مدينة الإمارات الإنسانية تحتضن آلاف اللاجئين الأفغان منذ العام الماضي
مدينة الإمارات الإنسانية تحتضن آلاف اللاجئين الأفغان منذ العام الماضي

لا يزال ما يقرب من 6500 أفغاني تم إجلاؤهم من بلادهم إلى الإمارات بانتظار إعادة توطينهم في الولايات المتحدة بعد نحو عام على سقوط كابل في أيدي حركة طالبان.

في مجمع سكني بضواحي العاصمة أبوظبي وافقت دولة الإمارات على تحويله إلى سكن مؤقت للاجئين، حيث وصل الأفغان في الصيف الماضي بعد سقوط الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة، وفقا لبيانات وزارة الخارجية الأميركية التي لم يتم الكشف عنها سابقا وتمت مشاركتها مع شبكة "سي بي إس" الإخبارية.

كما تم إجلاء آخرين من أفغانستان الخريف الماضي على متن رحلات طيران مستأجرة تشرف عليها جماعات غير حكومية.

ويأمل هؤلاء الأفغان ومن بينهم عائلات وأفراد تعاونوا مع القوات الأميركية، في الحصول على تأشيرة هجرة خاصة للولايات المتحدة بعد فرارهم خشية من انتقام طالبان؛ لأنهم ساعدوا المجهود الحربي الأميركي في البلاد.

على عكس أكثر من 70 ألف أفغاني تم إجلاؤهم مباشرة ثم إعادة توطينهم بسرعة من قبل الولايات المتحدة العام الماضي بعد إجراء بعض التدقيق الأمني، تعرض أولئك الذين يعيشون في المدينة الإنسانية بالإمارات لمراجعة أبطأ على أساس كل حالة على حدة من قبل المسؤولين الأميركيين والتي لا تشمل ضمان إعادة التوطين في الولايات المتحدة.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية لشبكة "سي بي إس" إن الأفغان الذين تم إجلاؤهم إلى الإمارات قبل 31 أغسطس 2021، حصلوا فعليا على إذن لدخول الولايات المتحدة إذا اجتازوا بعض الفحوصات الطبية والأمنية. 

لكن أولئك الذين وصلوا بعد 31 أغسطس 2021 طُلب منهم إثبات أنهم مؤهلون للحصول على ميزة الهجرة الأمريكية مثل التأشيرة أو وضع اللاجئ.

طلب معلق

وظل طلب الطفلة الرضيعة فاطمة لدخول الولايات المتحدة لأسباب إنسانية معلقا منذ ولادتها. ففي سبتمبر المقبل، ستبلغ فاطمة عامها الأول، وكذلك طلب الهجرة الطارئ الذي تم تقديمه إلى حكومة الولايات المتحدة نيابة عنها بعد أسبوع من ولادتها.

وأظهرت وثائق حكومية أن والدي فاطمة مُنحوا إذنًا خاصًا لدخول الولايات المتحدة العام الماضي وذلك بسبب عمل والدها في القصر الرئاسي الأفغاني قبل أن تستعيد طالبان الحكم بأفغانستان.

لكن الولايات المتحدة لم تفصل بعد في الطلب المقدم نيابة عن فاطمة، التي ولدت بعد 16 يوما فقط من الموافقة على التماسات والديها. 

ووضع الانتظار لمدة 10 أشهر الأسرة في مأزق قانوني وعاطفي واختبر إيمانهم بالولايات المتحدة ووعدها بتوفير الملاذ الآمن للأفغان المستضعفين.

وقال والد فاطمة، محمد، الذي مُنح الإذن الخاص لدخول الولايات المتحدة في 1 سبتمبر 2021، "نحن في وضع سيء للغاية". 
وأضاف: "يوما بعد يوم الوضع صعب. إن الوضع تماما مثل السجن".

وظلت الأسرة عالقة في الإمارات العربية المتحدة منذ إجلائهم من أفغانستان في أكتوبر 2021. وطلبوا تغيير أسمائهم، مشيرين إلى مخاوف بشأن سلامتهم وسلامة أقاربهم في أفغانستان بسبب عمل محمد كمسؤول رفيع المستوى في القصر الرئاسي.

