كاليفورنيا وميشيغان ونيويورك هي الولايات التي تضم أكبر عدد من السكان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
كاليفورنيا وميشيغان ونيويورك هي الولايات التي تضم أكبر عدد من السكان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

كشفت أرقام أفصح عنها تقرير لمكتب الإحصاء الأميركي، أن هناك نحو 3.5 مليون شخص في الولايات المتحدة، من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. 

وتتم عملية مسح وإحصاء بيانات الأصول العرقية للمجتمع الأميركي مرة كل عشرة أعوام، وتم إصدار هذه الأرقام بناء على تعداد السكان لسنة 2020، وفق وكالة أسوشيتد برس.

إلى ذلك، لفت تقرير مكتب الإحصاء الأميركي أن الفنزويليين كانوا أسرع مجموعة من ذوي الأصول اللاتينية نموا في العقد الماضي، وكان الهنود الصينيون والهنود الآسيويون أكبر مجموعتين آسيويتين في الولايات المتحدة.

يقول مكتب الإحصاء إن التعداد السكاني لعام 2020 قدم المزيد من التفاصيل حول المجموعات العرقية والإثنية في البلاد أكثر من أي وقت مضى، حيث قدم إحصائيات لحوالي 1550 مجموعة عرقية وإثنية، على الرغم من عدم توفر بعض المعطيات في المناطق الجغرافية الأصغر، وما تفرضه سياسات السرية التي تتيح للشخص عدم الإفصاح عن عرقه.

وكان التعداد السكاني لعام 2020 هو الأول الذي سمح للمستجيبين بتعريف أنفسهم على أنهم قادمون من إحدى دول الشرق الأوسط أو شمال إفريقيا. 

وتم تشجيع المشاركين على كتابة خلفياتهم بالتدقيق، إذا كانوا أردنيين أو مغاربة، على سبيل المثال، لكي يتم تصنيفهم بعد ذلك على أنهم من منطقة الشرق الأوسط أوشمال أفريقيا. 

وتأتي هذه النتائج في الوقت الذي تفكر فيه إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن في تحديث الفئات العرقية والإثنية في البلاد لأول مرة منذ عام 1997. 

في الوقت الحالي، يتم تصنيف سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على أنهم من البيض، لكن سيكون لديهم فئة خاصة بهم بموجب التغييرات المقترحة. 

وقالت مايا بيري، المديرة التنفيذية للمعهد العربي الأميركي، ومقره واشنطن "هذا تغيير هائل.. بالنسبة لنا، يعد هذا مؤشرا رائعا عن فئة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".

وفقا لتعداد عام 2020، فإن أكبر مجموعتين من الأشخاص الذين تم تحديدهم على أنهم من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إما بمفردهم أو بالاشتراك مع مجموعة أخرى، هم اللبنانيون، مع أكثر من 685000 شخص، والإيرانيون مع أكثر من 568000 شخص. 

وكانت الولايات التي تضم أكبر عدد من السكان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي كاليفورنيا وميشيغان ونيويورك.

اللاتينيون

كان الفنزويليون المجموعة اللاتينية الأسرع نموا، حيث تضاعفت أعدادهم ثلاث مرات تقريبا، من أكثر من 215 ألف شخص إلى أكثر من 605 ألف شخص في الفترة من 2010 إلى 2020، بفعل الفرار الجماعي من الأزمة السياسية والاقتصادية والإنسانية المستمرة منذ بداية فترة حكم الرئيس نيكولاس مادورو.

ومددت إدارة بايدن العام الماضي حالة الحماية المؤقتة للفنزويليين الذين كانوا في الولايات المتحدة في مارس 2021 أو قبله. 

وتسمح لهم هذه الحالة بالبقاء حتى مارس 2024 على الأقل.

