صورة أرشيفية من قصف إيراني سابق على كويسنجق - سبتمبر 2018
صورة أرشيفية من قصف إيراني سابق على كويسنجق - سبتمبر 2018

استهدف قصف إيراني بطائرات مسيرة وصواريخ، الأربعاء، مواقع في إقليم كردستان العراق المجاور، حيث تتمركز تنظيمات معارضة كردية إيرانية تندد باستمرار بقمع التظاهرات في إيران، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى.

وأعلنت وزارة الصحة في إقليم كردستان، الأربعاء، عن مقتل ٩ أشخاص وإصابة ٣٢ آخرين جراء القصف الإيراني لمناطق في الإقليم.

وتسبب القصف بأضرار ودمار مبانٍ في منطقة زركويز على بعد نحو 15 كلم من مدينة السليمانية حيث توجد مقار عدة أحزاب كردية إيرانية معارضة مسلحة يسارية، لا سيما حزب كومله - كادحو كردستان. 

وتعرضت منطقة شيراوا في محافظة أربيل كذلك للقصف. وقال رئيس حزب الحرية الكردستاني - الإيراني المعارض حسين يزدان، إن "مقراتنا في منطقة شيراوا التابعة لمحافظة أربيل ...تعرضت لقصف من جانب إيران". 

من جانبه، أعلن التلفزيون الإيراني الرسمي أن "القوات البرية للحرس الثوري استهدفت عدة مقرات لإرهابيين انفصاليين في منطقة شمال العراق بصواريخ دقيقة ومسيّرات مدمِّرة". 

وقال سوران نوري، عضو "الحزب الديمقراطي الكردستاني" الإيراني، إن الضربات تركزت في ساعة مبكرة من صباح، الأربعاء، على منطقة كويه الواقعة على بعد نحو 60 كيلومترا شرق أربيل، حسب "أسوشيتد برس".

ويعد الحزب الذي يعرف اختصارا باسم (كيه دي بي آي)، قوة معارضة مسلحة يسارية محظورة في إيران.

وأعلن الحزب الديمقراطي الإيراني، في بيان عن مقتل اثنين من عناصره.

وقال قائد الدفاع المدني في كوية الجنرال غوران أحمد إن شخصين قتلا وأصيب سبعة على الأقل، وفقا لـ"أسوشيتد برس".

وكانت شبكة روداو التلفزيونية الكردية قد أفادت عن إصابة 15 شخصا.

وقال نوري إن ضربات الطائرات المسيرة استهدفت معسكرا ومنازل ومكاتب ومناطق أخرى حول كوية، مشيرا إلى أن "الهجوم لا يزال مستمرا".

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بصور ومقاطع فيديو ترصد عملية إخلاء مدرسة بمحافظة أربيل بإقليم كردستان، بعد القصف الإيراني للمنطقة.

وظهر في مقطع متداول، حالة "الهلع والخوف" لدى الأطفال في مدرسة في أربيل بعد القصف الايراني الذي استهدف المدينة بصورة كثيفة.

وتسبب القصف الإيراني في حالة هلع بصفوف سكان المناطق السكنية القريبة من مواقع الاستهداف، وفقا لمراسل الحرة.

وقالت مديرية الدفاع المدني في قضاء كويسنجق أن نحو عشرين صاروخا استهدف مواقع الحزب الديمقراطي الإيراني "أزادي" في القضاء التابع لمحافظة أربيل.

واستهدفت عشر مسيرات إيرانية مواقع حزب كوملة الإيراني في قرية زركويز، جنوب شرق السليمانية.

وقال عضو بارز في حزب كوملة الكردي الإيراني المعارض لرويترز إن عددا من مكاتبهم تعرضت للقصف صباح الأربعاء وسقط ضحايا وأضرار مادية.

وتتهم إيران معارضين إيرانيين مسلحين من الأكراد بالضلوع في الاضطرابات المستمرة في البلاد، لا سيما في شمال غرب البلاد حيث يعيش معظم أكراد إيران البالغ عددهم عشرة ملايين نسمة، وفقا لـ"رويترز".

وشن الحرس الثوري الإيراني يومي السبت والاثنين الماضيين موجة من الضربات بطائرات مسيرة وقصف مدفعي استهدفت مواقع كردية، وفقا لـ" أسوشيتد برس".

وتتخذ أحزاب وتنظيمات معارضة كردية إيرانية يسارية من إقليم كردستان العراق مقراً لها، وهي أحزاب خاضت تاريخياً تمرداً مسلحاً ضدّ النظام في إيران على الرغم من تراجع أنشطتها في السنوات الأخيرة، بحسب فرانس برس.

لكن هذه التنظيمات لا تزال تنتقد بشدّة الوضع في إيران على وسائل التواصل الاجتماعي.

وينشر حزب كومله الكردي الإيراني، الذي خاض تاريخياً تمرداً ضد النظام في إيران، بشكل يومي مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي ومعلومات بشأن التظاهرات التي تشهدها إيران منذ عشرة أيام، بعد وفاة أميني. 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.