ويعتبر محمد وزوجته والطفلة فاطمة من بين آلاف الأفغان الذين تم إجلاؤهم والذين تقطعت بهم السبل في بلدان ثالثة منذ شهور - وفي كثير من الحالات لما يقرب من عام - ينتظرون بفارغ الصبر معرفة ما إذا كانت الولايات المتحدة ستوافق على إعادة توطينهم حتى ما يقرب من بعد عام من سقوط كابل وعمليات الإجلاء الأميركية بعد الخروج من أفغانستان.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة تراجع حالات جميع الأفغان المتبقين في المدينة الإنسانية. وأضافت أن الولايات المتحدة واصلت التعامل مع بعض الأفغان هناك، مشيرة إلى أن ما مجموعه 17 ألف من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم قد مروا عبر المدينة الإنسانية وأن معظم الذين غادروا أعيد توطينهم في الولايات المتحدة.

لكن وزارة الخارجية أقرت بأنه ليس كل الأفغان في المدينة الإنسانية مؤهلين لإعادة التوطين في الولايات المتحدة، قائلة إنها تحث الدول الأخرى على إعادة توطين هؤلاء الذين تم إجلاؤهم.

وقالت الوزارة في بيان إن "الولايات المتحدة ملتزمة تماما بدعم الأفغان في مدينة الإمارات للخدمات الإنسانية للوصول إلى وجهتهم النهائية". 

وتابعت: "نتوقع أن نرحب بآلاف من الأفراد في الولايات المتحدة على المدى القريب حيث إن التزامنا تجاه حلفائنا الأفغان مستمر".

"ظرف استثنائي"

ومن غير الواضح إلى متى ستوفر الحكومة الإماراتية السكن والضروريات الأساسية الأخرى للأفغان. 

وقالت الحكومة الإماراتية في بيان لشبكة "سي بي إس" الأميركية، إنها تعمل مع الولايات المتحدة "لإعادة توطين الأفغان الذين تم إجلاؤهم في الوقت المناسب"، مشيرة إلى أن اتفاق إيوائهم تم "على أساس مؤقت".

وأضافت: "تظل دولة الإمارات العربية المتحدة ملتزمة بهذا التعاون المستمر مع الولايات المتحدة والشركاء الدوليين الآخرين لضمان أن يعيش الأفغان الذين تم إجلاؤهم بأمان وأمن وكرامة"، قائلة إنها توفر السكن والغذاء والخدمات الصحية والاستشارات والتعليم للأفغان.

وكانت كابل سقطت في أيدي طالبان يوم 15 أغسطس 2021، وغادرت آخر الطائرات العسكرية الأميركية البلاد قبل منتصف ليل 31 أغسطس بقليل. وأثارت سيطرة طالبان السريعة على البلاد أزمة إنسانية مما أدى إلى نزوح ملايين الأفغان. 

وعبر مئات الآلاف الحدود إلى باكستان المجاورة، بما في ذلك اللاجئون غير المسجلين الذين يعيشون في ملاجئ مؤقتة وأخبروا شبكة "سي بي إس" عن محنتهم في يونيو. 

وفي قاعدة عسكرية أميركية بكوسوفو، قال الأفغان الذين تم إجلاؤهم والذين تم إخضاعهم لفحص مشدد لشبكة "سي بي إس" إنهم شعروا بأنهم "سجناء".

بالنسبة لمحمد، مسؤول القصر الرئاسي السابق، أصبح الانتظار لا يطاق، قائلا إنه عندما يرى آخرين يغادرون المدينة الإنسانية، فإن عائلته تشعر باليأس.

وقال إن الوضع تفاقم بسبب عدم السماح لهم بمغادرة المدينة الإنسانية، مضيفا: "نحن في الغرفة ليلا ونهارا". وأشار محمد إلى أن الإقامة المطولة غير المحددة المدة تضر بالصحة العقلية لأسرته.

وقالت إليزابيث ريزر مورفي، محامية جمعية المساعدة القانونية التي تمثل عائلة محمد، إن طلب الإفراج المشروط الإنساني ق فاطمة يجب أن يعطي الأولوية لخدمات الجنسية والهجرة الأمريكية (USCIS) نظرا لسنها وموافقة الوكالة على التماسات والديها.

وتابعت: "نحن نتفهم أن دائرة خدمات المواطنة والهجرة الأميركية لديها موارد محدودة بالنظر إلى عدد طلبات الإفراج المشروط المعلقة، لكن هذا الوضع يمثل ظرفا استثنائيا"، مضيفة: "من غير العدل وغير الإنساني إبقاء هذه الأسرة في طي النسيان".

وأشارت مورفي إلى أن الأسرة لديها أقارب أميركيون في نيويورك مستعدون للترحيب بهم.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.