وقال إرنستو أكرمان، رئيس مجموعة المواطنين الأميركيين الفنزويليين المستقلين، وهي مجموعة مقرها ميامي: "هذا يظهر حقا ما يحدث في فنزويلا" ثم تابع "الأمر يزداد سوءا".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

مارتن لوثر كينغ في خطابه الأشهر "لدي حلم"، أمام جماهير غفيرة من الأميركيين في العاصمة واشنطن- تعبيرية
مارتن لوثر كينغ في خطابه الأشهر "لدي حلم"، أمام جماهير غفيرة من الأميركيين في العاصمة واشنطن- تعبيرية

"إذا كان بينكم من امتلك عبداً خلال حياته، فليرفع يده رجاءً"، بهذه الكلمات يبدأ الناشط والمحامي الأميركي المتخصص بقضايا العنصرية جيفري روبنسون محاضرته عن تاريخ العبودية والعنصرية في الولايات المتحدة في إحدى قاعات مسارح مدينة نيويورك.

ينتظر روبنسون لبرهة ليرى ما إذا كان أحد في الصالة سيرفع يده، ثم يكمل "ليس هناك يد واحدة ارتفعت في هذه القاعة. العبودية ليست خطأنا، لم نرتكبها، لم نتسبب بها. لسنا مسؤولين عن حدوثها، لكنها تاريخنا المشترك. وعندما نحاول أن نحوّر التاريخ أو أن نبالغ في شأنه، نكون في حالة إنكار لمن نحن عليه حقاً، ونعيق إمكانياتنا لتخطي الموضوع والسير قدماً كمجتمع وكأمّة".

قامت شبكة "نيتفلكس" بتحويل محاضرة روبنسون إلى فيلم وثائقي بعنوان "من نحن؟"، يبحث في جذور العنصرية الأميركية، ويضيء على جوانب مظلمة من تاريخ العبودية في الولايات المتحدة.

في الثاني من ديسمبر من كل عام، يحتفل العالم باليوم الدولي لإلغاء الرقّ، الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة اتفاقية الأمم المتحدة لقمع الاتجار بالأشخاص واستغلال بغاء الغير في عام 1949.

بحسب الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة، فإن "الرق تطوّر وتجلى بأساليب مختلفة عبر التاريخ. وفي وقتنا هذا، ما زالت بعض أشكال الرق التقليدية القديمة قائمة على نحو ما كانت عليه في الماضي، وتحول بعض منها إلى أشكال جديدة".

وتوثق التقارير الصادرة عن هيئات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية "استمرار وجود الأشكال القديمة من الرق المجسدة في المعتقدات والأعراف التقليدية".

ونتجت هذه الأشكال من الرق، بحسب الأمم المتحدة، عن "التمييز القائم منذ عهد طويل ضد أكثر الفئات استضعافا في المجتمعات مثل: أولئك الذين ينظر إليهم على أنهم من طبقة اجتماعية دنيا، والأقليات القبلية والسكان الأصليين".

 

العبودية في أميركا

قطعت الولايات المتحدة أشواطاً طويلة في الانتقال من العبودية إلى الحرية والديمقراطية، ولا يزال الكفاح مستمراً في البلاد منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1865، حيث كانت العبودية أحد أسباب اندلاعها، وإعلان سبع ولايات انفصالها مشكّلة الولايات الكونفدرالية، ثم انضمام أربع ولايات أخرى إليها بعد وصول أبراهام لينكولن إلى رئاسة البلاد ليتضمن برنامجه بند إلغاء العبودية، الأمر الذي رفضته الولايات الانفصالية.

وتعود جذور العبودية في أميركا إلى سنة 1619، حينما رست سفينة هولندية على متنها عشرين شخصاً جُلبوا من أفريقيا خلافاً لإرادتهم، إلى المستعمرات البريطانية في ولاية فرجينيا كعبيد.

وفي سنة 1636، جرى إطلاق أول سفينة عبودية أميركية تحت اسم "الرغبة The Desire"، تلاها إنشاء ثلاث سفن أخرى مخصصة لجلب العبيد من أفريقيا حملت أسماء "الثورة"، و"الأمل"، و"الازدهار".

هذه الأسماء، بحسب جيفري روبنسون، تشير إلى "الطريقة التي كان ينظر فيها التفوق العرقي الأبيض إلى العبودية في تلك الفترة".

ويشرح في محاضرته كيف أن العبودية كانت حاضرة في جميع أدبيات ذلك الزمن، وكانت مشرّعة عبر القوانين التي تُسنّ لإدارة العبودية وتعزيزها. وللدلالة على مدى انتشار العبودية بشكل "عادي" في تلك الفترة، فإن ثمانية من أصل أول 12 رئيساً للولايات المتحدة، كانوا مالكين لعبيد.

في سنة 1662، سنّت ولاية فرجينيا قانوناً يعتبر أبناء الأمهات المستعبدات، عبيداً أيضاً. وهدف القانون، بحسب روبنسون "تفادي أن يقوم الأطفال الذين يولدون نتيجة اغتصاب الأسياد البيض للنساء المستعبدات الأفارقة بالمطالبة بالنسب. حتى لو ولدوا بعيون زرقاء أو نمش، هذا لا يجعل منهم بشراً أحراراً بحسب ذلك القانون، بل يولدون عبيداً ويبقون عبيداً".

فرجينيا أقرت بعد ذلك قانوناً آخر يمنع العبيد من أن يصيروا أحراراً عبر اعتناق المسيحية، ويعتبر القانون أن المسيحية بمثابة "هبة من المالك إلى العبد، ولا تغيّر في طبيعة العلاقة بينهما". في 1669، أصدرت الولاية قانوناً آخر، يجيز قتل الشخص المستعبد إذا حاول مقاومة سيّده.

وفي عام 1739 اندلعت ثورة قادها "العبيد" في مدينة ستونو بولاية ساوث كارولاينا، وكانت عنيفة لدرجة أن بعض البيض قطعت رؤوسهم، بحسب روبنسون. وبعد هذه الثورة أصدرت الولاية مجموعة قوانين لـ"ضبط العبيد ومنعهم من التمرّد"، تنصّ على "ضرورة أن يبقى العبد مقيّداً وخاضعاً".

في تلك الفترة التي امتدت من عام 1619 حتى تمرير الكونغرس في 31 يناير 1865، التعديل الدستوري الثالث عشر الذي نصّ أنه "لا يسمح بالرق والتشغيل القسري إلا في حال كان بحكم قضائي، في الولايات المتحدة وفي أي مكان خاضع لسلطتها"، كانت ممارسة العبودية جزءاً من تركيبة المجتمع الأميركي، وكان العبيد جزءا من آلية الإنتاج الزراعي والصناعي، يعملون في إنتاج القطن والتبغ والحبوب، وكان هناك أسواق لبيع وشراء العبيد، كما أن شركات التأمين تبيع بوالص لتأمين حياة العبيد في حال وفاتهم، يحصل المالك بموجبها على مال التأمين.

وكانت المصارف أيضاً تقدم قروضاً لشراء العبيد بالتقسيط. وتقام أسواق العبودية في المدن الرئيسية داخل الولايات. في ولاية ساوث كارولاينا مثلاً، لا يزال متحف سوق العبودية القديم في شارلستون شاهداً على تلك الحقبة.

يقول المدير التنفيذي للمتحف ايستا كلارك خلال مقابلة ضمن الفيلم الوثائقي "من نحن؟"، إن "السوق كان يفتح لستة أيام في الأسبوع، يباع فيه عبيد من أعمار حديثي الولادة حتى سبعين سنة".

ويوضح أن العبيد لم يكونوا يمتلكون أسماء عائلات، بل يعرفون فقط بأسمائهم الأولى، وهذه الأسماء تتغير مع تغير المالك. وفي المتحف نماذج عن أصفاد معدنية كانت تستخدم لتكبيل المستعبدين بالسلاسل، بعضها صمّم ليلائم أطفالاً في عمر ثلاث أو أربع سنوات.

 

"إعلان تحرير العبيد"

بعد فترة قصيرة من تنصيب لينكولن في 1861 اندلعت الحرب الأهلية، وانضمت أربع ولايات جنوبية أخرى إلى الكونفدرالية، فيما استمرت أربع ولايات مؤيدة للعبودية شمال الجنوب الأميركي في الاتحاد.

استجاب لينكولن إلى دعوات مناهضي الرق لتحرير جميع العبيد الأميركيين بعد انطلاق الحرب الأهلية. وفي ظل استمرار الحرب، بدأت الحكومة التي سيطر عليها الجمهوريون آنذاك، تدرك المزايا الإستراتيجية لتحرير الرق المتمثلة في إضعاف الكونفدرالية من خلال تجريدها من جزء مهم من العمالة التي تعتمد عليها.

وبانسحاب 11 ولاية من الاتحاد، تقلص عدد المشرعين المؤيدين للعبودية في الكونغرس. في عام 1862 ألغى الكونغرس القوانين الخاصة بمعاقبة العبيد الفارين، وجرم العبودية في المناطق التابعة للولايات المتحدة والواقعة خارج حدودها الجغرافية، وسمح للينكولن بتجنيد العبيد المحررين في الجيش.

في الأول من يناير 1863، أصدر لينكولن إعلانا بإلغاء الرق، ودعا الجيش إلى تحرير جميع العبيد في الولايات التي لا تزال متمردة وأعلن أن أولئك العبيد الذين قدر عددهم بثلاثة ملايين أصبحوا أحرارا "الآن ومستقبلا وإلى الأبد".

بذلك نجح لينكولن في تحويل الحرب الأهلية من حرب ضد انفصال ولايات عن البلاد إلى "حرب من أجل ولادة جديدة للحرية"، مثلما قال في خطاب "غيتسبيرغ" عام 1863.

أشكال أخرى للعبودية

لم تنته العبودية بشكل حاسم وكامل بعد ذلك التاريخ، إذ استمرت في مراحل مختلفة لاحقاً، كما حصل جرّاء ما عُرف بـ"قوانين جيم كرو"، التي كرّست ممارسات عنصرية في الولايات الجنوبية خصوصاً، تمنع الاختلاط بين البيض والسود، في فصل عنصري صريح وصل حدّ منع السود من ارتياد الحانات التي يرتادها البيض أو الشرب من الماء الذي يشربونه.

ومارست هذه القوانين أبشع أنواع التهميش والإقصاء بحق الأميركيين الأفارقة واستمرت منذ 1876 وبقيت سارية في بعض الولايات حتى ستينيات القرن الماضي.

في عام 1965 كان إقرار قانون الحق في التصويت، بتوقيع من الرئيس الأميركي ليندون جونسون، نهاية مرحلة طويلة من إقصاء الأميركيين الأفارقة من حق التصويت خصوصاً في الولايات الجنوبية، ووضع قيوداً وعقوبات على الولايات التي تحاول تغيير قوانين حقوق التصويت.

إقرار هذا القانون كان نتاج نضالات طويلة خاضها السود وعلى رأسهم في تلك الحقبة الناشط السياسي مارتن لوثر كينغ، الذي ألقى عام 1963 خطابه الشهير "لدي حلم".

وبالفعل تحقق بعض من حلم كينغ مع إقرار قانون حق التصويت، لكنه ما لبث أن اغتيل في الرابع من أبريلن 1968 على يد أحد المتعصبين البيض.

كان لقانون حق التصويت الأثر الأبرز في زيادة تمثيل الأميركيين الأفارقة في مجلسيّ الشيوخ والنواب وفي إدارات الدولة ووزاراتها، وشهدت أميركا في الانتخابات الرئاسية لعام 2008 حدثاً تاريخياً تمثّل في انتخاب باراك أوباما، كأول رئيس أميركي أسود يصل إلى البيت الأبيض واستمر في المنصب لولايتين.

ولا تزال الولايات المتحدة تحرص من خلال قوانينها ومؤسساتها ومجتمعها المدني على محاربة العنصرية، التي يرى كثير من الأميركيين السود أنها لا تزال تُمارَس ضدهم، وتتمظهر خصوصاً في ممارسات الشرطة بحق السود، أبرزها ما حدث مع جورج فلويد، الذي حرّك مقتله على يد شرطي أبيض احتجاجات ضخمة في مختلف الولايات، فصارت قضيته قضية رأي عام، وحكمت المحكمة على قاتله الذي اعترف بجريمته بـ22 سنة ونصف في سجن مينيسوتا.

وفي عام 2014 أثيرت في أميركا قضية التعويضات والديون المالية المترتبة على الخزانة الأميركية لتغطية 250 عاماً من العبودية التي عانى منها السود، حيث يعتبر المطالبون بتسوية مالية لـ"أحفاد العبيد" أنها يمكن ان تعالج ما يعتبرونه "عدم المساواة العرقية" التي لا تزال حاضرة حتى اليوم في أميركا.