قتل متظاهران بالرصاص الحي الأربعاء في بغداد فيما ارتفعت أعمدة كبيرة من الدخان الأسود على امتداد طرق غير بعيدة عن أماكن مقدسة ودوائر حكومية في جنوب العراق حيث تتواصل الاحتجاجات المطالبة بـ"إسقاط النظام" منذ شهرين رغم إجراءات القمع الدامية.
وعبر متظاهرون بإحراق إطارات سيارات عن رفض قادتهم السياسيين الذين يتهمونهم بـ"الفشل" وعدم القدرة على القيام بإصلاحات مهمة على الرغم من مرور شهرين على أعنف احتجاجات في تاريخ البلاد الحديث.
ففي بغداد، التي تعد المركز الرئيسي للاحتجاجات، قتل متظاهران بالرصاص الحي واصيب ما لا يقل عن 25 آخرين بالرصاص الحي وقنابل الغاز المسيلة للدموع، حسبما ذكرت مصادر أمنية وطبية لوكالة الصحافة الفرنسية.
ودارت المواجهات عند جسر الأحرار، وسط بغداد، حيث أطلقت القوات الأمنية التي تقف خلف حواجز اسمنية، الرصاص وقنابل الغاز ضد المتظاهرين، وفقا لأحد مصوري وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي كربلاء، على بعد 100 كلم جنوب بغداد، وبعد ساعات من وقوع أعمال عنف للمرة الأولى الثلاثاء استُخدم خلالها الرصاص الحي ما أدى الى سقوط قتيل بحسب مصادر طبية، أعلنت العتبات الدينية عن إغلاق جميع مدارس الأطفال الدينية في كربلاء والنجف المقدستين عند الشيعة، بالإضافة الى مدينة الحلة عاصمة محافظة بابل الواقعة إلى الشرق من كربلاء.
وكانت كربلاء الثلاثاء مسرحا لموجهات بين محتجين وقوات الأمن مثل حال بغداد التي قتل فيها متظاهران.
وتصاعدت، الأربعاء، سحب الدخان الأسود من مدينة كربلاء التي يزورها ملايين الشيعية سنويا قادمين من عموم العراق ومختلف دول العالم.
وعاش عدد كبير من مدن الجنوب شللاً لقيام متظاهرين بقطع الطرق وإغلاق الدوائر الحكومية والمدارس، في هذا البلد الذي يعد واحدا من أكثر دول العالم ثراء بالنفط وأيضا من أكثر الدول فسادا.
ويطالب المتظاهرون منذ الأول من أكتوبر بإصلاح النظام السياسي وتغيير كامل الطبقة السياسية التي حكمت البلاد على مدى 16 عاما الماضية ويعتبرونها مسؤولة عن تبخّر أكثر من 450 مليارات دولارً، بحسب أرقام رسمية.
16 عاما من الخراب
منذ الأول من أكتوبر، قُتل أكثر من 350 شخصًا، معظمهم من المحتجين، في أول حركة احتجاج عفوية منذ عقود، وفقا لحصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية نقلاً عن مصادر أمنية وطبية.
وتوقفت السلطات العراقية عن أعلان عدد القتلى والجرحى ، بعدما أشارت أخر حصيلة لها عن إصابة 15 الف جريح.
وشهدت مدينة الحلة، جنوب بغداد، احتجاجات خلال اليومين الماضيين تخللتها أعمال عنف وخلفت حوالى مئة جريح أغلبهم بقنابل الغاز المسيل للدموع التي أطلقتها قوات الامن، وفقا لمصادر طبية.
وتواصلت الاحتجاجات في البصرة والناصرية حيث تقع حقول للنفط الذي يمثل 90 بالمئة من موارد الحكومة المثقلة بالديون، واعتصم متظاهرون عند شركة نفط ذي قار الحكومية شرق الناصرية، دون وقوع أعمال عنف، رغم ذلك تواصل العمل في حقول النفط الواقعة في كلا المحافظتين، وفقا لمراسلي الصحافة الفرنسية.
وقال متظاهر من مدينة البصرة لوكالة الصحافة الفرنسية إن "الحكومة فقدت كل شرعيتها، لا نريدهم، كل يوم يجتمعون ويفترض أن يناقشوا مطالبنا، لكننا لا نتوقع أي شيء منهم".
وبلغ استياء المحتجين في البصرة أعلى مستوى، لأن محافظتهم تضم غالبية احتياطي النفط في العراق الذي يعد ثاني أكبر دول منتجة في منظمة أوبك.
وقال متظاهر أخر من هذه المدينة، منذ سقوط نظام صدام حسين على يد قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة عام 2003، وحتى اليوم "مر علينا 16 عاما من الدمار والخراب والفساد، يجب ان تكون البصرة مدينة غنية لكنها تحولت الى مكب نفايات".
نفط
وتعرضت بعض حقول النفط مع بداية الاحتجاجات إلى تهديدات لكن سرعان ما ردعتها الحكومة المدعومة من قبل الجارة إيران التي يتهمها المتظاهرون بالوقوف وراء النظام السياسي الذي يضربه الفساد.
ورغم وقوع قتلى وجرحى من بين المتظاهرين نهار الأربعاء، استمرت التظاهرات في بغداد التي تعد المركز الرئيسي لاحتجاجات في البلاد، وانتشر متظاهرون يرتدون خوذا ويغطون وجوههم بشالات رقيقة لتجنب الغاز المسيل للدموع.
وتأتي احتجاجات بغداد، غداة ليلة صاخبة شهدتها ساحة التحرير الرمزية في وسط العاصمة لاحتفالات شارك فيها آلاف العراقيين بفوز منتخبهم الكروي على منتخب قطر في إطار تصفيات دورة الخليج.
وقتل ستة أشخاص جراء ثلاثة انفجارات شبه متزامنة وقعت الثلاثاء في مناطق متفرقة في بغداد، وفقا لمصادر أمنية وطبية.
وتبنى تنظيم داعش الأربعاء تلك الهجمات، وجاء في بيان نشره التنظيم أن الهجمات نفذت بـ"دراجة مفخخة على أحد معابدهم (الشيعية) في منطقة البياع ودراجتين أخريين على تجمعات بمناطق الشعب والبلديات"، وجميعها مناطق ذات غالبية شيعية.