صورة أرشيفية لجفاف نهر عراقي بسبب التغيرات المناخية
صورة أرشيفية لجفاف نهر عراقي بسبب التغيرات المناخية - تعبيرية

كشفت نتائج تقرير حديث، أن غالبية مواطني دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قلقون إزاء الوضع البيئي ببلادهم وواعون بحجم التحديات المرتبطة بموضوع التغير المناخي، غير أن تصنيف ملف البيئة، يأتي في قاع الأولويات التي يريد سكان المنطقة أن يتوجه إليها الإنفاق الحكومي.

وبالرغم من أن مواطني المنطقة يدعمون المزيد من التحركات الحكومية في مواجهة تغير المناخ، أشارت نتائج استطلاع البارومتر العربي، إلى أنهم ينظرون إلى أن قضايا أخرى أكثر إلحاحا وأهمية، مثل انعدام الأمن الغذائي، والتعليم والدعم الاجتماعي للفئات الضعيفة.

وشارك في استطلاع البارومتر العربي 26 ألف مواطنا من بلدان الأردن، والجزائر، والسودان، والعراق، والكويت، والمغرب، وتونس، وفلسطين، ولبنان، وليبيا، ومصر، وموريتانيا، وقُدمت أبرز نتائجه في تقرير بعنوان "الرأي العام تجاه البيئة والتغير المناخي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".

"الماء.. التحدي الأكبر"

ويَعتبر أكثر من ثلث المواطنين في كل الدول المستطلعة أن قضايا المياه أكبر تحدٍ بيئي يواجه بلدهم، غير أنهم يختلفون في تصوراتهم حول القضايا المائية الأكثر إلحاحا في مجتمعاتهم، بين تلوث مياه الشرب وتلوث البحار والشواطئ أو نقص الموارد المائية.

بمصر والعراق وتونس والسودان والأردن، يذكر حوالي نصف المشاركين تلوث مياه الشرب باعتباره "المشكلة المائية الأبرز"، ونفس الأمر بلبنان وفلسطين. أما بالكويت وليبيا، يعتبر تلوث البحار والشواطئ أكبر مشكلة، بينما يعرب الموريتانيون والجزائريون عن قلق أكبر إزاء نقص موارد المياه، قياسا إلى القلق تجاه أي تحديات مائية أخرى.

في تعليقه على نتائج الاستطلاع، يبرز سعيد قروق، أستاذ الجغرافيا وعلم المناخ بجامعة الحسن الثاني بالمغرب، أن سكان المنطقة العربية والمغاربية، يعانون من تبعات الاحترار الأرضي على أكثر من صعيد، أهمها المرتبطة بالماء، الذي تشمل انعكاساته مختلف أنشطة الإنسان، مشيرا إلى أن هذه المادة الحيوية "عامل بيئي وتنموي مهم وشرط أساسي للحياة".

ويؤكد أستاذ علم المناخ في تصريح للحرة، إلى أن تراجع الثروات المائية، يهدد من جهة الاستقرار البيئي للمنطقة، كما أن له تبعات مباشرة على الأمنين الغذائي والاجتماعي بصفة عامة، غير أنه يلفت إلى "تأثيرات لا يلامسها المواطن العادي ولا يقاربها السياسي وهي المتعلقة بالآثار بعيدة المدى".

وتخص هذه الأخيرة ما يعتبرها المتحدث "ارتفاع الهشاشة البيولوجية للأفراد"، والتي تتعلق بـ"ارتفاع الضغط الطبيعي على الإنسان، وتأثيراته على اتوازنه البيولوجي، من خلال تطور مركبات أمراض جديدة، بسبب التغيرات الحرارية والرطوبة وغياب التوازن في المكونات العامة للبيئة".

ويتوقع الجامعيّ المغربي ارتفاع قوة وعنف الظواهر المرتبطة بالاحترار الأرضي والدورة المائية خلال الفترة المقبلة، وذلك في نموذجيها المتضادين، إما انعدام المياه والجفاف أو حضورها بقوة على شكل فيضانات في أماكن غير مرتقبة، كما هو الشأن بالنسبة لظهور فيضانات غير معتادة ببلدان خليجية مثلا".

"الإنفاق الحكومي"

تسببت تأثيرات تغير المناخ بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في ارتفاع عدد الكوارث الطبيعية بثلاث مرات منذ ثمانينات القرن الماضي، مخلفة خسائر سنوية تتجاوز مليار دولار في المتوسط. ومع تدهور الأنظمة البيئية البحرية والساحلية، وارتفاع درجات الحرارة، وزحف التصحر، وشح المياه، وتلوث الهواء والتعداد السكاني، تحولت المنطقة إلى واحدةً من أكثر مناطق العالم هشاشة من الناحية المناخية، حسب معطيات البنك الدولي.

