنح رئيس الوزراء سلطة شن عملية عسكرية أو خوض الحرب بموافقة الحكومة الأمنية المصغرة من دون العودة للحكومة، وفي الحالات القصوى، يمكن لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع ليبرمان اختزال الحكومة المصغرة وخوض الحرب. ويأتي ذلك على خلفية تصعيد إقليمي تتسع رقعته ضد إيران، ووصل لحدود اتهام المغرب لطهران بتقديم دعم عسكري عبر حزب الله لجبهة البوليساريو الانفصالية، وبالتالي طرد السفير الإيراني وإغلاق سفارة المغرب في إيران.

اقرأ للكاتبة أيضا: قوات عربية في سورية؟ التعقيدات والخيارات

أما إيران، فيبدو أنها تدرك خطورة المواجهة. فبعد تأكيد سقوط قوات لها في حماة وحلب (26 مقاتلا) ليل الأحد الفائت عادت لتنفي هذا الأمر فجر الاثنين لتتفادى الرد. ورغم أن التغطية الإعلامية خفتت للتظاهرات في إيران، فإن الواقع الداخلي اقتصاديا وشعبيا يؤرق النظام. والاحتجاجات، ولو خفت وتيرتها، فهي لم تتوقف منذ كانون الأول/ديسمبر الفائت. لكن على الصعيد الميداني في الإقليم، طهران ليست في وارد التراجع، وليس هناك من ضغوط كافية على الأرض لإجبارها على ذلك، وهي مستعدة للتلويح بميليشياتها العراقية واللبنانية والسورية لتهديد إسرائيل.

خطورة المواجهة العسكرية في سورية بين إيران وإسرائيل تتزايد مع الساعة في ظل غياب أفق أمني وسياسي قادر على الحد من وجود طهران أو الاستجابة لمطالب إسرائيل. والحرب السورية التي دخلت عامها الثامن، تتحول تدريجيا إلى مواجهة إقليمية تجر مختلف لاعبيها إلى منازلة عسكرية لإعادة رسم النفوذ والثوابت الأمنية للاعبين الأبرز بينهم إيران وإسرائيل.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن)

مواضيع ذات صلة: