ناظم الغزالي متوسطاً زوجته سليمة مراد والمطربة اللبنانية هيام يونس
ناظم الغزالي متوسطاً زوجته سليمة مراد والمطربة اللبنانية هيام يونس

مع بدايات القرن العشرين، وفي أحد أحياء بغداد التي عاش فيها اليهود العراقيون، ولدت سليمة مراد في أجواء مفعمة بالطرب، فأخذت تستمع في الحي الذي عاش فيه كبار العازفين اليهود، إلى المقام العراقي والبستات القديمة، ونما في أذن الطفلة حب الطرب والغناء.

في شبابها، ومع تقديمها حفلات في البيوت، بدأت شهرة سليمة بالانتشار بشكل كبير، حتى بلغت في الثلاثينيات أشهر مسارح الملاهي الليلية في بغداد، وصارت أغنياتها التي كتبها أشهر شعراء الأغنية العراقية (على رأسهم عبد الكريم العلاّف)، ولحّنها أهمّ الملحنين (بينهم صالح الكويتي)، على كل لسان.

وتحوّلت الشابة شيئاً فشيئا إلى "رقم صعب" في عالم الغناء العراقي، حتى أن نقادا ومؤرخين وصفوها بأنها "أستاذة في فنّ الغناء".

ونُسجت روايات حول عظمة سليمة مراد، بينها حكاية عن غناء أم كلثوم واحدة من أشهر أغنياتها "قلبك جلمود صخر"، خلال زيارة "كوكب الشرق" إلى بغداد عام 1932، ولكن هذه الحكاية ليست موثقة بشكل يحسم دقّتها من عدمه، خصوصاً أن توابل كثيرة أضيفت إلى الحكاية، منها أن أم كلثوم عجزت عن أداء الأغنية بسبب صعوبتها وأنها سجلتها بعد عودتها إلى مصر على أسطوانة من دون أن تذكر صاحبتها، والتسجيل المزعوم غير متوفر، فيما الأغنية الأصلية متوفرة وهو ما يضعف الحكاية.

 

لكنه لا ينتقص من مكانة مراد التي شقّت طريقها لتصبح بالنسبة إلى العراقيين، بمقام أم كلثوم بالنسبة إلى المصريين. وقد وهبها رئيس الوزراء العراقي آنذاك نوري السعيد لقب "باشا"، وكانت أول امرأة عراقية تنال هذا اللقب المرتبط بالرجال.

وقد ارتقت "الباشا" سلّم النجاح في بغداد مع أغنيات لاقت شهرة واسعة، مثل "هذا مو إنصاف منك" و"غني يا قلبي بهالفرح" و"خدري الشاي خدري" و"على شواطئ دجلة مرّ"، وأصبحت من أوائل النساء اللواتي اقتحمن عالم الغناء بعد أن كان حكراً على الرجال في العراق، كما كانت من أوائل الفنانات العراقيات اللواتي سافرن للغناء على مسارح لندن وباريس.

وتعتبر من اليهود القلائل الذين صمدوا في العراق على الرغم من المضايقات التي تعرضوا لها لترك بلادهم في بداية الخمسينيات، وأصرّت مراد على البقاء في بغداد، وتعرّفت على المطرب العراقي الشهير ناظم الغزالي عام 1952 في أحد البيوت البغدادية وغنّيا معاً.

تروي مراد، كما ينقل الناقد الفني علي عبد الأمير في كتابه "رقصة الفستان الأحمر الأخيرة"، كيف توطّدت علاقتها بالغزالي ونشأت بينهما قصة حب انتهت بالزواج عام 1953.

ويقرأ عبد الأمير في التحليلات الاجتماعية والسايكولوجية لهذا الزواج الذي قيل إنه كان بمثابة "علاقة محسوبة"، حيث اعتبر البعض أن زواجهما رغم فارق السنّ الكبير بينهما (سليمة تكبر ناظم بأكثر من 16 عاماً)، ورغم الفارق في الدين ٠يهودية ومسلم) ورغم الفارق في الثروة (كانت من أثرياء بغداد)، كان زواجاً محسوباً جاء لمصلحة الطرفين، "فالمطربة سليمة مراد كانت دخلت مرحلة الأفول بعد سنوات طويلة من الحضور الفني والاجتماعي الطاغي، فيما كان الغزالي دخل عالم النجاح للتو، وحاجته إلى سند مادي ومعنوي كانت حاسمة لبناء سيرته".

ويتابع المدافعون عن هذا التحليل أن العلاقة هذه "عادت على سليمة باشا بفرصة البقاء وسط دائرة الشهرة والأضواء، وعلى الغزالي بخطوات سريعة وواثقة نحو مجد ثقافي اجتماعي".

فيما ذهب محللون آخرون لهذه العلاقة إلى "تفسير سايكولوجي" كما يقول عبد الأمير، وهذا التفسير يرى أن الغزالي وجد في سليمة مراد جانباً مفقوداً في حياته، "فرأى فيها بعض حنان الأم الذي افتقده مبكراً".

ولكن الناقد العراقي يرى أن كل هذه التأويلات وما نسج من حكايات حول زواجهما "لا يزحزح الاثنين من موقعيهما البارزين في تاريخ الأغنية العراقية المعاصرة".

وبالفعل، فإن العلاقة بين مراد والغزالي استمرت عشر سنوات حتى موت الغزالي المفاجئ، وكانت مراد قد تأخرت عنه في بيروت، لتعود بالطائرة إلى بغداد بعد أن كان قد سبقها.

لكنها حينما وصلت إلى بيتهما، الذي تحوّل في فترة زواجهما إلى ملتقى ثقافي، رأت جمعاً من الناس أمام الباب، ولمحت في العيون، على ما يروي عبد الأمير عنها، "ما يشير إلى وقوع كارثة".

وتتابع مراد كيف تلقّت الخبر المفجع: "دخلتُ كالمجنونة أركض إلا أن أختي روزة فاجأتني قبل أن اسألها، بحقيقة المأساة".

اعتزلت الغناء بعد موت زوجها، كأنها تعبّر بصمتها عن الغناء وانسحابها من تحت الأضواء، عن مدى حبها وارتباطها بالغزالي الذي شكّلت معه ثنائياً فنياً استثنائياً يصعب أن يتكرر، وتوفيت في عام 1974 لتدفن إلى جانبه في إحدى مقابر بغداد.

مواضيع ذات صلة:

صورة تعبيرية تجمع بين العالمين المسلمين يوسف القرضاوي وعلي السيستاني
صورة تعبيرية تجمع بين العالمين المسلمين يوسف القرضاوي وعلي السيستاني

في العصور الوسطى، عرف المسلمون بعض الفنون التي تضمنت التمثيل بشكل أو بآخر، منها مسرح "خيال الظل" الذي ظهر في قصور أمراء العصر الفاطمي في القرن السادس الهجري، وفن "الأراجوز" الذي عُرف خلال العصرين الأيوبي والمملوكي وانتشر على نطاق واسع في العصر العثماني.

في القرن التاسع عشر الميلادي، بدأ التمثيل يأخذ مكانة مهمة في المجتمعات الإسلامية، باعتباره أحد الفنون المعروفة التي تمكنت من حصد إعجاب الجماهير.

في هذا السياق، اشتهرت أعمال السوري أبو خليل القباني، الذي يُعدّ أول من أسّس مسرحاً عربياً في دمشق، واللبناني مارون النقاش الذي مثّل أول رواية عربية عام 1848، والمصري عبد الله النديم الذي مثّل روايتي "الوطن" و"العرب" في مسرح "زيزينيا" بمدينة الإسكندرية وحضرها الخديوي إسماعيل.

على الرغم من كثرة الأعمال المسرحية والسينمائية والتلفزيونية التي قدمها الفنانون في العالم العربي، إلا أن النظرة العامة للتمثيل أُحيطت بالعديد من علامات الشك والارتياب من قبل علماء مسلمين ورجال دين عارضوا هذا الفن حتى أنهم أفتى بحُرمته.

في المقابل، كانت هناك فتاوى إسلامية أباحت التمثيل، والغناء أيضاً كما أسلفنا في مقال سابق نُشر على موقع "ارفع صوتك". 

 

الرفض: الرأي التقليدي

في كتابه "تاريخ آداب اللغة العربية"، عمل الأديب اللبناني جرجي زيدان على تفسير الرفض التقليدي لفن التمثيل في الأوساط الإسلامية، فقال إن "فن التمثيل من الفنون القديمة في قارة أوروبا منذ عهد اليونان، ونقل العرب في صدر الدولة العباسية علوم اليونان الطبيعية والفلسفية والرياضية، وتجاهلوا نقل أكثر آدابهم الأخلاقية، أو الشعرية والتاريخية، ومن جملتها التمثيل".

يفسر ذلك التجاهل بقوله "لعل السبب، تجافي المسلمين عن ظهور المرأة المسلمة على المسرح، فأزهر التمدن الإسلامي وأثمر وليس فيه ثمة تمثيل...".

بشكل عام، تعرض الممثلون والفنانون العرب للتجاهل والرفض بشكل واسع من قِبل المؤسسات الدينية الإسلامية لفترات طويلة من القرن العشرين. حيث أصدر بعض رجال الدين فتاواهم الرافضة لممارسة التمثيل، وعدّوه من "خوارم المروءة"، ومن أسباب سقوط الشهادة في المحاكم الشرعية.

يُعبر الشيخ السعودي بكر أبو زيد عن تلك الرؤية في كتابه "حكم التمثيل"، فيذكر أن التمثيل نوع من أنواع الكذب، ويستشهد بالحديث المنسوب للصحابي عبد الله بن مسعود "الكذب لا يصلح في جد ولا هزل، ولا يَعد أحدكم صبيّه شيئاً ثم لا يُنجزه"، يتابع بعدها "...وعليه فلا يمتري عاقل، أن (التمثيل) من أولى خوارم المروءة، ولذا فهو من مُسقِطات الشهادة قضاء، وما كان كذلك، فإن الشرع لا يُقرّه في جملته. ومن المسلمات أن التمثيل لا يحترفه أهل المروءات، ولا من له صفة تذكر في العقل والدين...".

الرأي نفسه، ذهب إليه المفتي الأسبق للمملكة العربية السعودية عبد العزيز بن باز. جاء في إحدى فتاواه: "...الذي يظهر لنا أن التمثيل من باب الكذب، التمثيل أنه يمثل عمر، أو يمثل أبا جهل، أو يمثل فرعون، أو يمثل النبي، كلها في ما نعلم وفي ما نفتي به أنها من الكذب، يكفي الآخرين ما كفى الأولين...".

من محمد عبده إلى كمال الحيدري.. فتاوى أباحت الرسم والنحت
عرفت فنون الرسم والتصوير والنحت حضوراً قوياً في الثقافة الأوروبية في العصور الوسطى، وتماشى هذا الحضور مع غلبة المعتقدات الدينية المسيحية التي لا ترى بأساً في تصوير الإنسان والكائنات الحية، على النقيض من ذلك، ظهرت معارضة قوية لتلك الفنون في البلاد الإسلامية.

 

تصاعد الجدل بين الممثلين ورجال الدين

شهدت العقود السابقة اشتعال الجدل بين الممثلين ورجال الدين بسبب عدد من الأعمال الفنية السينمائية والتلفزيونية. وكانت ظاهرة تمثيل الأنبياء والصحابة أحد أهم الأسباب المثيرة للجدل والنقاش بين الطرفين>

وفيما حاول الممثلون تجسيد الشخصيات الدينية الروحية الأكثر تأثيراً في أعمالهم، فإن رجال الدين المسلمين -على الجانب الآخر- رفضوا ذلك بشكل كامل، وأصروّا أن تبقى الشخصيات بعيدة عن أي تجسيد أو تمثيل للحفاظ على القداسة المرتبطة بها في الوجدان المسلم.

بشكل عام، تعود فكرة تجسيد الأنبياء بشكل درامي لفترة مبكرة من عمر الصناعة السينمائية في البلاد العربية. ففي عام 1926، عُرض على الممثل المصري يوسف بك وهبي تمثيل شخصية الرسول محمد من قِبل شركة إنتاج ألمانية- تركية.

وافق وهبي في البداية وانتشر الخبر في الصحف، حتى خرج الأزهر وهاجم المشروع. كتب وهبي في مذكراته أنه اعتذر عن بطولة العمل بعدما تلقى تهديداً من جانب الملك فؤاد ملك مصر -آنذاك- بالنفي والحرمان من الجنسية المصرية.

لا ننسى أن تلك الأحداث وقعت بعد سنتين فحسب من سقوط الدولة العثمانية، كان الملك فؤاد وقتها يسعى للحصول على لقب "الخليفة"، وكان من المهم بالنسبة له أن يظهر في صورة "المدافع عن الإسلام والنبي" ضد أي تشويه محتمل.

في خمسينيات القرن العشرين، جُسدت شخصيات بعض الصحابة درامياً. على سبيل المثال قدمت السينما المصرية فيلم "بلال مؤذن الرسول" سنة 1953، وفيلم "خالد بن الوليد" سنة 1958 من بطولة وإنتاج وإخراج الممثل المصري حسين صدقي. عُرف صدقي بتوجهاته الإسلامية في الفترة الأخيرة من حياته، وكان اختيار شخصية خالد بن الوليد تحديداً لتجسيدها في عمل سينمائي أمراً مفهوماً لما لتلك الشخصية من حضور طاغٍ في الثقافة الإسلامية السنيّة التقليدية.

تفجر الجدل مرة أخرى حول تجسيد شخصيات الصحابة في سبعينيات القرن العشرين. في تلك الفترة أُعلن الاتفاق على تصوير فيلم "الرسالة" بنسختيه العربية والإنجليزية للمخرج السوري مصطفى العقاد، واختيرت نخبة من الفنانين العرب والأجانب للمشاركة في تقديم هذا المشروع الضخم.

شاع حينها أن صناع العمل حصلوا على موافقة الأزهر، مما أثار رفضاً من جانب الكثير من رجال الدين. مثلاً، أرسل الشيخ السعودي عبد العزيز بن باز إلى شيخ الأزهر رسالة يستهجن فيها الموافقة على الفيلم، جاء فيها "من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المُكرم صاحب السماحة الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الجامع الأزهر… فإني أستغرب إقرار الأزهر لإخراج الفيلم المذكور؛ فإن كان ما نُسب إليه صحيحاً فإني أطلب من فضيلتكم العمل على سحب الفتوى الصادرة من الأزهر في هذا الشأن إن أمكن ذلك، أو إبداء رأيكم في الموضوع براءةً للذمة، وخروجاً من التبعة، وتعظيماً للنبي وأصحابه –رضي الله عنهم– وصيانةً لهم عن كل ما قد يؤدي إلى تنقصهم بوجه من الوجوه…".

تسببت ردود الأفعال الغاضبة في إعلان الأزهر رفضه مشروع الفيلم، فأصدر الشيخ عبد الحليم محمود بياناً وقعه معه مجمع البحوث الإسلامية في القاهرة، ورد في نصّه: "نعلن عدم الموافقة على إنتاج فيلم بعنوان (محمد رسول الله) أو أي فيلم يتناول بالتمثيل-على أي وضع كان- شخصية الرسول- صلى الله عليه وسلم- أو شخصيات الصحابة- رضي الله عنهم".

علل البيان الرفض بأن تلك الأفلام "تحط من قدر هذه الشخصيات المقدسة في نظر المسلم".

استجاب الملك الحسن الثاني ملك المغرب الراحل لنداء الشيخ محمود ومنع تصوير الفيلم في المغرب، وتم استكمال التصوير بعدها في ليبيا بدعم من نظام الرئيس الليبي السابق معمر القذافي.

لم ينته الصدام بين الممثلين ورجال الدين عند هذا الحد. فعلى مدار السنوات الماضية، شهدت أروقة المحاكم وصفحات الجرائد وقائع الجدل المتصاعد حول العديد من الأعمال الفنية التي لم تحصل على موافقة الرقابة الأزهرية، منها فيلم "القادسية"، من إنتاج دائرة السينما والمسرح العراقية سنة 1981، الذي جسد شخصية الصحابي سعد بن أبي وقاص، وفيلم "المهاجر" 1994، الذي قيل إنه "يصور سيرة حياة النبي يوسف".

من جهة أخرى، اُتهم العديد من الممثلين بالدعوة لـ"إشاعة الفحشاء والإباحية والعُري" من قِبل بعض رجال الدين، وارتبطت تلك الاتهامات بظاهرة "حجاب واعتزال الفنانات" التي تصاعدت في حقبة الثمانينيات.

وقيل وقتها إن "وراء تلك الظاهرة جماعات إسلامية تدفع أموالاً طائلة للفنانات المحجبات مقابل حجابهن وابتعادهنّ عن الوسط الفني".

 

فتاوى أجازت التمثيل

شهدت السنوات الأخيرة حالة من الهدوء النسبي بين رجال الدين والممثلين، وصدرت العديد من الفتاوى التي أباحت العمل بالتمثيل. من تلك الفتاوى، التي أصدرها الشيخ السعودي ابن عثيمين اعتماداً على أن هذا النوع من الفن من الأمور الخارجة عن العبادات الشرعية "...والأصل في غير العبادات الحل والإباحة، وهذا من فضل الله عز وجل: أن يسر على العباد ما لم يحرمه عليهم، فإذا كان الأصل الحل، فإنه لا بد من إقامة الدليل على التحريم..."، وفق تعبيره.

نشر الشيخ المصري يوسف القرضاوي مضمون الحكم نفسه على موقعه الإلكتروني، وذلك عندما أجاب على سؤال من إحدى شركات الإنتاج الفني حول حكم تقديم مسلسل عن الصحابي خالد بن الوليد، فقال "...قد أصبح التمثيل في عصرنا من مميزات الحياة المعاصرة، وأصبحت له معاهده وكلياته وخريجوه، وصار له عشاقه ومريدوه، وغدت له صور شتّى في المسرح وفي الأفلام وفي المسلسلات وغيرها. كما غدا يطرق أبواب الحياة الفردية والأسرية والاجتماعية والسياسية والدولية وغيرها. وأمسى له تأثيراته الهائلة في حياة الناس إيجاباً وسلباً... واستقر الأمر على جواز التمثيل بصفة عامة، إذا كان من ورائه عظة وعبرة للناس، ولم يشتمل على منكر يُحرمه الشرع، من قول أو فعل، أو مشهد...".

في السياق ذاته، أفتى علي جمعة، مفتي الديار المصرية السابق بأن التمثيل في حد ذاته ودراسته واستعماله من أجل إيصال الخير للناس "لا بأس به". ك

ما قال الداعية الإسلامي المصري خالد الجندي، إن "الفن بشكل عام، ومهنة التمثيل خاصة، ليست حراماً، إذا كان في النطاق المقبول والمحترم والهادف، لأن الفن رسالة قيّمة، إذا تم استخدامها بشكل صحيح".

وتابع أن التمثيل "جزء وأداة من أدوات الفن، وتعريف التمثيل، هو ضرب المثل، وهذا الضرب مذكور في القرآن، حيث قال الله تعالى "ويضرب الله الأمثال للناس"، وعندما وصف الله نوره، ضرب مثلاً أيضاً عندما قال في كتابه "مثل نوره كمشكاة"، وأن "الله عندما كان يرسل الملائكة إلى الرسل، كانت تتجسد في شكل البشر، مثل سيدنا جبريل، عندما نزل على سيدنا محمد".

يبدو موقف رجال الدين من التمثيل أكثر قبولاً في الأوساط الشيعية. على سبيل المثال، أجاب المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني على سؤال حول حكم التمثيل الفني في المسرح أو التلفزيون بكونه "حلالاً".

كما أباح تمثيل دور المرأة بواسطة الرجل ولم ير أن ذلك التمثيل يدخل في باب التشبيه المنهي عنه في الحديث "لَعنَ رسُولُ اللَّهِ المُتَشبِّهين مِن الرِّجالِ بِالنساءِ، والمُتَشبِّهَات مِن النِّسَاءِ بِالرِّجالِ".

من جهة أخرى، أفتى السيستاني بجواز تجسيد الأنبياء على الشاشة بشرط مراعاة "مستلزمات التعظيم والتبجيل"، وعدم اشتماله "على ما يسيء إلى صورهم المقدسة في النفوس".