أمام هذه المعطيات، أعرب مواطنو الدول الـ12 التي شملها التقرير عن رغبتهم في أن تبذل حكوماتهم المزيد من الجهود لمواجهة تغير المناخ؛ وتتباين مستويات هذه الرغبة من بلد لآخر، منتقلة من قرابة الثلثين (64 بالمئة) في تونس، إلى 4 من كل 10 أشخاص (أي 39 بالمئة) في الأردن، ويدعم توجه بذل جهود الجهود 62 بالمئة من المستجوبين الجزائريين،و 55 بالمئة بالكويت، والنصف تقريبا في كل من موريتانيا (52 بالمئة) ومصر (52 بالمئة) والعراق (49 بالمئة) ولبنان (48 بالمئة( فيما تنخفض النسب نسبيا بالسودان لتصل إلى 41 بالمئة، ثم المغرب بـ40 بالمئة.

وتشير ملاحظات التقرير إلى أن دعم المواطنين لحكوماتهم لبذل المزيد من الجهود للتعامل مع التغير المناخي، يرتفع في المناطق الحضرية وفي أوساط المتعلمين والقادرين على تغطية مصاريفهم في أغلب الدول. لكن بالمقارنة بقضايا أخرى، مثل انعدام الأمن الغذائي أو الدعم والمساعدات أو التعليم، يأتي تصنيف ملف البيئة في قاع أولويات الإنفاق الحكومي.

في هذا السياق، ورغم أن الكثير من المواطنين في كافة دول الاستطلاع يرغبون في أن تلتزم الحكومات أكثر بمكافحة تغير المناخ، فهناك ً تحديات أكثر إلحاحا حصدت مستوى أولوية أعلى. ففي إجابتهم عن سؤال حول أهم أولويات الإنفاق الحكومي في نظر المواطن، يذكر أقل من 1 من كل 10 أشخاص عبر المنطقة ملف الحد من التلوث البيئي.

ويسري الأمر نفسه على ترتيب المواطن للمجال المفضل للمساعدات الأجنبية، أو أهم أولوية لعمل الأمم المتحدة في الملفات الاجتماعية-الاقتصادية بالمنطقة. لم يقل أكثر من 1 من كل 10 أشخاص في أي دولة إن حماية البيئة أو التعامل مع التغير المناخي هو القضية الأكثر إلحاحا ً، قياسا إلى قضايا مثل التنمية الاقتصادية أو إصلاح التعليم.

ولتدخل الحكومات وتدخلها لبذل جهود استباقية، "أهمية كبرى" حسب الخبير المناخي، محمد بنعبو، وذلك في مواجهة أخطار التغيرات المناخية التي تطرح تحديات حقيقية ينبغي التعامل معها بالجدية المطلوبة من خلال تشخيص المشاكل وابتكار حلول استراتيجية مناسبة وتوعية المواطنين بشأنها، خاصة في التعامل مع ندرة مشاكل ندرة المياه والجفاف.

"وعي بالمسؤولية"

يتفق مواطنو جميع الدول التي شملها الاستطلاع على أنهم مسؤولون كأفراد مع الحكومات عن الإسهام في التحديات البيئية التي تواجه المنطقة، ويشير الاستطلاع إلى أن هذا الرأي سائد بغض النظر عن الاختلافات الديمغرافية في أغلب الدول المستطلعة حيث يتفق الناس عموما مع هذا الرأي رغم الاختلافات في السن ومستوى التعليم والدخل والنوع الاجتماعي.

يرى عدد كبير من المشاركين في أغلب دول الاستطلاع، أن عدم توفر الوعي البيئي بين المواطنين مسألة تسهم بدرجة كبيرة أو متوسطة في التحديات البيئية. تبلغ هذه النسبة أقصاها في الكويت حيث يعتنق هذا الرأي 89 بالمئة من الناس، ثم العراق (85 بالمئة) وتونس (84 بالمئة). أدنى نسبة كانت في موريتانيا، بأكثر من النصف بقليل (58 بالمئة) والمغرب (62 بالمئة).

ويكشف عدد مهم  المواطنين عبر منطقة "مينا" أنهم يعيدون استخدام المواد الأساسية مثل القوارير الزجاجية أو البلاستيكية. هذا صحيح بصورة خاصة في أوساط من لا يستطيعون تغطية مصاريفهم، ما يعكس ويوضح الدوافع وراء هذا السلوك.

ويبرز الكثير من الناس في أغلب الدول المشمولة بالاستطلاع ممن يعيدون استخدام القوارير إنهم يقومون بذلك لتوفير النقود أو لأن هذا السلوك عملي، باستثناء الكويت التي يقول نصف المواطنين تقريبا إنهم يفعلون هذا لحماية البيئة.

في هذا الجانب، يؤكد الخبير المناخي محمد بنعبو، على أهمية وعي المواطنين وتبنيهم سلوكيات صديقة للبيئة في مواجهة  التلوث وتقليص الانبعاثات الغازية التي تتسبب في تركيز الغازات الدافئة في الغلاف الجوي، ويشير المتحدث ذاته إلى أن "الأنشطة البشرية مساهم حقيقي في المآسي التي يعيشها العالم اليوم، بالتالي الحكومات مطالبة إلى جانب الاستثمار في استراتيجيات التحول الطاقي، الاستثمار كذلك في حملات تحسيسية وتوعوية بقضايا البيئة والمناخ".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.