الشقيقتان يسرى وسارة مارديني خلال العرض الافتتاحي لفيلم "السباحتان" في مدينة تورنتو الكندية.
الشقيقتان يسرى وسارة مارديني خلال العرض الافتتاحي لفيلم "السباحتان" في مدينة تورنتو الكندية.

بدأت منصة نتفليكس بعرض فيلم" السباحتان" الذي يتحدث عن اللاجئتين السوريتين الشقيقتين يسرى وسارة مارديني.

وأتاحت المنصة عرض دبلجة الفيلم بعدة لغات بينها العربية والإنجليزية والتركية والفرنسية والأوكرانية والألمانية، إضافة إلى إتاحة الترجمة "Subtitle" بأكثر من 31 لغة.

وتدور أحداث الفيلم حول الشقيقتين اللتين خاضتا رحلة لجوء شاقة عبر البحر، وساعدا في إنقاذ المركب المكتظ بالمهاجرين، عبر السباحة به إلى أحد شواطئ جزيرة لسبوس اليونانية، بعد أن تعطّل المحرّك.

وتتبع رحلة الوصول إلى اليونان، محاولات استكمال الوصول إلى البلد الهدف للشقيقتين وابن عمهما، نزار، وهي ألمانيا. ثم انضمام يسرى لفريق سباحة في ألمانيا بغية تحقيق حلمها بخوض الألعاب الأولمبية.

والفيلم من إخراج سالي الحسيني، ولعبت الممثلتان اللبنانيتان، منال وناتالي عيسى، دور الشقيقتين يسرا وسارة مارديني، وشاركت بكتابة السيناريو فيه مع إينولا هولمز والكاتب جاك ثورن.

وأصدرت مخرجة الفيلم بياناً عند العرض الأول للفيلم قالت فيه: "أنا بغاية الحماسة، إنه لشرف ومفخرة أن نفتتح مهرجان (TIFF) بالقصة الحقيقية الملهمة للشقيقتين مارديني، كما أن مدينة متعددة الثقافات ومتنوعة كمدينة تورنتو تعتبر المكان الأمثل لإطلاق فيلمنا الذي يعبر عن اللاجئين ويسمع صوتهم، ويذكرنا بأن قدرة البشر على البقاء أقوى مما يتخيله معظم الناس بيننا".

وقالت يسرى في حديثها لموقع "ميدل إيست مونيتور": "تدور أحداث الفيلم حول قصتي الحقيقية، حين سبحت لمدة ثلاث ساعات في البحر بينما كنت أجر قارباً يحمل الأمهات والأطفال لمنعه من الغرق".

وأضافت: "كان علي أن أقفز من فوق القارب مع أختي لتحقيق الاستقرار في القارب، كان هذا هو السبيل الوحيد لإنقاذ حياتنا. كنا 18 شخصا في القارب، أكثر مما يمكن أن يحمله، لذا كان الأمر مخيفا، لكننا كنا جميعا نهرب من الحرب والعديد من اللاجئين يمرون بهذه الرحلة، أريد أن يفهم المشاهدون أن اللاجئين لا يختارون التخلي عن بلدانهم، بل يغادرون بسبب الحرب والعنف وهناك مساحة أكثر من كافية على هذا الكوكب للجميع". 

 

ردود فعل متباينة

أثار الفيلم ردود فعل متباينة وسط الناشطين بين مؤيد ومعارض لروايته السردية، ونال إعجاب عدد كبير من المتابعين حول العالم، إذ تصدّر الفيلم أعلى المشاهدات على منصة "نتفليكس" خلال الأسبوع الفائت.

 

الإعلامية السورية آلاء عامر أبدت إعجابها الشديد بالفيلم، مشيرة إلى أن هناك بعض التفاصيل التي كان يمكن أن يتم سردها بطريقة أعمق داخل الفيلم، وأنها لم تشعر بأن مخرجة الفيلم استطاعت أن تتذوق الطعم الحقيقي للحرب أو اللجوء.

فيما قال الناشط السوري باسل ميدان في منشوره عبر فيسبوك، إن الفيلم كان جرعة واحدة مستمرة، مثله مثل العديد من الأعمال التي تختزن كماً كبيراً من الألم وخليطاً معقداً من المشاعر التي تلمس السوريين اللاجئين.

وأضاف: "من ينوي متابعته عليه عدم إسقاط ما سوف يراه على أي حالة سورية أخرى، حتى لا تفقد القصة معناها، فهو كتجربة إنسانية يمثل الناجين من الموت والباحثين عن فرصة للحياة، بغض النظر عن البيئة المرتبطة بالعمل".

 

من جهتها، قالت الكاتبة السورية لينا الطيبي، إن الفيلم يروي جانبا من مآسي السوريين في رحلتهم بحثا عن ملجأ آمن.

 

وقال الحقوقي السوري محيي الدين اللاذقاني، في منشور له عبر فيسبوك، إن الفيلم "جعل من الدمار الذي حاق بسوريا غامضا، فهناك حرب، وقصف، وقتل، لكن لا ذكر أبداً لمن قتل، وقصف، وشرد، وأغرب مشهد فيه حين تقول إحدى السباحتين للمحقق (لكنك لم تسألني ما سبب تشردنا من سوريا، ولماذا أتينا إلى بلادكم)، فيقول لها بهدوء (لا حاجة لذلك بعد عامين سيحققون معك، وقولي ما تشائين)".

وتابع القول: "لعل كاتب الفيلم ومخرجه ومنتجه ظنوا أنهم حلّوا الإشكال السياسي، وأجلوه للمستقبل، لكنهم لم يلاحظوا أن هذه السقطة الأخلاقية لا تعفيهم من التوضيح، فسوريا ليست في المريخ، وما حصل وثقته الكاميرات، والأغلبية في المنطقة والعالم تعرف أدق التفاصيل عن قصف النظام الأسدي للمدنيين بالبراميل لتشريدهم".

فيما وصف الصحافي السوري راشد عيسى الفيلم بأنه "مليء بالدموع، وأنه ملأه بالحزن والتأثر، واستعاد له ذكرياته عندما كان لاجئاً". 

وأضاف، أن الفيلم "مليء باللاجئين، سوريين وسواهم، كما يعرض في مشاهده الأولى فيديو للتظاهرات الأولى، مستعاداً في بيت عائلة بطلة الفيلم، أي أنه، لا بدّ، مليء بالدموع".

 

ووصفت الإعلامية سهى الوعل في تغريدة لها عبر تويتر الفيلم بأنه يثبت أن القصة الحقيقية دائماً هي الأفضل للسرد السينمائي، وأنها تستحق أن تُنفذ بجدية.

 

"قوة وشجاعة"

وكيلة الأمين العام للتواصل العالمي في الأمم المتحدة ميليسا فليمنغ، وصفت الفيلم بـ "جرس التنبيه" و"الخطوة المرحب بها للغاية" كي يتضامن الجميع مع اللاجئين.

وقالت المسؤولة الأممية خلال العرض الأول للفيلم الذي أقيم في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، إنه "لا يسمح للجمهور بالتعاطف مع أولئك النازحين قسراً وحسب، ولكن يتيح أيضا التفهم أن يتخيلوا أنهم في مكانهم">

"الفيلم يدل على قوة وشجاعة ومثابرة اللاجئين من خلال عرض قصة حياة لاجئتين سوريتين وصلت إحداهما إلى الألعاب الأولمبية"، تابعت فليمنغ.

وأوضحت أن الشقيقتين مارديني "أصبحتا في سن مبكر جدا، بطلتين للملايين، فقد أنقذتا الأشخاص الذين كانوا في خطر في البحر، وبينما كان يتعيّن عليهما البدء من جديد، تمكنتا من تحقيق أحلامهما من خلال المثابرة والعمل الجاد".

مواضيع ذات صلة:

صورة تعبيرية تجمع بين العالمين المسلمين يوسف القرضاوي وعلي السيستاني
صورة تعبيرية تجمع بين العالمين المسلمين يوسف القرضاوي وعلي السيستاني

في العصور الوسطى، عرف المسلمون بعض الفنون التي تضمنت التمثيل بشكل أو بآخر، منها مسرح "خيال الظل" الذي ظهر في قصور أمراء العصر الفاطمي في القرن السادس الهجري، وفن "الأراجوز" الذي عُرف خلال العصرين الأيوبي والمملوكي وانتشر على نطاق واسع في العصر العثماني.

في القرن التاسع عشر الميلادي، بدأ التمثيل يأخذ مكانة مهمة في المجتمعات الإسلامية، باعتباره أحد الفنون المعروفة التي تمكنت من حصد إعجاب الجماهير.

في هذا السياق، اشتهرت أعمال السوري أبو خليل القباني، الذي يُعدّ أول من أسّس مسرحاً عربياً في دمشق، واللبناني مارون النقاش الذي مثّل أول رواية عربية عام 1848، والمصري عبد الله النديم الذي مثّل روايتي "الوطن" و"العرب" في مسرح "زيزينيا" بمدينة الإسكندرية وحضرها الخديوي إسماعيل.

على الرغم من كثرة الأعمال المسرحية والسينمائية والتلفزيونية التي قدمها الفنانون في العالم العربي، إلا أن النظرة العامة للتمثيل أُحيطت بالعديد من علامات الشك والارتياب من قبل علماء مسلمين ورجال دين عارضوا هذا الفن حتى أنهم أفتى بحُرمته.

في المقابل، كانت هناك فتاوى إسلامية أباحت التمثيل، والغناء أيضاً كما أسلفنا في مقال سابق نُشر على موقع "ارفع صوتك". 

 

الرفض: الرأي التقليدي

في كتابه "تاريخ آداب اللغة العربية"، عمل الأديب اللبناني جرجي زيدان على تفسير الرفض التقليدي لفن التمثيل في الأوساط الإسلامية، فقال إن "فن التمثيل من الفنون القديمة في قارة أوروبا منذ عهد اليونان، ونقل العرب في صدر الدولة العباسية علوم اليونان الطبيعية والفلسفية والرياضية، وتجاهلوا نقل أكثر آدابهم الأخلاقية، أو الشعرية والتاريخية، ومن جملتها التمثيل".

يفسر ذلك التجاهل بقوله "لعل السبب، تجافي المسلمين عن ظهور المرأة المسلمة على المسرح، فأزهر التمدن الإسلامي وأثمر وليس فيه ثمة تمثيل...".

بشكل عام، تعرض الممثلون والفنانون العرب للتجاهل والرفض بشكل واسع من قِبل المؤسسات الدينية الإسلامية لفترات طويلة من القرن العشرين. حيث أصدر بعض رجال الدين فتاواهم الرافضة لممارسة التمثيل، وعدّوه من "خوارم المروءة"، ومن أسباب سقوط الشهادة في المحاكم الشرعية.

يُعبر الشيخ السعودي بكر أبو زيد عن تلك الرؤية في كتابه "حكم التمثيل"، فيذكر أن التمثيل نوع من أنواع الكذب، ويستشهد بالحديث المنسوب للصحابي عبد الله بن مسعود "الكذب لا يصلح في جد ولا هزل، ولا يَعد أحدكم صبيّه شيئاً ثم لا يُنجزه"، يتابع بعدها "...وعليه فلا يمتري عاقل، أن (التمثيل) من أولى خوارم المروءة، ولذا فهو من مُسقِطات الشهادة قضاء، وما كان كذلك، فإن الشرع لا يُقرّه في جملته. ومن المسلمات أن التمثيل لا يحترفه أهل المروءات، ولا من له صفة تذكر في العقل والدين...".

الرأي نفسه، ذهب إليه المفتي الأسبق للمملكة العربية السعودية عبد العزيز بن باز. جاء في إحدى فتاواه: "...الذي يظهر لنا أن التمثيل من باب الكذب، التمثيل أنه يمثل عمر، أو يمثل أبا جهل، أو يمثل فرعون، أو يمثل النبي، كلها في ما نعلم وفي ما نفتي به أنها من الكذب، يكفي الآخرين ما كفى الأولين...".

من محمد عبده إلى كمال الحيدري.. فتاوى أباحت الرسم والنحت
عرفت فنون الرسم والتصوير والنحت حضوراً قوياً في الثقافة الأوروبية في العصور الوسطى، وتماشى هذا الحضور مع غلبة المعتقدات الدينية المسيحية التي لا ترى بأساً في تصوير الإنسان والكائنات الحية، على النقيض من ذلك، ظهرت معارضة قوية لتلك الفنون في البلاد الإسلامية.

 

تصاعد الجدل بين الممثلين ورجال الدين

شهدت العقود السابقة اشتعال الجدل بين الممثلين ورجال الدين بسبب عدد من الأعمال الفنية السينمائية والتلفزيونية. وكانت ظاهرة تمثيل الأنبياء والصحابة أحد أهم الأسباب المثيرة للجدل والنقاش بين الطرفين>

وفيما حاول الممثلون تجسيد الشخصيات الدينية الروحية الأكثر تأثيراً في أعمالهم، فإن رجال الدين المسلمين -على الجانب الآخر- رفضوا ذلك بشكل كامل، وأصروّا أن تبقى الشخصيات بعيدة عن أي تجسيد أو تمثيل للحفاظ على القداسة المرتبطة بها في الوجدان المسلم.

بشكل عام، تعود فكرة تجسيد الأنبياء بشكل درامي لفترة مبكرة من عمر الصناعة السينمائية في البلاد العربية. ففي عام 1926، عُرض على الممثل المصري يوسف بك وهبي تمثيل شخصية الرسول محمد من قِبل شركة إنتاج ألمانية- تركية.

وافق وهبي في البداية وانتشر الخبر في الصحف، حتى خرج الأزهر وهاجم المشروع. كتب وهبي في مذكراته أنه اعتذر عن بطولة العمل بعدما تلقى تهديداً من جانب الملك فؤاد ملك مصر -آنذاك- بالنفي والحرمان من الجنسية المصرية.

لا ننسى أن تلك الأحداث وقعت بعد سنتين فحسب من سقوط الدولة العثمانية، كان الملك فؤاد وقتها يسعى للحصول على لقب "الخليفة"، وكان من المهم بالنسبة له أن يظهر في صورة "المدافع عن الإسلام والنبي" ضد أي تشويه محتمل.

في خمسينيات القرن العشرين، جُسدت شخصيات بعض الصحابة درامياً. على سبيل المثال قدمت السينما المصرية فيلم "بلال مؤذن الرسول" سنة 1953، وفيلم "خالد بن الوليد" سنة 1958 من بطولة وإنتاج وإخراج الممثل المصري حسين صدقي. عُرف صدقي بتوجهاته الإسلامية في الفترة الأخيرة من حياته، وكان اختيار شخصية خالد بن الوليد تحديداً لتجسيدها في عمل سينمائي أمراً مفهوماً لما لتلك الشخصية من حضور طاغٍ في الثقافة الإسلامية السنيّة التقليدية.

تفجر الجدل مرة أخرى حول تجسيد شخصيات الصحابة في سبعينيات القرن العشرين. في تلك الفترة أُعلن الاتفاق على تصوير فيلم "الرسالة" بنسختيه العربية والإنجليزية للمخرج السوري مصطفى العقاد، واختيرت نخبة من الفنانين العرب والأجانب للمشاركة في تقديم هذا المشروع الضخم.

شاع حينها أن صناع العمل حصلوا على موافقة الأزهر، مما أثار رفضاً من جانب الكثير من رجال الدين. مثلاً، أرسل الشيخ السعودي عبد العزيز بن باز إلى شيخ الأزهر رسالة يستهجن فيها الموافقة على الفيلم، جاء فيها "من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المُكرم صاحب السماحة الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الجامع الأزهر… فإني أستغرب إقرار الأزهر لإخراج الفيلم المذكور؛ فإن كان ما نُسب إليه صحيحاً فإني أطلب من فضيلتكم العمل على سحب الفتوى الصادرة من الأزهر في هذا الشأن إن أمكن ذلك، أو إبداء رأيكم في الموضوع براءةً للذمة، وخروجاً من التبعة، وتعظيماً للنبي وأصحابه –رضي الله عنهم– وصيانةً لهم عن كل ما قد يؤدي إلى تنقصهم بوجه من الوجوه…".

تسببت ردود الأفعال الغاضبة في إعلان الأزهر رفضه مشروع الفيلم، فأصدر الشيخ عبد الحليم محمود بياناً وقعه معه مجمع البحوث الإسلامية في القاهرة، ورد في نصّه: "نعلن عدم الموافقة على إنتاج فيلم بعنوان (محمد رسول الله) أو أي فيلم يتناول بالتمثيل-على أي وضع كان- شخصية الرسول- صلى الله عليه وسلم- أو شخصيات الصحابة- رضي الله عنهم".

علل البيان الرفض بأن تلك الأفلام "تحط من قدر هذه الشخصيات المقدسة في نظر المسلم".

استجاب الملك الحسن الثاني ملك المغرب الراحل لنداء الشيخ محمود ومنع تصوير الفيلم في المغرب، وتم استكمال التصوير بعدها في ليبيا بدعم من نظام الرئيس الليبي السابق معمر القذافي.

لم ينته الصدام بين الممثلين ورجال الدين عند هذا الحد. فعلى مدار السنوات الماضية، شهدت أروقة المحاكم وصفحات الجرائد وقائع الجدل المتصاعد حول العديد من الأعمال الفنية التي لم تحصل على موافقة الرقابة الأزهرية، منها فيلم "القادسية"، من إنتاج دائرة السينما والمسرح العراقية سنة 1981، الذي جسد شخصية الصحابي سعد بن أبي وقاص، وفيلم "المهاجر" 1994، الذي قيل إنه "يصور سيرة حياة النبي يوسف".

من جهة أخرى، اُتهم العديد من الممثلين بالدعوة لـ"إشاعة الفحشاء والإباحية والعُري" من قِبل بعض رجال الدين، وارتبطت تلك الاتهامات بظاهرة "حجاب واعتزال الفنانات" التي تصاعدت في حقبة الثمانينيات.

وقيل وقتها إن "وراء تلك الظاهرة جماعات إسلامية تدفع أموالاً طائلة للفنانات المحجبات مقابل حجابهن وابتعادهنّ عن الوسط الفني".

 

فتاوى أجازت التمثيل

شهدت السنوات الأخيرة حالة من الهدوء النسبي بين رجال الدين والممثلين، وصدرت العديد من الفتاوى التي أباحت العمل بالتمثيل. من تلك الفتاوى، التي أصدرها الشيخ السعودي ابن عثيمين اعتماداً على أن هذا النوع من الفن من الأمور الخارجة عن العبادات الشرعية "...والأصل في غير العبادات الحل والإباحة، وهذا من فضل الله عز وجل: أن يسر على العباد ما لم يحرمه عليهم، فإذا كان الأصل الحل، فإنه لا بد من إقامة الدليل على التحريم..."، وفق تعبيره.

نشر الشيخ المصري يوسف القرضاوي مضمون الحكم نفسه على موقعه الإلكتروني، وذلك عندما أجاب على سؤال من إحدى شركات الإنتاج الفني حول حكم تقديم مسلسل عن الصحابي خالد بن الوليد، فقال "...قد أصبح التمثيل في عصرنا من مميزات الحياة المعاصرة، وأصبحت له معاهده وكلياته وخريجوه، وصار له عشاقه ومريدوه، وغدت له صور شتّى في المسرح وفي الأفلام وفي المسلسلات وغيرها. كما غدا يطرق أبواب الحياة الفردية والأسرية والاجتماعية والسياسية والدولية وغيرها. وأمسى له تأثيراته الهائلة في حياة الناس إيجاباً وسلباً... واستقر الأمر على جواز التمثيل بصفة عامة، إذا كان من ورائه عظة وعبرة للناس، ولم يشتمل على منكر يُحرمه الشرع، من قول أو فعل، أو مشهد...".

في السياق ذاته، أفتى علي جمعة، مفتي الديار المصرية السابق بأن التمثيل في حد ذاته ودراسته واستعماله من أجل إيصال الخير للناس "لا بأس به". ك

ما قال الداعية الإسلامي المصري خالد الجندي، إن "الفن بشكل عام، ومهنة التمثيل خاصة، ليست حراماً، إذا كان في النطاق المقبول والمحترم والهادف، لأن الفن رسالة قيّمة، إذا تم استخدامها بشكل صحيح".

وتابع أن التمثيل "جزء وأداة من أدوات الفن، وتعريف التمثيل، هو ضرب المثل، وهذا الضرب مذكور في القرآن، حيث قال الله تعالى "ويضرب الله الأمثال للناس"، وعندما وصف الله نوره، ضرب مثلاً أيضاً عندما قال في كتابه "مثل نوره كمشكاة"، وأن "الله عندما كان يرسل الملائكة إلى الرسل، كانت تتجسد في شكل البشر، مثل سيدنا جبريل، عندما نزل على سيدنا محمد".

يبدو موقف رجال الدين من التمثيل أكثر قبولاً في الأوساط الشيعية. على سبيل المثال، أجاب المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني على سؤال حول حكم التمثيل الفني في المسرح أو التلفزيون بكونه "حلالاً".

كما أباح تمثيل دور المرأة بواسطة الرجل ولم ير أن ذلك التمثيل يدخل في باب التشبيه المنهي عنه في الحديث "لَعنَ رسُولُ اللَّهِ المُتَشبِّهين مِن الرِّجالِ بِالنساءِ، والمُتَشبِّهَات مِن النِّسَاءِ بِالرِّجالِ".

من جهة أخرى، أفتى السيستاني بجواز تجسيد الأنبياء على الشاشة بشرط مراعاة "مستلزمات التعظيم والتبجيل"، وعدم اشتماله "على ما يسيء إلى صورهم المقدسة في النفوس".