صورة أرشيفية من المناطق التي سيطر عليها داعش في سوريا
صورة أرشيفية من المناطق التي سيطر عليها داعش في سوريا

تشير تقارير عدة إلى أن تنظيم "داعش" كثف من عمليات الخطف والقتل والهجوم على المستشفيات والتهريب عبر الحدود، خلال الأيام الماضية، مع انشغال العالم بكارثة الزلزال في تركيا وسوريا، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان التنظيم يحاول إعادة تنظيم نفسه. 

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الاثنين، بأن التنظيم قتل 10 مدنيين، إضافة إلى عنصر من قوات النظام السوري في هجوم شنه في وسط سوريا، وسط الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد.

وهاجم "داعش" نحو 75 شخصا، السبت، في منطقة تدمر بريف حمص الشرقي، ما أدى إلى مقتل 10 مدنيين منهم بينهم امرأة، إضافة إلى عنصر من قوات النظام، فيما لايزال آخرون في عداد المفقودين، حسبما أعلن المرصد السوري. 

وأفادت وكالة الأنباء السورية "سانا"، الجمعة، بمقتل 53 شخصا في مدينة السخنة بريف حمص الشرقي، في هجوم نفذه "داعش". 

وقالت إن الضحايا كانوا "يجمعون فطر الكمأة" في منطقة الضبيات جنوب مدينة السخنة، حيث تعرضوا لإطلاق نار بالأسلحة الرشاشة.

ونقلت الوكالة عن أحد الناجين قوله إن عناصر تنظيم "داعش" أحرقوا سيارات المواطنين بالموقع.

ونفذ نزلاء سجن في شمال غرب سوريا، في 13 فبراير الجاري، عصيانا بعد الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة، حيث تمكن 20 منهم على الأقل من الفرار من المنشأة التي تضم سجناء، غالبيتهم ينتمون لـ"داعش"، وفق ما أفاد مصدر في السجن لفرانس برس.

ويحتجز السجن في بلدة راجو، قرب الحدود التركية، نحو ألفي سجين، قرابة 1300 منهم يشتبه بانتمائهم للتنظيم، بحسب المصدر.

وتأتي حادثة راجو في أعقاب هجوم للتنظيم، في ديسمبر، استهدف مجمعا أمنيا في الرقة، بهدف تحرير رفاقهم من سجن هناك. وأدى الهجوم الفاشل وقتها إلى مقتل 6 من أفراد القوات التي يقودها الأكراد والتي تسيطر على المنطقة.

ويقول الباحث في شؤون الجماعات المتشددة، حسن أبو هنية، لموقع "الحرة": "شاهدنا نوعا من التصعيد في عمليات التنظيم، سواء في مناطق النظام السوري في البادية، أو مناطق قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وكذلك رأينا هجوم ديالى في العراق منذ يومين".  

واعتبر أبو هنية أن "داعش" لا يخلق الأزمات، وإنما "يبرع في استخدامها والاستثمار فيها، مثلما فعل دائما في استغلال أزمات صحية مثل وباء كورونا، أو سياسية أو اقتصادية، وبالتالي فهذه مناسبة له، مع انشغال العالم بأزمة الزلزال، وهو ما يفسح المجال للتنظيم في سهولة التحرك وبالتالي تنفيذ عمليات". 

وأوضح أنه "لا شك أن هذه الظروف مثالية من خلال إعادة الهيكلة وتنشيط خلاياه من خلال تنفيذ اغتيالات أو كمائن أو عبوات جانبية، بعد أن كثفت الولايات المتحدة، العام الماضي، استهدافها لقيادات من التنظيم، وكانت هناك عملية أمس بالتعاون مع قوات قوات سوريا الديموقراطية "قسد" لإلقاء القبض على أحد القيادات". 

وأعلنت القيادة المركزية الأميركية، السبت، إلقاء القبض على مسؤول في التنظيم في عملية نفذتها بالاشتراك مع قوات "قسد" في شرق سوريا.

وأضاف بيان للقيادة المركزية أن المسؤول، و يدعى "بتار" متورط في التخطيط لهجمات على سجون خاضعة لسيطرة "قسد" وتصنيع العبوات الناسفة.

وأشار البيان إلى أن العملية، التي نفذتها مروحية، تم التخطيط لها بشكل دقيق، ولم تؤد إلى إصابة أي من القوات الأميركية أو من قوات سوريا الديموقراطية.

ويأتي الإعلان بعد أقل من 24 ساعة على بيان من القيادة الأميركية كشفت خلاله عن مقتل قيادي بارز في صفوف "داعش"، عقب عملية إنزال جوي مماثلة قامت بها القوات الأميركية بالاشتراك مع "قسد" في شمال شرق سوريا.

وقال البيان إن الجيش الأميركي نفّذ غارة مروحية في شمال شرق سوريا، أدّت إلى مقتل قيادي بارز في صفوف التنظيم المتشدد، يدعى حمزة الحمصي، إضافة إلى جرح 4 جنود من الجيش الأميركي.

وأكد أبو هنية أن "داعش لم يعلن عن تغيير استراتيجيته منذ سقوط آخر المناطق التي كان يسيطر عليها، "الباغوز"، في 2019، حيث تحول إلى تنظيم لا مركزي، وأعاد الهيكلة، وأصبح يعتمد على حرب الاستنزاف والعصابات، وهذا يعني شن هجمات صغيرة ولكنه مثبتة ودائمة تشمل كل المناطق".

وأشار المحلل إلى أن التنظيم "يتجنب شن هجمات كبيرة مركبة انغماسية أو انتحارية أو هجينة مركبة، باستثناء بعض المرات القليلة على غرار سجن غويران في الحسكة ولاحقا الرقة". 

ويبين أبو هنية في حديث لموقع "الحرة" أن "التنظيم تحول منذ 2019 من حالة المركزية إلى اللامركزية وأصبح وجوده كتنظيم وليس كخلافة أو دولة على الأرض".

ويتابع أن "هذا الإنجاز الكبير الذي تحقق بمساعدة التحالف الدولي يتطلب مواجهة التنظيم الذي طالما كان يختفي ويظهر مجددا لوجود الأسباب التي تساعده على ذلك".

ويشير أبو هنية إلى أن "ما لم يتحقق لغاية اليوم هو المقاربة الشاملة للتعامل مع مسألة التهديد الإرهابي بشكل عام و"داعش" بشكل خاص".

ونجحت القوات الأميركية في تصفية أو اعتقال قادة من التنظيم في عمليات عدة، قتل في أبرزها زعيما التنظيم، أبو بكر البغدادي، في أكتوبر 2019، ثم، أبو إبراهيم القرشي، في فبراير 2022، في محافظة إدلب (شمال غرب).

وبحسب تقرير لمجلس الأمن الدولي، نشر في يوليو 2022، يملك التنظيم "ما بين ستة آلاف إلى 10 آلاف مقاتل منتشرين" بين سوريا والعراق، ويتركز معظمهم في المناطق الريفية، ويُقدّر أن "معظمهم مواطنون سوريون وعراقيون". 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".