صورة ملتقطة من الإعلان الترويجي لفيلم "بومب شيل"
صورة ملتقطة من الإعلان الترويجي لفيلم "بومب شيل"

إلى جانب تسليطها الضوء على جرائم الاستغلال الجنسي وسوء استخدام النفوذ ضد النساء في العالم، ألهمت حركة "Me too" شركات الإنتاج السينمائي، وتحولت قصص الضحايا إلى سرديات درامية باح أبطالها بمعاناتهم من الاغتصاب والتحرش.

كما وثقت جهود الصحافيين الذين لفتت تحقيقاتهم الاستقصائية أنظار العالم إلى جرائم ظلت لسنوات طي الكتمان.

ومنذ انطلاق الحملة في أكتوبر 2017 صدرت العديد من الأفلام السينمائية والوثائقية التي استلهمت مواضيعها من حملة البوح واسعة النطاق، التي أعقبت تحقيقا صحافياً نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" عن تورط المنتج السينمائي المشهور هارفي وانستاين في جرائم جنسية.

وكان التفاعل مع المعلومات المنشورة كبيراً، بحيث تصدرت حملة بهاشتاغ "مي توو/ أنا أيضاً" مواقع التواصل، لشهور، وبدأت قصص أخرى حول الاعتداءات الجنسية بين المشاهير تظهر للعلن.

ومن بين مجموعة كبيرة من أفلام صدرت منذ ذلك الحين، اخترنا خمسة أفلام.

She said

تزامن طرح الفيلم مع الذكرى الخامسة لانطلاق حملة "أنا أيظا"، في 13 أكتوبر الماضي، من إخراج ماريا شرادر وبطولة كاري موليجان و زوي كازان، وعرض لأول مرة في مهرجان لندن السينمائي.

تدور قصته حول ميجان تووي وجودي كانتور، وهما صحافيتان تعملان في "نيويورك تايمز"، وأنجزتا معا تحقيقا استقصائيا عن الاعتداءات الجنسية للمنتج الهوليودي هارفي وانستاين وحصلت تقاريرهما على جائزة بوليتزر.

واكب الفيلم جهود الصحافيتين في جمع شهادات الضحايا، وإجراء مقابلات معهن مع ما ينطوي عليه ذلك من نبش مؤلم في الذاكرة.

ويبين الفيلك كيف كان إقناع الضحايا بالحديث تحديا كبيرا، والبحث عن الحقيقة مضنيا مع إصرار كثير من النساء على الصمت، إما بسبب الخوف من الوصم أو بسبب اتفاقيات عدم الإفشاء التي وقعن عليها كتسويات سابقة مع الجناة أو المؤسسات التي كن يشتغلن بها.

كما مثل احتفاءً فنياً بشجاعة النساء اللواتي كسرن حاجز الصمت وبحثن بإصرار عن الحقيقة.

 

The assistant

فيلم درامي أمريكي صدر عام 2019 من تأليف وإخراج كيتي جرين، وبطولة جوليا غارنر وكريستين فروسيث وماثيو ماكفادين، نال الفيلم استحسانا جماهيريا ونقديا إذ حصل على نسبة 93 في المائة على موقع الطماطم الفاسدة.

يحكي الفيلم عن قصة شابة  حديثة التخرج تدعى "جين"، تعمل سكرتيرة لدى أحد المدراء المتسلطين في شركة انتاج بمدينة نيويورك، وكان عليها أن تواجه إلى جانب مهامها المرهقة وساعات عملها الطويلة نوبات غضب مديرها وإساءاته اللفظية وطلباته التي لا تتوقف. وبوسعها من مكان عملها أن تلاحظ سلوكه المشين واستغلاله الجنسي لزميلاها في العمل.

الفكرة الأساسية للفيلم تكمن في إدانة التواطؤ والسكوت عن الإساءات الجنسية واستغلال النفوذ في بيئات العمل، كما ينبه إلى العجز عن التبليغ عنها خوفا من التبعات وضياع المكاسب الوظيفة. الفيلم عبارة عن صرخة تحذير من التحرش الجنسي الذي أصبح ثقافة وسلوكا جرى التطبيع معه كثير في الأوساط الوظيفية.

 

Bombshell 

فيلم درامي صدر عام 2019 من كتابة وإخراج جاي روتش، وبطولة تشارلز  ثيرون ومارجو روبي ونيكول كيدمان.

حصل الفيلم على إشادة النقاد وحصد عددا من الجوائز بينها جائزة الأوسكار لأفضل مكياج وتصفيف الشعر.

تدور قصة الفيلم حول رئيس شبكة "فوكس نيوز" روجر آيلز، وتورطه في التحرش الجنسي بموظفات الشبكة.

ويستند إلى رواية مجموعة من النساء العاملات في الشبكة الإخبارية واسعة الانتشار، اللائي شرعن في فضح الإساءات الجنسية للرئيس التنفيذي والإطاحة به في ذروة قوته وتأثيره.

ورغم أن الفيلم نبه أيضا إلى تفشي ثقافة التواطؤ بين الموظفين إلا أنه احتفى بشجاعة النساء اللواتي تحدثن في بيئة يتخذ فيها التحرش طابعا مؤسساتيا.

 

Athlete A

المعالجة في فيلم "Athlete A" اتخذت منحى واقعيا وليس دراميا كما هو حال الأفلام السابقة، فقد استعرض الفيلم في قالب وثائقي قصة لاعبة الجمباز الأميركية ماغي نيكولز، ومعاناتها مع الاعتداء الجنسي الذي تعرضت له من طرف طبيب فريقها لاري نصار.

شجاعة اللاعبة في التبليغ عن إساءات طبيبها حرمتها من حقها في تمثيل بلدها في أولمبياد ريو دي جانيرو عام 2016 من قبل اتحاد الجمباز الأميركي. ثم ما لبت أن تقدمت ضد الطبيب أكثر من 500 امرأة بشكاوى اعتداء جنسي.

يتطرق الفيلم إلى الموقف السلبي لاتحاد الجمباز الأميركي الذي كان على علم بالسلوكات المشينة لطبيب الفريق، الذي عمر في منصبه لـ29 عاما، وحتى عندما بلغت عنه ماغي نيكولز احتفظ  بوظيفته لعام آخر.

يسلط الوثائقي الضوء على نمط آخر من المتحرشين، ذلك النوع من المعتدين الذين يغدقون الاهتمام والرعاية على ضحاياهم، ويحاولون ربط علاقة ودية مع الأطفال واليافعين حتى يغدو الاعتداء الجنسي عليهم سلوكا عاديا، وتردع روابط الولاء والتبعية أي رغبة في التبليغ أو الشكوى.

الفيلم من توزيع شبكة نيتفكلس عام 2020، ومن إخراج بوني كوهين وجون شينك.

 

Allen v. Farrow

وودي آلن كاتب وممثل ومخرج موهوب، حصد عددا كبيرا من الجوائز المرموقة بينها أربع جوائز أوسكار، إنه حقا مدرسة سينمائية قائمة بذاتها منذ أواسط القرن الماضي إلى الآن، لكن ماذا عن اعتداءاته الجنسية حتى على أقرب الناس إليه؟

لاحقت تهم التحرش والساءة الجنسية وودي آلن منذ عقود، وكانت ابنته بالتبني وزوجته السابقة من ضحاياه المفترضين.

الفيلم عبارة عن سلسلة وثائقية من أربع حلقات من إنتاج HBO سنة 2021، سلطت الضوء من خلال المقابلات مع الشهود  وأفراد من عائلة آلن، بمن فيهم متهمته الرئيسية ابنته بالتبني ديلان فارو التي تعرضت للاعتداء الجنسي من قبله عندما كانت في السابعة من عمرها.

عادت ديلان بذاكرتها إلى طفولتها المبكرة وسردت تفاصيل المواقف التي ضايقها فيها آلن وتحرشه بها مرارا. 

مواضيع ذات صلة:

صورة تعبيرية تجمع بين العالمين المسلمين يوسف القرضاوي وعلي السيستاني
صورة تعبيرية تجمع بين العالمين المسلمين يوسف القرضاوي وعلي السيستاني

في العصور الوسطى، عرف المسلمون بعض الفنون التي تضمنت التمثيل بشكل أو بآخر، منها مسرح "خيال الظل" الذي ظهر في قصور أمراء العصر الفاطمي في القرن السادس الهجري، وفن "الأراجوز" الذي عُرف خلال العصرين الأيوبي والمملوكي وانتشر على نطاق واسع في العصر العثماني.

في القرن التاسع عشر الميلادي، بدأ التمثيل يأخذ مكانة مهمة في المجتمعات الإسلامية، باعتباره أحد الفنون المعروفة التي تمكنت من حصد إعجاب الجماهير.

في هذا السياق، اشتهرت أعمال السوري أبو خليل القباني، الذي يُعدّ أول من أسّس مسرحاً عربياً في دمشق، واللبناني مارون النقاش الذي مثّل أول رواية عربية عام 1848، والمصري عبد الله النديم الذي مثّل روايتي "الوطن" و"العرب" في مسرح "زيزينيا" بمدينة الإسكندرية وحضرها الخديوي إسماعيل.

على الرغم من كثرة الأعمال المسرحية والسينمائية والتلفزيونية التي قدمها الفنانون في العالم العربي، إلا أن النظرة العامة للتمثيل أُحيطت بالعديد من علامات الشك والارتياب من قبل علماء مسلمين ورجال دين عارضوا هذا الفن حتى أنهم أفتى بحُرمته.

في المقابل، كانت هناك فتاوى إسلامية أباحت التمثيل، والغناء أيضاً كما أسلفنا في مقال سابق نُشر على موقع "ارفع صوتك". 

 

الرفض: الرأي التقليدي

في كتابه "تاريخ آداب اللغة العربية"، عمل الأديب اللبناني جرجي زيدان على تفسير الرفض التقليدي لفن التمثيل في الأوساط الإسلامية، فقال إن "فن التمثيل من الفنون القديمة في قارة أوروبا منذ عهد اليونان، ونقل العرب في صدر الدولة العباسية علوم اليونان الطبيعية والفلسفية والرياضية، وتجاهلوا نقل أكثر آدابهم الأخلاقية، أو الشعرية والتاريخية، ومن جملتها التمثيل".

يفسر ذلك التجاهل بقوله "لعل السبب، تجافي المسلمين عن ظهور المرأة المسلمة على المسرح، فأزهر التمدن الإسلامي وأثمر وليس فيه ثمة تمثيل...".

بشكل عام، تعرض الممثلون والفنانون العرب للتجاهل والرفض بشكل واسع من قِبل المؤسسات الدينية الإسلامية لفترات طويلة من القرن العشرين. حيث أصدر بعض رجال الدين فتاواهم الرافضة لممارسة التمثيل، وعدّوه من "خوارم المروءة"، ومن أسباب سقوط الشهادة في المحاكم الشرعية.

يُعبر الشيخ السعودي بكر أبو زيد عن تلك الرؤية في كتابه "حكم التمثيل"، فيذكر أن التمثيل نوع من أنواع الكذب، ويستشهد بالحديث المنسوب للصحابي عبد الله بن مسعود "الكذب لا يصلح في جد ولا هزل، ولا يَعد أحدكم صبيّه شيئاً ثم لا يُنجزه"، يتابع بعدها "...وعليه فلا يمتري عاقل، أن (التمثيل) من أولى خوارم المروءة، ولذا فهو من مُسقِطات الشهادة قضاء، وما كان كذلك، فإن الشرع لا يُقرّه في جملته. ومن المسلمات أن التمثيل لا يحترفه أهل المروءات، ولا من له صفة تذكر في العقل والدين...".

الرأي نفسه، ذهب إليه المفتي الأسبق للمملكة العربية السعودية عبد العزيز بن باز. جاء في إحدى فتاواه: "...الذي يظهر لنا أن التمثيل من باب الكذب، التمثيل أنه يمثل عمر، أو يمثل أبا جهل، أو يمثل فرعون، أو يمثل النبي، كلها في ما نعلم وفي ما نفتي به أنها من الكذب، يكفي الآخرين ما كفى الأولين...".

من محمد عبده إلى كمال الحيدري.. فتاوى أباحت الرسم والنحت
عرفت فنون الرسم والتصوير والنحت حضوراً قوياً في الثقافة الأوروبية في العصور الوسطى، وتماشى هذا الحضور مع غلبة المعتقدات الدينية المسيحية التي لا ترى بأساً في تصوير الإنسان والكائنات الحية، على النقيض من ذلك، ظهرت معارضة قوية لتلك الفنون في البلاد الإسلامية.

 

تصاعد الجدل بين الممثلين ورجال الدين

شهدت العقود السابقة اشتعال الجدل بين الممثلين ورجال الدين بسبب عدد من الأعمال الفنية السينمائية والتلفزيونية. وكانت ظاهرة تمثيل الأنبياء والصحابة أحد أهم الأسباب المثيرة للجدل والنقاش بين الطرفين>

وفيما حاول الممثلون تجسيد الشخصيات الدينية الروحية الأكثر تأثيراً في أعمالهم، فإن رجال الدين المسلمين -على الجانب الآخر- رفضوا ذلك بشكل كامل، وأصروّا أن تبقى الشخصيات بعيدة عن أي تجسيد أو تمثيل للحفاظ على القداسة المرتبطة بها في الوجدان المسلم.

بشكل عام، تعود فكرة تجسيد الأنبياء بشكل درامي لفترة مبكرة من عمر الصناعة السينمائية في البلاد العربية. ففي عام 1926، عُرض على الممثل المصري يوسف بك وهبي تمثيل شخصية الرسول محمد من قِبل شركة إنتاج ألمانية- تركية.

وافق وهبي في البداية وانتشر الخبر في الصحف، حتى خرج الأزهر وهاجم المشروع. كتب وهبي في مذكراته أنه اعتذر عن بطولة العمل بعدما تلقى تهديداً من جانب الملك فؤاد ملك مصر -آنذاك- بالنفي والحرمان من الجنسية المصرية.

لا ننسى أن تلك الأحداث وقعت بعد سنتين فحسب من سقوط الدولة العثمانية، كان الملك فؤاد وقتها يسعى للحصول على لقب "الخليفة"، وكان من المهم بالنسبة له أن يظهر في صورة "المدافع عن الإسلام والنبي" ضد أي تشويه محتمل.

في خمسينيات القرن العشرين، جُسدت شخصيات بعض الصحابة درامياً. على سبيل المثال قدمت السينما المصرية فيلم "بلال مؤذن الرسول" سنة 1953، وفيلم "خالد بن الوليد" سنة 1958 من بطولة وإنتاج وإخراج الممثل المصري حسين صدقي. عُرف صدقي بتوجهاته الإسلامية في الفترة الأخيرة من حياته، وكان اختيار شخصية خالد بن الوليد تحديداً لتجسيدها في عمل سينمائي أمراً مفهوماً لما لتلك الشخصية من حضور طاغٍ في الثقافة الإسلامية السنيّة التقليدية.

تفجر الجدل مرة أخرى حول تجسيد شخصيات الصحابة في سبعينيات القرن العشرين. في تلك الفترة أُعلن الاتفاق على تصوير فيلم "الرسالة" بنسختيه العربية والإنجليزية للمخرج السوري مصطفى العقاد، واختيرت نخبة من الفنانين العرب والأجانب للمشاركة في تقديم هذا المشروع الضخم.

شاع حينها أن صناع العمل حصلوا على موافقة الأزهر، مما أثار رفضاً من جانب الكثير من رجال الدين. مثلاً، أرسل الشيخ السعودي عبد العزيز بن باز إلى شيخ الأزهر رسالة يستهجن فيها الموافقة على الفيلم، جاء فيها "من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المُكرم صاحب السماحة الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الجامع الأزهر… فإني أستغرب إقرار الأزهر لإخراج الفيلم المذكور؛ فإن كان ما نُسب إليه صحيحاً فإني أطلب من فضيلتكم العمل على سحب الفتوى الصادرة من الأزهر في هذا الشأن إن أمكن ذلك، أو إبداء رأيكم في الموضوع براءةً للذمة، وخروجاً من التبعة، وتعظيماً للنبي وأصحابه –رضي الله عنهم– وصيانةً لهم عن كل ما قد يؤدي إلى تنقصهم بوجه من الوجوه…".

تسببت ردود الأفعال الغاضبة في إعلان الأزهر رفضه مشروع الفيلم، فأصدر الشيخ عبد الحليم محمود بياناً وقعه معه مجمع البحوث الإسلامية في القاهرة، ورد في نصّه: "نعلن عدم الموافقة على إنتاج فيلم بعنوان (محمد رسول الله) أو أي فيلم يتناول بالتمثيل-على أي وضع كان- شخصية الرسول- صلى الله عليه وسلم- أو شخصيات الصحابة- رضي الله عنهم".

علل البيان الرفض بأن تلك الأفلام "تحط من قدر هذه الشخصيات المقدسة في نظر المسلم".

استجاب الملك الحسن الثاني ملك المغرب الراحل لنداء الشيخ محمود ومنع تصوير الفيلم في المغرب، وتم استكمال التصوير بعدها في ليبيا بدعم من نظام الرئيس الليبي السابق معمر القذافي.

لم ينته الصدام بين الممثلين ورجال الدين عند هذا الحد. فعلى مدار السنوات الماضية، شهدت أروقة المحاكم وصفحات الجرائد وقائع الجدل المتصاعد حول العديد من الأعمال الفنية التي لم تحصل على موافقة الرقابة الأزهرية، منها فيلم "القادسية"، من إنتاج دائرة السينما والمسرح العراقية سنة 1981، الذي جسد شخصية الصحابي سعد بن أبي وقاص، وفيلم "المهاجر" 1994، الذي قيل إنه "يصور سيرة حياة النبي يوسف".

من جهة أخرى، اُتهم العديد من الممثلين بالدعوة لـ"إشاعة الفحشاء والإباحية والعُري" من قِبل بعض رجال الدين، وارتبطت تلك الاتهامات بظاهرة "حجاب واعتزال الفنانات" التي تصاعدت في حقبة الثمانينيات.

وقيل وقتها إن "وراء تلك الظاهرة جماعات إسلامية تدفع أموالاً طائلة للفنانات المحجبات مقابل حجابهن وابتعادهنّ عن الوسط الفني".

 

فتاوى أجازت التمثيل

شهدت السنوات الأخيرة حالة من الهدوء النسبي بين رجال الدين والممثلين، وصدرت العديد من الفتاوى التي أباحت العمل بالتمثيل. من تلك الفتاوى، التي أصدرها الشيخ السعودي ابن عثيمين اعتماداً على أن هذا النوع من الفن من الأمور الخارجة عن العبادات الشرعية "...والأصل في غير العبادات الحل والإباحة، وهذا من فضل الله عز وجل: أن يسر على العباد ما لم يحرمه عليهم، فإذا كان الأصل الحل، فإنه لا بد من إقامة الدليل على التحريم..."، وفق تعبيره.

نشر الشيخ المصري يوسف القرضاوي مضمون الحكم نفسه على موقعه الإلكتروني، وذلك عندما أجاب على سؤال من إحدى شركات الإنتاج الفني حول حكم تقديم مسلسل عن الصحابي خالد بن الوليد، فقال "...قد أصبح التمثيل في عصرنا من مميزات الحياة المعاصرة، وأصبحت له معاهده وكلياته وخريجوه، وصار له عشاقه ومريدوه، وغدت له صور شتّى في المسرح وفي الأفلام وفي المسلسلات وغيرها. كما غدا يطرق أبواب الحياة الفردية والأسرية والاجتماعية والسياسية والدولية وغيرها. وأمسى له تأثيراته الهائلة في حياة الناس إيجاباً وسلباً... واستقر الأمر على جواز التمثيل بصفة عامة، إذا كان من ورائه عظة وعبرة للناس، ولم يشتمل على منكر يُحرمه الشرع، من قول أو فعل، أو مشهد...".

في السياق ذاته، أفتى علي جمعة، مفتي الديار المصرية السابق بأن التمثيل في حد ذاته ودراسته واستعماله من أجل إيصال الخير للناس "لا بأس به". ك

ما قال الداعية الإسلامي المصري خالد الجندي، إن "الفن بشكل عام، ومهنة التمثيل خاصة، ليست حراماً، إذا كان في النطاق المقبول والمحترم والهادف، لأن الفن رسالة قيّمة، إذا تم استخدامها بشكل صحيح".

وتابع أن التمثيل "جزء وأداة من أدوات الفن، وتعريف التمثيل، هو ضرب المثل، وهذا الضرب مذكور في القرآن، حيث قال الله تعالى "ويضرب الله الأمثال للناس"، وعندما وصف الله نوره، ضرب مثلاً أيضاً عندما قال في كتابه "مثل نوره كمشكاة"، وأن "الله عندما كان يرسل الملائكة إلى الرسل، كانت تتجسد في شكل البشر، مثل سيدنا جبريل، عندما نزل على سيدنا محمد".

يبدو موقف رجال الدين من التمثيل أكثر قبولاً في الأوساط الشيعية. على سبيل المثال، أجاب المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني على سؤال حول حكم التمثيل الفني في المسرح أو التلفزيون بكونه "حلالاً".

كما أباح تمثيل دور المرأة بواسطة الرجل ولم ير أن ذلك التمثيل يدخل في باب التشبيه المنهي عنه في الحديث "لَعنَ رسُولُ اللَّهِ المُتَشبِّهين مِن الرِّجالِ بِالنساءِ، والمُتَشبِّهَات مِن النِّسَاءِ بِالرِّجالِ".

من جهة أخرى، أفتى السيستاني بجواز تجسيد الأنبياء على الشاشة بشرط مراعاة "مستلزمات التعظيم والتبجيل"، وعدم اشتماله "على ما يسيء إلى صورهم المقدسة في النفوس".