لقاء أرشيفي بين الأسد وأردوغان

في سبتمبر 2011، وبعد ستة أشهر على انطلاق تظاهرات سلمية ضد رئيس النظام السوري بشار الأسد وقمعها دمويا، أعلن رجب طيب أردوغان، وكان في حينها رئيسا للوزراء، أن "الشعب السوري لم يعد يصدق الأسد، وأنا أيضا".

لكن اليوم يقدم أردوغان "هدية" بالغة الأهمية للأسد بعد أن أطلقت تركيا هجومها على القوات الكردية في شمالي سوريا تحت اسم "نبع السلام"، مثيرة ردود فعل شديدة من المنطقة وانتقادات دولية.

وبعد نحو أسبوع من انطلاقها وتسببها بنزوح آلاف توقفت العملية التركية نتيجة وساطة أميركية بقيادة نائب الرئيس مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو الخميس.

ويقول مدير مركز الشرق للبحوث سمير تقي إن أردوغان "قدم هدية للنظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين تتمثل في دخول قوات الأسد لمناطق سيطرة الأكراد ومن ثم الانتشار على كامل الشريط الحدودي مع تركيا".

ويضيف تقي في حديث لموقع "الحرة" أن انتشار قوات النظام السوري في مناطق جديدة سيقوي موقف الأسد عسكريا وسياسيا خلال المفاوضات مع قوى المعاوضة الرامية لإيجاد حل للازمة السورية".

ومن المؤكد أن تركيا تخشى قيام منطقة حكم ذاتي للأكراد في سوريا بقيادة قوات كردية قريبة من حزب العمال الكردستاني، والذي يخوض نزاعا مسلحا مع أنقرة.

القوات التركية تتقدم داخل رأس العين وقوات النظام في كوباني ومنبج

لكن هذه المخاوف التركية "تبددت بعد أن اضطر الأكراد في سوريا إلى الانتقال من جانب المعارضة إلى عقد حلف ضرورة مع النظام وتقديم تنازلات تتعلق بالفيدرالية وغيرها من الحقوق التي كانوا يطالبون بها تحت ضغط نبع السلام"، وفقا لتقي.

وأعلنت الإدارة الذاتية الكردية الأحد الاتفاق مع الحكومة السورية على انتشار الجيش على طول الحدود مع تركيا لمؤازرة قوات سوريا الديموقراطية في تصديها لهجوم أنقرة.

وبموجب الاتفاق، انتشرت وحدات من جيش النظام السوري خلال اليومين الماضيين في مناطق حدودية عدة، أبرزها مدينتا منبج وكوباني في محافظة حلب شمالا.

ويصر الأكراد على أن الاتفاق مع دمشق "عسكري"، ولا يؤثر على عمل مؤسسات الإدارة الذاتية التي أعلنوها بعد سيطرتهم على مناطق واسعة في شمال وشمال شرق البلاد.

ويتوقع مدير مركز الشرق للبحوث أن "تسيطر قوات النظام السوري على مناطق جديدة في منطقة الجزيرة السورية بدعم من الإيرانيين الذين بدأوا بالفعل نشر قواتهم في مناطق دير الزور والرقة وغيرها من المدن الخارجة عن سيطرة الأسد".

وبالإضافة لذلك يرى سمير تقي أن "انسحاب الولايات المتحدة من سوريا أخلى الجو لقيام تحالف عضوي جديد بين الروس والإيرانيين والأتراك ستكون له تداعيات خطيرة على المعارضة السورية، قد تؤدي بالنهاية إلى تركيعها وخضوعها لهذه الأجندات، وهذا كله يصب في مصلحة الأسد وتقوية نظامه".

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمر بسحب كل الجنود الأميركيين من شمال سوريا - والبالغ عددهم حوالي 1000 جندي - وذلك بالتزامن مع شن تركيا للهجوم العسكري ضد الفصائل الكردية الحليفة لواشنطن والتي تسيطر على هذه المنطقة.

لكن ترامب عاد وقال إن "القوات الأميركية التي تخرج من سوريا ستنفذ الآن عملية إعادة انتشار وستبقى في المنطقة لمراقبة الوضع ومنع تكرار ما حصل في عام 2014" عندما سيطر تنظيم داعش على مناطق واسعة في سوريا والعراق.

وواجه قرار ترامب سحب القوات الأميركية من المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد ممهدا الطريق للهجوم التركي، انتقادات واسعة داخل بلاده، واعتبر خيانة للأكراد الذين تحالفوا مع الولايات المتحدة لهزيمة تنظيم داعش.

وأعلن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر الأحد أنه سيتم سحب الف جندي أميركي أي قرابة القوة الأميركية المتواجدة في سوريا بأكملها، من شمال سوريا.

وتدخلت روسيا لملء الفراغ الذي تركه الجنود الأميركيون ونشرت دوريات لمنع أية اشتباكات بين القوات السورية والتركية.

 

مواضيع ذات صلة: